IMLebanon

دول الخارج تجد أنّ مفتاح “العقد الجديد” هي الإنتخابات النيابية وإلّا “ستغسل يدها من لبنان”

الكتل المسيحية و “المستقبل” من بين الخاسرين… والتمديد للمجلس مرفوض من قوى التغيير

 

قبل صدور قرار الطعن في تعديلات القانون الإنتخابي الساري رقم 44 الصادر في 17 حزيران 2017، عن المجلس الدستوري خلال الأسبوع المقبل، يُتوقّع أن يرسو موعد الإنتخابات النيابية المقبلة على تاريخ 8 أو 15 أيّار المقبل، لا سيما بعد أن أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّه لن يوقّع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إذا كان الموعد 27 آذار، على ما أقرّ مجلس النوّاب. غير أنّ الأمر المؤكّد سيصدر عن المجلس الدستوري لدى إعلان بتّه بالطعن المقدّم من قبل “التيّار الوطني الحرّ” على تعديلات القانون التي تتعلّق بموعد الإنتخابات، وبأغلبية المجلس النيابي القانونية، وبانتخاب المغتربين لـ 128 نائباً أم للمقاعد الستّ المخصّصة لهم في القانون المذكور.

 

وإذا جرت الإنتخابات في 27 آذار أو في 8 أو 15 أيّار المقبل، فإنّ الموعد غير مهمّ بالنسبة لدول الخارج، على ما نقلت مصادر سياسية عليمة، لأنّ الأهمّ عندها هو إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري وعدم تمرير هذا الإستحقاق والتمديد بالتالي للمجلس النيابي الحالي. فدول الإتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا، تُحذّر المسؤولين اللبنانيين الذين يُطالبون المجتمع الدولي بمساعدة لبنان باستمرار، من أنّه إذا لم تحصل الإنتخابات في موعدها، وجرى التمديد للمجلس النيابي، فإنّها ستوقف كلّ تعاط إيجابي معه، وهذا يعني بأنّها “ستغسل يدها من هذا البلد” كون الطبقة السياسية التي انتفض عليها الشعب اللبناني وقامت بدعمه خلال التظاهرات التي قام بها، ستبقى نفسها رغماً عن هذا الشعب.

 

وإذ تريد دول الخارج أن تجري الإنتخابات بهدف تغيير المنظومة السياسية الحالية، لا سيما الأكثرية النيابية الحالية، تقول بأنّ استطلاعات الرأي تفيد حتى الآن بمحافظة بعض الكتل النيابية على مقاعدها النيابية، ومنها الثنائي الشيعي الذي لن يخسر حجمه الشعبي، فيما سيخسر “تيّار المستقبل” الذي لا يزال يدرس حتى الآن مشاركته أو عدم مشاركته في الإنتخابات المقبلة بمرشّحين مباشرين من التكتّل أم غير مباشرين. ومن المرجّح أن تخسر الكتل المسيحية الكبرى مثل تكتّل “لبنان القوي” وكتلة “الجمهورية القويّة”، وإن بنسب متفاوتة. أمّا المجتمع المدني أو مجموعات المعارضة التي تعوّل دول الخارج على تحقيقها فوزاً ساحقاً في الإنتخابات، فتشير الإحصاءات الى أنّها لن تحصل سوى على نحو 20 مقعداً نيابياً. وهذا العدد في مجلس من 128 نائباً قد لا يُحدث التغيير السياسي المطلوب.

 

وأكّدت المصادر نفسها بأنّ دول الخارج تتمسّك بعدم تمرير إستحقاق الإنتخابات سدى لأي سبب كان، كونها تعتبر أنّ النظام الجديد أو “العقد الجديد” الذي تحدّث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء إحدى زياراته الى لبنان في العام الماضي، لا يُمكن أن يسود بالقوة، إنّما بالطرق القانونية والدستورية، وأبرز مفاتيحه الإنتخابات التي يقول فيها الشعب “الكلمة الفصل”. وإذا كان باستطاعة هذا الشعب إيصال أكثر من 20 أو 30 نائباً الى الندوة البرلمانية في مرحلة أولى خلال الدورة المقبلة (2022)، فإنّ هذا الأمر، وإن لن يكون إنجازاً، من وجهة نظرها، إلّا أنّه يُمكن البناء عليه لتوسيع حجم هذا اللوبي المستقلّ أو المعارض في المجلس النيابي خلال الدورة المقبلة (أي في العام 2026).

