يقول مراسل صحافي أجنبي مخضرم إنه اكتشف في لبنان حُمّى جديدة، لم يعهدها في زياراته التي لا تُحصى إلى بلدنا. أمس، قبل أن يغادر بيروت، اتصل بي مودّعاً، فكان الحديث الهاتفي مطوّلاً. تعود الصداقة مع هذا
الزميل العريق إلى العام 2000، إذ كان مكلّفاً تغطية اندحار جيش الحرب الإسرائيلي، مهزوماً، من لبنان ذلك الخامس والعشرين الأغرّ من أيار، وكنتُ قد حوّلتُ الوكالة الوطنية للإعلام إلى مصدر إخباري مُعتمَد للإعلام العربي والأجنبي عموماً. واستمر التواصل في ما بيننا حتى هذه الأيّام.
الغريب أن هذا الصحافي وصل بيروت قبل 24 ساعة من موقعة الطيونة. ولما كنت أعرفه جيّداً، تساءلتُ ما إذا كان يملك المعلومات المُسبقة عن حدثٍ ما، غالباً ما يكون ذا طابع أمني.
وجاء جوابه مراوغاً: لقد هبط عليّ الوحي.
وفي اللقاء الوحيد بيننا غداة الحادثة الموجعة، قال إن المؤشرات كلها كانت تفيد بأن لبنان مُقبل على تطوّر أمني «كبير». وأضاف: لديّ من المعلومات ما يؤكّد على أن أجهزتكم الأمنية كانت، هي أيضاً، في هذه الأجواء، وأنا واثق أن اثنين منها على الأقلّ أعدّا غير تقرير (…).
وانتقلنا بالحديث إلى الانتخابات النيابية مع التركيز على الجلسة التشريعية التي أعقبت جلسة انتخاب هيئة مجلس النواب، فقال لي إنه أجرى لقاءات واتصالات مع غير طرف لبناني، خلال هذه الزيارة التي اقتُصِرت فقط على بضعة أيّام، وتركّز جانب مهم من المباحثات على الانتخابات النيابية، وتبيّن له أن ثمة قراراً ما بتطيير هذه الانتخابات، وأن الذين تحدثوا إليه أجمعوا على رمي تهمة العمل على تأجيل الانتخابات على الطرف الآخر.
ولاحظ أن التأجيل رغبة مكتومة، وأن البعض يسعى إلى تحقيقها لأنه غير واثق من النتائج التي يخشى ألّا تكون في مصلحته. وسواه لا يملك المال «الذي سيكون له دور كبير، أكبر من السابق، جرّاء الأزمة المالية – الاقتصادية الضاغطة». وثالث لا يرى أن الوقت الضاغط سيسمح، أو سيتّسع، لاتخاذ الإجراءات والمراسيم والقرارات التطبيقية إلخ…
لعل الملاحظة التي لفتته كثيراً أن اللبنانيين فتحوا نوعاً جديداً من القمار، وهو يتمثل في الرهانات على: تُجرى أو لا تُجرى (الانتخابات). وقال إن شخصية سياسية بارزة أخبرته أنها راهنت بعشرة آلاف دولار على أن الانتخابات ستطير …
ورداً على سؤالي الأخير أجاب: في تقديري أن المسألة «فيفتي – فيفتي»، فحتى الآن تتساوى حظوظ إجراء الانتخابات وتطييرها.