Site icon IMLebanon

الممكن من خلال صناديق الإقتراع

 

من المتوقع أن يحمل الأسبوع المقبل جواب المجلس الدستوري ليحدد مصير الطعن بتعديلات القانون الانتخابي الذي تقدمت به كتلة “لبنان القوي” البرلمانية، مع ما يتم تسريبه من معلومات متناقضة عن أن الجواب سيكون لمصلحة العهد وتياره، أو لمصلحة الرافضين طعن التيار ومعهم الساعين إلى تغيير الأكثرية النيابية بغية الحصول على مكاسب من كعكة الحكم، تطيح إلى غير رجعة بالعهد الذي لم يعد يملك من قوته إلا الشعار، كما يرددون.

ولكن وبمعزل عن هذا وذاك، ما الذي تستطيعه نتائج الانتخابات النيابية في ميزان الواقع السياسي اللبناني؟ هل تملك الأصوات التي ستصب في الصناديق القدرة على التوغل في نسيج هذه المنظومة لتغيير جوهري ومفصلي من الداخل؟ أم أن تغوّل هذه المنظومة سيستمر ما دام “حزب الله” مصادِراً للسيادة لمصلحة المحور الإيراني الذي ينتمي إليه؟

لعل التأكيد المستمر الذي يطالعنا به محللون ينتمون إلى المنظومة عن أن المعارضة مشرذمة وعاجزة عن الحصول على كتلة وازنة تقلب المقاييس من الداخل يحمل بعض الصحة في طرحه.

أو التأكيد المشابه الذي يصدر عن يائسين يتفرجون على خراب البلد ولا يجيدون إلا توجيه الإنتقادات للشعب الفاشل والمتواطئ مع السلطة، وفقاً لإعتبارات نفعية أو مذهبية متعصبة وقائمة على رفض الآخر، يحمل أيضاً بعض الصحة في طرحه.

لكن يبقى أن هذا التأكيد مغرض، عندما يصدر عن المنظومة الهادفة إفهام الناس أن لا حل من دونها حتى عندما تبيدهم.

وهو قمة في السلبية، عندما يصدر عن الذين يكتفون بالتنظير ولا يعجبهم العجب، ويريدون وطناً سيداً ومستقلاً، وذلك من دون أن يبذلوا أي مجهود.

فالتغيير الممكن حصوله عبر صناديق الإقتراع يبقى إحدى الوسائل التي يجب على اللبنانيين إستغلالها بتشكيل وحدة داخلية. ولا بد أن ينتج إيجابيات قد لا تعطي مفاعيلها في هذه المرحلة لكنها ستؤدي إلى تراكمات تقلق المنظومة ومن يتحكم بها. وتحديداً بعدما تبين بالملموس مدى هشاشتها ومدى إضطراب التوازنات الحالية، مع وصول شرائح واسعة من اللبنانيين إلى تحدي الإستعلاء المقترن بالتهديد المباشر الذي لم يؤتِ ثماره لدى إصحابه، والتفوق عليه، كما حصل في أحداث خلدة، وفي قرية شويا وفي غزوة عين الرمانة.

فالمعارضون لتحالف الميليشيا والمافيا، لم يتورعوا عن تجاوز الدولة الغائبة والخائبة والخروج عنها، ومواجهة هذا التحالف بأسلوبه وسلوكياته ليردعوه ويغيروا معادلة الخوف التي كانت قائمة.

والمطلوب، إذا ما جرت الانتخابات، الا يتورعوا عن إصابة هذه المنظومة بإصابات مباشرة، وإن لم تصل إلى مرحلة الضربات القاضية، ليشكلوا بخياراتهم الانتخابية تهديداً فعلياً، ولن يكون ممكناً القضاء عليهم بإجتياحات تشبه يوم السابع من أيار المجيد، أو تلجأ، كما فعلت سابقاً، إلى الإغتيالات الممنهجة والمبرمجة لتطيح بمفعول الأكثرية النيابية.

والسبب أن حاجز الخوف الذي إستنفد منابع قوته، يتعرض يوماً بعد يوم إلى إنهيار دعائمه. وآخرها الإجهار برفض “الاحتلال الإيراني” الذي نسف، حتى تاريخه، أي أكثرية نيابية أو شعبية، وتمكن من الإلتفاف عليها ببدعة “الديموقراطية التوافقية” او بالحكومات المرتهنة للثلث المعطل، أو بوزير يضرب يده على الطاولة ويشل جلسات مجلس الوزراء.

فرفض الاحتلال الإيراني والدعوة إلى مقاومته، يجب أن يشكل حافزاً لدى الرافضين ما يصيبهم بسببه. وصناديق الإقتراع هي وسيلة من وسائل الرفض التي تسمح بالتوغل إلى قلب هذه المنظومة لجهة إفهامها أن إختراقها ممكن، وممكن أيضاً الحد من تغولها الذي فاق حدود الممكن والمعقول في التنكيل بالشعب اللبناني.