Site icon IMLebanon

«في انتخابات… ما في انتخابات»  

 

 

فعلاً تحوّل موضوع إجراء الانتخابات النيابية إلى «حزّورة»: هل هناك انتخابات نيابية أم لا انتخابات في موعد الاستحقاق؟ ويبقى هذا السؤال يحيّر الجميع.

 

نبدأ أولاً: هل فعلاً جميع الأطياف السياسية تريد إجراء انتخابات نيابية؟ الجواب علناً: نعم وبكل ثقة، ولكن يبقى السؤال أين الموقف الحقيقي؟ بالفعل لا أحد يعرف، ولكن عنصر التكهّن موجود، إضافة الى قول «إنّ لبنان بلد العجائب».

 

الذين يريدون أن تُـجْرى الانتخابات ومنذ زمن بعيد، هم جماعة الدكتور سمير جعجع، الذي في المقابلة قبل الأخيرة له، كانت أجوبته على أي سؤال إنه يريد إجراء انتخابات، وإنّ الطريق الصحيح لخلاص البلد هي الانتخابات.

 

من ناحية ثانية، ماذا عن «التيار الوطني الحر» الذي يعتبر نفسه «أبو وأم» الديموقراطية، وأنه يمثل أكبر كتلة نيابية، وأنه الأكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي؟ فعلاً الطفل المعجزة يعيش أوهاماً لأنه يظن أنّ عهد عمّه مستمر الى الأبد، وبأنه يستطيع أن يعيّـن الوزير الذي يريد، والنائب الذي يريد، والوزارة التي تعجبه، والقاضي الذي يطيعه وينفذ أي أمر يُعطى إليه. ولكن تبقى المشكلة مع الجيش الخارج عن إرادته، وقوى الأمن أيضاً باستثناء جهاز أمن الدولة.

 

هذا «الساقط مرتين» في الانتخابات النيابية لدورتين متتاليتين، اضطر أن يغيّر تحالفاته، ويغيّر قانون الانتخاب ويستعين بمنجم «مغربي» وأحد العرّافين كي ينجح، وهذه حقيقة نجاحه بالصدفة.

 

لا شك في أن الأمور تختلف اليوم عن الأمس… والفشل الذي مُنِيَ به «العهد القوي» جاء وقت حسابه، إذ إنّ الشعب يعطي الكثير لكنه في النهاية لا بد له من أن يُحاسب، ويبدو من الاستطلاعات عن الانتخابات والتي جرت في الجامعات أبرزت تراجعاً كبيراً لـ»التيار»، هذا مع الأخذ بالاعتبار ما جرى عام 2005 حيث النتائج كانت 71% من المسيحيين لمصلحة التيار، ثم تراجعت في انتخابات 2009 الى 52%، أما في الانتخابات الأخيرة عام 2018 فقد تدنّت الى 21%… وهذه المرّة ستكون أصعب بكثير والله يستر.

 

هذا على الصعيد المسيحي… أما على الصعيد الشيعي، فإنّ الرئيس بري متيقّن الى حد كبير من شعبيته، وهو يملك من الخدمات التي توفر له مكاناً مميزاً في أية انتخابات تجرى.

 

أما «الحزب العظيم» الذي يملك المال والسلاح والقوة، والذي هو بالفعل صار مع الوقت الأقوى في الدولة، فعنده مشكلة حقيقية أنّ فائض القوة لم يعد في مصلحته، لأنه في بعض الأحيان يخطئ باستعمالها، وهذا ما حصل في «غزوة عين الرمانة»، حيث نسي ما يسمى الخط الأحمر، فارتكب حماقة لها تأثير كبير على معنوياته، وعلى صورته، ولو حاول أن ينفي تلك الصورة، ولكن وضعه على الصعيد الوطني صار صعباً لا بل أكثر صعوبة، بكل صراحة أصبحت الأكثرية ضده على جميع الأصعدة.

 

يبقى إنّ الظروف المالية والسلاح اليوم أمور هي في مصلحته لأنّ لا أحد في الوطن يرغب في أي اقتتال… ولكن ما حصل في عين الرمانة حذر المسيحيين وأهل السنّة بأنّ هذا السلاح الذي يدّعي حامله أنه لن يستعمله في الداخل أثبت أنّ هذا الوعد غير صادق، وأنه في غفلة من الزمن استعمله، وهذا ما ظهر في عين الرمانة وكأنّ «الحزب العظيم» ذاهب ليحرر القدس كما يدّعي ولكن من دون الحرب الإلهية:

 

بالعودة الى الانتخابات، فإنّ الحزب محتار، كيف أنه يحكم الدولة، ولا يستطيع أن يقيل قاضياً، طبعاً هو يعلم علم اليقين أنّ حليفه الذي أبقى البلاد عامين ونصف العام من دون رئيس إكراماً له، في الوقت الذي كان فيه مرفوضاً من الجميع، هو الذي يتمسّك بعدم التخلي عن القاضي.

 

من ناحية ثانية، وبالعودة الى الانتخابات نقولها بكل ثقة، إنّ الكرة في ملعب الحزب، فإذا شعر أنّ النتائج لن تكون كما يريد، فإنّ كفة عدم إجرائها هي الأرجح.

 

أما الذين يعتمدون على أنّ الدول العظمى سوف تفرض عقوبات فنسألهم: ماذا فعلت العقوبات مع صدّام حسين من العام 1990 الى العام 2003؟ وماذا فعلت العقوبات بإيران…؟ العقوبات لا تفرض إلاّ على الشعوب، أما القادة فليس عندهم أي همّ لأنّ السلطة لهم.