IMLebanon

تحديات الطريق الى الإنتخابات

 

ليس بالإنتخابات وحدها يتم إنقاذ لبنان. ولا بالسلاح وحده يطول عمر الأكثرية الحالية. لكن أخطر ما يحدث في عام الإستحقاقات النيابية والرئاسية هو تحويله الى عام الهرب منها الى الفراغ والفوضى أو المجهول أو المعلوم الأسوأ من كل ما نحن فيه من كوارث. فالإنتخابات هذه المرة تبدو في حسابات المراهنين عليها ونظر الخائفين منها معركة فاصلة بين مرحلتين. معركة مصيرية، من حيث لا معارك مصيرية في الأنظمة الديمقراطية. ولو في الشكل. وفرصته ينطبق عليها قول ألكسيس دو توكفيل: “الإنتخابات ثورات دستورية، وكل جيل هو شعب جديد”. أطراف كثيرة خائفة منها وتريد فعل أي شيء لتأجيلها. ولا أحد يجرؤ على الدعوة الى عدم إجرائها خوفاً من العقوبات والمقاطعة الدولية، إن لم يكن من إنتظارات اللبنانيين المسحوقين بالأزمات التي صنعتها المافيا الحاكمة والمتحكمة والحالمين بمخرج ضاعت فرصته في الحراك الشعبي السلمي العابر للطوائف والمناطق في تشرين2019.

 

ذلك أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ليس المسؤول الوحيد الذي حصل “على تعهدات واضحة بإجراء إنتخابات حرة ومنصفة في أيار”. لكن التجارب تؤكد الشكوك في التعهدات اللبنانية. وأكبر شاهد هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فالقوى الخائفة من فقدان الأكثرية الحالية قوية وقادرة على صناعة ظروف تمنع إجراء الإنتخابات، ولو إحترق لبنان. والسلطة بالنسبة الى المافيا هي”غنيمة”. غنيمة حرب وتستحق حرباً من أجل الإحتفاظ بها. ولا حساب للأزمات ومعاناة الناس على”أجندتها”. كل الحسابات للحفاظ على المواقع في السلطة، وحراسة تركيبة فاشلة وفاسدة حتى تأتي الساعة الحاسمة لكي يرث لبنان من لا يؤمن بهويته وتاريخه وجوهره.

 

غير أن التغيير حدث عملياً وشعبياً بقوة الأزمات وانكشاف التركيبة السلطوية. وما تحاوله المافيا هو منع تكريسه رسمياً بالإنتخابات. وهذا هو التحدي الذي تجب مواجهته بقوة الموقف وضغط الرأي العام وتضامن المراهنين على التغيير ومساعدة المجتمع الدولي. والتحدي الأكبر هو القدرة على صنع التغيير بالذهاب الى الإنتخابات من خلال تحالف وبرنامج إنقاذي. فالصندوق لا يصنع نتائج مغايرة بالصدفة والحظ بل بالتحالفات الجدية. وما تفعله قوى التغيير على الطريق الى الإنتخابات هو ما يخرج من الصناديق. والإنتخاب، كما يقول الإستراتيجي في حركة “الشمس الشارقة” دانيال هنتر “ليس كل ما نستطيع فعله، ليس النهاية بل جزء من العملية”.

 

والسؤال الطاغي هو: أي لبنان يخرج من الإنتخابات؟ لكن السؤال المهم الذي يسبقه هو: أي لبنان يصل الى الإنتخابات؟ لبنان المصر على الوفاق الوطني وإستعادة نفسه ودولته وسيادته وحل أزماته، أم لبنان المشحون بالعصبيات الطائفية والمذهبية والمجبر بقوة السلاح على إعادة إنتاج الأكثرية الحالية أو على منع الأكثرية التغييرية والسيادية من الحكم؟

 

من الصعب أن تمارس المافيا قول فينيلون: “غالباً ما تربح الكثير حين تخسر في الوقت المناسب”.