دخل لبنان في معمعة سياسية لا مثيل لها، وحيث ثمة تداخلات محلية ودولية بدأت تؤثّر على كل الملفات السياسية والإقتصادية والأمنية والقضائية، وينقل بأن معظم عواصم دول القرار بدأت تعيد النظر في تعاطيها مع لبنان بشكل جذري ومغاير كلياً عن المحطات السابقة، لا بل هناك انقلاب في المواقف، وأبرزها الدعم المالي والإقتصادي، إذ ينقل بأن لقاءات واتصالات تجري بعيداً عن الأضواء في معظم المناطق اللبنانية من كبار رجال الأعمال والأكاديميين والنخب في كل القطاعات، إضافة الى المجتمع المدني وشخصيات سياسية مستقلة ومن ضمنهم نواب مستقيلين، ويتمحور البحث حول الإنتخابات النيابية المقبلة، إذ علم أنه تم التوافق في الجلسات الماضية على أن لا يترشح أحد ممن يدعم هذه اللوائح، وعليه، فإن اختيار الأسماء المرشحة يتم بصورة توافقية، وفي غضون ذلك، أن خطوات كبيرة أُنجزت على صعيد اللوائح والأسماء والخطوط العريضة التي ستعلن عبر مؤتمر صحافي ومؤتمرات في المناطق، وعلى المستوى الوطني العام بغية إنتاج سلطة سياسية جديدة تنطلق من المجلس النيابي، وفي ظل كثافة اللقاءات والإجتماعات الجارية بصورة انتظامية ومستمرة.
من هذا المنطلق، فإن تطمينات وضمانات أعطيت لكادرات المجتمع المدني وأصدقاء تربطهم علاقات وثيقة مع بعض العواصم الأوروبية، والأمر عينه بواشنطن، بمعنى أن الإنتخابات النيابية ستجري في موعدها الدستوري المحدّد، والمحسوم حتى الآن أنه ليس هنالك من انتخابات نيابية مبكرة، ولكن في موعدها المحدّد في أيار المقبل، وأن معلومات تشير الى أن الفرنسيين ومعظم الموفدين الدوليين الغربيين الذين زاروا بيروت، حذّروا المسؤولين اللبنانيين الذين التقوهم والرؤساء من مغبة محاولة تطيير الإستحقاقات الدستورية تحت طائلة فرض عقوبات صارمة، وأن هيئات من الأمم المتحدة ومنظّمات حقوقية دولية سيشرفون على الإنتخابات النيابية لتأتي ديمقراطية ونزيهة وبعيداً عن أي تزوير.
وعلى خط موازٍ، تشير المعلومات، الى أنه، وخلال اللقاءات التي تُعقَد في بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، تم التداول بموضوع الإنتخابات النيابية من زاوية إشراف الحكومة العتيدة على هذا الإستحقاق، وبشكل عرضي، ربطاً بالخلاف الدائر على حقيبة الداخلية، لأن التهافت عليها بات جلياً أنه يحمل خلفيات إنتخابية، لما لهذه الحقيبة من دور أساسي تقني ولوجستي، وحتى سياسي، في إدارة الإنتخابات المذكورة، وبناء على هذا الخلاف، فإن الدول المعنية بالشأن المحلي، والتي تواكب مسألة تأليف الحكومة، وعلى تواصل في الوقت عينه بالقيادات والمرجعيات السياسية والحزبية في لبنان، على بيّنة بكل ما يجري من تعطيل وعرقلة، ولا سيما على خط وزارة الداخلية لدلالتها بإدارة المعركة الإنتخابية، ولهذه الغاية، فإنهم سيحسمون الأمر حول الإسم الذي سيتولى هذه الوزارة بعدما أدركوا أن القوى السياسية اللبنانية، وتحديداً «التيار الوطني الحر» و»تيار المستقبل»، يخوضان معركة شرسة في التأليف، ربطاً بأن تكون هذه الحقيبة من حصّتهم.
وأخيراً، وحيال هذه التجاذبات، فإن القلق من أن يتم تطيير الإستحقاقات الدستورية برمّتها من خلال التمديد أو التأجيل تحت ذريعة ما يحيط بالبلد من ظروف أمنية واقتصادية، إلا في حال كان المجتمع الدولي جازماً وحاسماً لتمرير الإستحقاقات المذكورة في مواعيدها الدستورية، وذلك ما ستتوضّح معالمه خلال فترة قريبة، وتحديداً إذا تم تشكيل الحكومة، إذ من مهامها الأساسية إجراء الإنتخابات والإشراف عليها.