Site icon IMLebanon

لبنان خارج النفق

 

من عاصر مجازر 1860 إعتقد للحظة انّها نهاية كل شيء، وبهول الآلام لم يتمكن ان يرى انّها بداية جديدة، أسست لمتصرفية جبل لبنان المحايدة، والتي بُنيت على هشيم رموز زعماء طائفيين تمّ نفيهم ومصادرة أملاكهم وتغريمهم أموالاً طائلة، تعويضاً للضحايا، عبر لجنة تحقيق دولية برعاية السلطنة العثمانية.

وها هم أنفسهم اليوم يحاولون التخلّص من عقاب القضاء في مجزرة تفجير مرفأ بيروت، عبر الدفع السريع نحو الفوضى، ظناً منهم انّها نجاتهم في إرغام الناس على التقوقع في كونفدراليات كرتونة الإعاشة الطائفية.

وفي لحظة دولية ترسم فيها إدارة الرئيس بايدن خطوط الصدام مع العالم الأصفر من بوابة كابول، لا تدرك القوى المحلية انّ أسيادهم في الاقليم سقطوا في فخ رُسم في اتقان، جعلهم في مواجهة مباشرة مع مواطنيهم، بعدما سُحبت شماعة الاحتلالات الإمبريالية من سرديتهم.

لقد انسحب الاعداء جميعاً وانتصرتم، تفضّلوا، فالناس في حاجة الى الطبابة، والتعليم والعمل، ولكي لا أطيل اللائحة، الناس تطالبكم بالعدالة الاجتماعية ودولة الرفاهية التي لطالما وعدتم بها في المعارك المقدّسة.

هل من يستطيع ان يقول وبصراحة انّهم سلّموا الأمر للرئيس ماكرون «كلن يعني كلن»، ولم يعرقلوا مبادرته، ولكن رؤية الأمن القومي الأميركي وسياساته كانت اكبر منه ومن أحلام قصر الإيليزيه؟

هل من يستطيع من آلهة الطوائف ان يخبر انّهم أُعلموا جميعاً بنهاية كل شيء حتى الحروب، وخير دليل على ذلك أقصر حرب شهدناها في بلدة شويا حاصبيا؟ وهل من يمكنه ان يعترف بعدم قدرة أي جهة مسلحة شمالاً او جنوباً، ان تسود رغم ترهّل الدولة أمام الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، ليس لأنّ القوة او التمويل غير متوافر بل لأنّ الأخ الأكبر أبلغ الى الجميع أنّهم انتهوا وعليهم تدبّر أمرهم؟

هل من يصارح الناس بأنّ مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز لم يأتِ ليشرب القهوة في بيروت، ولم يكن في إجازة، فهل أعلمهم بانتقال 12 الف جندي اميركي الى الاردن؟ وهل أبلغ الى من يعنيه الامر بأمر العمليات الذي قد يعيد صياغة اسطورة شبعا؟

هل أبلغهم دورهم الداعم لقوات الأمم المتحدة التي سيُطلب منها مساعدة إدارة الوصاية الاممية المزمع تشكيلها لمساعدة لبنان تحت الفصل الثاني عشر والثالث عشر؟

فلا حاجة لأي حكومة، فسيبقى «ابو طحين» شاهداً على تفكّك كل شيء.
وستقوم الأمم المتحدة في إدارة التعليم والاستشفاء والطاقة والنقل المشترك وإجراء الانتخابات.

 

هل يستطيع الصقور ان يتلوا على جمهورهم ما تلاه الرئيس عون ذاك الصباح في 13 تشرين 1990 «حفاظاً على ما تبقّى»، ام انّهم سيُتركون لنار الجوع ان تكتب قصتهم؟

طبعاً لا أحد يستطيع إلّا الهروب الى الأمام، والتاريخ خير شاهد على ذلك. فلا الأمير بشير الثاني استطاع ان يعترف انّ عالمه تغيّر، ولا حتى من قبله الأمير فخر الدين. الجميع دفع الثمن غالياً وغالياً جداً.

العالم تغيّر وعليكم الرحيل بشجاعة قبل فوات الأوان.

نحن أمام واقع جديد يحتّم ولادة قادة جدد من رحم الآلام، يرون في لبنان رسالة سلام لكل المنطقة، ونموذج عدالة اجتماعية وازدهار، قادة خدّام لا يُخدَمون، يعملون بنهج الشراكة لا الشركات، يكونون حصّة الناس ولا يتحاصصونهم، يحبون ولا يتحابون، يخضعون للعدل لا للمعادلات.

حتماً لا أحد منهم «كلن يعني كلن» يستطيع ذلك، لأنّهم من العالم القديم البائد، لقد أصبحنا على قاب قوسين من نهاية كل شيء عرفناه في الاقتصاد والاجتماع والدولة، وسنشهد قيامة جديدة للبنان الإنسان وطناً اخضر عادلاً ومزدهراً.