في حكومة الرئيس عمر كرامي التي سقطت بالإحتجاجات إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان النائبان سليمان فرنجيه وفريد هيكل الخازن معاً في تلك الحكومة، كان الأول وزيراً للداخلية، والثاني وزيراً للسياحة. الخازن استبق الجميع فقدم استقالة منفردة، من دون ان ينسق مع احدٍ داخل الحكومة، فعُيِّن الشيخ وديع الخازن بديلًا منه.
الإستقالة غير المنسقة آنذاك، لم تكن تعكس اي علاقة وثيقة بينه وبين زميله في الحكومة، سليمان فرنجيه، على العكس من اليوم، فبعد ستة عشر عاماً على تلك الواقعة، تبدَّل المشهد: فرنجيه يسمي وزيرين مارونيين من كسروان، وليس من زغرتا، لتعزيز موقع حليفه “الشيخ فريد” في عاصمة الموارنة.
ماذا تُخفي هذه الخطوة ؟
فرنجية يريد ان ينزع عن نفسه صفة “ماروني الأطراف”، “وها انا اسمي وزيرين من كسروان وليس من زغرتا”.
النائب شوقي الدكاش
فرنجيه يريد ان يُقوِّي حيثية حليفه في كسروان. وهو ضرب ضربة معلِّم من خلال المنطق القائل: “فرنجيه يُجسّد مرجعيته الوطنية بإنصاف كسروان المغبونة التي يحق ان يكون لها كلمتها على طاولة مجلس الوزراء”.
حين عاد العماد عون من فرنسا عام 2005، وصفه وليد جنبلاط بعودة “تسونامي” ، (علماً أن من نتائج تسونامي الدمار الهائل وإغراق مدن بكامها) كان الوصف دقيقاً، ترشَّح العماد عون في كسروان واجتاحت لائحته القضاء، وقيل يومها: لو رشَّح الجنرال خشبة لكانت تحوَّلت إلى مقعدٍ نيابي”.
أين كسروان اليوم من “تسونامي” الإنتخابات التي اجتاحها منذ 16 عامًا؟ ماذا بقي منها؟
مرشحا التيار حتى الساعة النائب الحالي روجيه عازار والوزيرة السابقة ندى البستاني، إذا كانا مرشحَي “الصهر الاول” فهل كل اصوات التيار لهما؟ ماذا عن “الصهر الثاني؟”.
النائب العميد شامل روكز خرج من ” تكتل لبنان القوي”، وتلاشى شعار الجنرال عون “انا شامل وشامل انا” الذي استُخدِم كرافعة انتخابية للعميد روكز. ولكن مَن سيكون رافعة العميد روكز في ايار 2022؟
النائب المستقيل نعمت افرام اختطّ نهجاً مستقلاً لنفسه، لم ينتظر احداً من “رفاق درب الاستقالة الذين نزعوا اللوحة الزرقاء”، فأطلق “مشروع وطن الانسان” من مخضرمين ومعارضين ومعترضين، من نجل الرئيس عبدالله اليافي إلى نجل الرئيس حسين الحسيني، إلى نجل الدكتور شارل مالك، لكن ماذا عن الثِقل الكسرواني؟ مَن هُم حلفاؤه؟ هل يكون حزب الكتائب؟ وهل يكفي حزب الكتائب؟ افرام باشر اتصالات بوجوه كسروانية مستقلة، والهاتف إلى جانبه ينتظر اجوبة.
النائب فريد هيكل الخازن يفتش عن حلفاء، فهل يجد ضالته في منصور البون؟
القوات اللبنانية يبدو انها حسمت ترشيح النائب شوقي الدكاش وتفتش معه عن وجوه جديدة.
النائب فريد الخازن
ماذا عن الشخصيات المستقلة امثال وزير الداخلية السابق زياد بارود؟ اين مكانه امام “محادل” المال والاحزاب والتيارات والإقطاع؟ المستقلون عادة لا ينسجمون مع المحادل الآنفة الذِكر فاين سيجد بارود “قوة الدفع او الضغط النيابية” في غياب المحادِل؟ قد يكون مسار بارود وأداؤه أقرب إلى منطق المجتمع المدني ومجموعات الثورة، إذا كان الامر كذلك فلماذا ليس هناك من تقارب بين “ثورة بارود” و”مشروع افرام؟”.
في الامر التباس، “مشروع” افرام بحاجة إلى انضاج، و”ثورة” بارود بحاجة إلى بلورة. وهنا يجدر التنويه بأن في كسروان مجتمعاً مدنياً وثواراً، لكنهم بحاجة إلى مَن يكون”طليع الدورة”، فمَن يكون؟ هل بارود جاهز لهذا الدور؟
في كسروان حِراك عائلات، منهم المحامي انطوان صفير، قريب البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، صحيح ان المحامي الشاب لم يجهر بنيته في الترشح ، لكن حركته تؤشر إلى انه ليس بعيداً عن إمكان الإنغماس بهذا النوع من “الأَشغال الشاقة” الذي يتطلب كل ما هو “فْرِيش”، وهذا الـ”فْريش” غير متوافر اليوم إلا في ايادٍ قليلة، وهذه الايادي تشد عليه بإحكام.
واخيراً وليس آخراً، ماذا عن هنري صفير؟ هل كبُر على النيابة؟
لكسروان رونقها في الإنتخابات، لا تحب اللون الرمادي، فإما أبيض وإما أسود، إما يهدر تسونامي في صناديق الإقتراع، وإما تسأل: “غْرِيب ومِن تترشح بكسروان؟”.