 

وعن إمكانية قيام بعض الأحزاب التي تخشى خسارة مقاعدها النيابية في الإنتخابات المقبلة، بعملٍ ما يؤدّي الى “تطيير” الإنتخابات، ذكرت المصادر عينها أنّ البعض منها يصرّ على إجرائها في موعدها الدستوري، لا سيما “تيّار المستقبل”، كونه يرفض التمديد للمجلس النيابي الحالي، على غرار دول الخارج التي تدعم التغيير، وفي حال جرى تأجيل الإنتخابات لأي سبب كان، فإنّ بعض الكتل ستتخذ قرار الإستقالة من المجلس تعبيراً عن رفضها تمديده لنفسه.

 

أمّا الكتل التي تخشى من نتائج الإنتخابات المقبلة على حجمها التمثيلي، فقد تجترح، على ما أضافت المصادر، سبباً ما لتعطيل الإنتخابات أو لتأجيلها الى ما بعد الإستحقاق الرئاسي الذي يُفترض أن يليها بأشهر، وهذا الأمر يدفع بالمجلس النيابي للتمديد لنفسه حُكماً تحت ذريعة “ظروف إستثنائية” أو “تقنية” أو سوى ذلك، ولمرة واحدة فقط، على غرار ما كان يجري في السابق. علماً بأنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يرفض التمديد، ويشدّد دائماً على ضرورة إجراء الإنتخابات في مواعيدها الدستورية.

 

غير أنّ التمديد قد لا يحصل، على ما عقّبت المصادر، لا سيما مع تهديد بعض الكتل بالإستقالة من المجلس في حال فكّر البعض بالتمديد له، الأمر الذي من شأنه إنقاص عدد نوّابه الحاليين بشكل كبير،علماً بأنّ عدده الحالي ينقص 12 نائباً مع استقالة 8 نوّاب ووفاة 4، ولم تُجرَ أي إنتخابات فرعية لملء هذا الشغور. وإذا ما قلّ عدد النوّاب، فإنه يصعب أن يتمكّن المجلس من التمديد لنفسه كون الأمر يحتاج الى أغلبية مطلقة.

 

وبرأي المصادر، إنّ بعض الأحزاب تتحدّث من تلقاء نفسها عن تغيير الوجوه النيابية لكي تقترب أكثر فأكثر من الشعب الذي يُطالب بدم جديد وبطبقة سياسية تُلبّي طموحاته، لا سيما في ظلّ الأزمة الإقتصادية والمالية الراهنة غير المسبوقة التي يعيشها، كما أنّ بعضها الآخر يُحاول الإندماج مع مجموعات المعارضة بهدف كسب بعض المقاعد، كما استعادة ثقة الشعب التي فقدها بسبب أدائه او مواقفه أو سياسته وسوى ذلك، وما يهمّها هو أن تجري الإنتخابات في موعدها، ولا يتمّ تأجيلها لأي سبب كان، لا سيما انتخابات المغتربين، للحفاظ على الإنتظام العام مع عدم تمرير هذا الإستحقاق المهم.

 

وتعتقد المصادر نفسها بأنّ القانون الحالي يغذّي الشحن الطائفي ويخلق التباعد بين الناس في الدائرة الإنتخابية الواحدة، ولا بدّ من تعديله قبل الدورات الإنتخابية اللاحقة، أو صياغة قانون إنتخابي جديد غير طائفي أكثر عدلاً وتمثيلاً للشعب، إذا كنّا نريد بناء دولة مواطنة حقيقية.