لا تُخاض الإنتخابات النيابية في لبنان من مكاتب الإعلانات، ولا تطلع الثورات من جلسات التنظير والتخطيط لابتكار شعار أو عنوان لحملة. قد يشكل الشعار أو العنوان رافداً بسيطاً لأي حركة تعبوية لكنه حتماً ليس الأساس.
الناخب اللبناني في العموم لا ينتخب البرنامج:
ينتخب من يثق به.
ينتخب من اعتاد أن ينتخبه.
ينتخب الخيار الذي يمثّله المرشح.
ينتخب من يمثل مصالحه.
ينتخب على أساس عائلي.
ينتخب من يقدم له خدمات.
ينتخب من يدافع عنه في الملمات.
وكذلك ينتخب اللبناني نكاية بالآخرين.
مَن مِن ناخبي 2018 يتذكر المشاريع التي انتخب على أساسها هذه اللائحة أو تلك، وعلى أي طرح أعطى صوته التفضيلي لهذا المرشح أو ذاك؟
وهل يعرف فعلاً أياً من اللوائح قدّمت مشروعاً خاضت الإنتخابات على أساسه: في المتن الشمالي مثلاً هل اختار الناخبون بين مشاريع ميشال المر وسامي الجميل واللائحة العونية ولائحة “القوات اللبنانية” ولائحة شربل نحّاس، أو أنهم انتخبوا على أساس عواطفهم وانتماءاتهم ووفائهم وخياراتهم والتزاماتهم؟
ترى أيحتاج ثنائي “حزب الله ” و”حركة أمل” إلى تقديم مشروع سياسي أو إنمائي كي يحصد 26 نائباً شيعياً من أصل 27؟ أو 27 من أصل 27؟ كيفما قلّبت القانون الإنتخابي وفصلته فالنتيجة نفسها؟
وهل يحتاج “المردة” أن يقدم لناخبيه جردة حساب بمنجزاته النيابية في خلال أربعة أعوام وتقديم تصوّراته لضمان انتخاب طوني فرنجيه ومن “يشنكله” في زغرتا؟
وهل من يعتقد أن ماكينة الحزب “التقدمي الإشتراكي” تربكها منصة “نحو لبنان”؟
أيكفي “درز” اللوحات الإعلانية بشعارات ساذجة كـ”كرمالك يا لبنان” و”على قلب واحد”، وصرف المبالغ الطائلة لكي يترك الناخب الشاب أو الكهل، المثقف وغير المثقف كل شيء ويتبع نخبة منظرين ومتموّلين وطيبين؟
” نحنا بلشنا”، أولاً لماذا الألف ملتصقة بـ”نحن”؟ وثانياً إذا كانت البداية بالتغيير، أَنسيَ مصممو الإعلان الترويجي لباقة من المجهولين أن “التغيير” هو الجامع المشترك بين جميع القوى السياسية في لبنان منذ ما بعد الطائف، فهل من يذكر أسماء الفائزين في لائحة الإنماء والتغيير قبل ربع قرن؟ أو من هم أعضاء كتلة “الإنقاذ والتغيير”(نسخة 1996) وإن التيّار كان في طليعة حملة شعار”الإصلاح والتغيير”، وواقع الأمر أنه فشل على صعيد الإصلاح ونجح بتغيير جيلبرت زوين بروجيه عازار!
التغيير. الشعب. الوحدة. العيش المشترك. الدولة المدنية. مفردات من تراثنا، كما التبولة والكبة بشحمة والفلافل والمجدرة الحمرا.
لكن التغيير أحد عناوين الإنتخابات، والأسهل على السمع والنظر. وأعتقد، إنطلاقاً من خبرة محدودة في العمل الترويجي الإنتخابي في دورتين متتاليتين (في إطار مهني صرف)، أن الإعلان لا يضيف الكثير إلى قناعة راسخة ولا يغير قناعة مستجدة. وحسنته الوحيدة في انتخابات لبنان، أنه ينشط الدورة الإقتصادية بعض الشيء.