تُغامر الولايات المتّحدة الأميركيّة ومعها الاتّحاد الأوروبي في المراهنة على أنّ الانتخابات اللبنانيّة المقبلة هي طريق التّغيير في لبنان مثلما تُخطىء ومعها صندوق النّقد الدّولي على أنّ لبنان سيخضع لعمليّة إصلاح ستُخرجه من مغارة الفساد الذي يُعشّش في إداراته ووزاراته، فالتّشديد اليوميّ الذي نسمعه يتكرّر كنشيد على مسامعنا محذّراً من العبث بموعد الانتخابات أو مؤكّداً أنّها ستجري في موعدها يخدع نفسه بنفسه فليس هناك أيّ ضمانة لكلّ هذه الدّول المشغولة بالشّأن اللبناني تجزم أنّ كلّ اللبنانيّين مصلحتهم هي في إجراء الانتخابات ثمّ ما هو الإجراء الذي بإمكان دول العالم أن تتّخذه بحقّ اللبنانيّين الذين من مصلحتهم تطيير الانتخابات غير العقوبات؟!
وقد تكون الانتخابات الشّكل الدّيموقراطي للتّغيير الكُلّي في كلّ دول العالم على الأقلّ من وجهة نظر هذا العالم لكنّ هذا الأمر يكاد يكون مستحيلاً في لبنان، فالانتخابات لتكون طريقاً للتّغيير يجب أن تتكافأ وتتساوى فيها فرص الجميع وعلى كلّ المستويات، وهذا الأمر يدفعنا لطرح السّؤال: هل هذه الفرص المتكافئة المتساوية متوفّرة لكلّ المرشّحين خصوصاً في كلّ المحافظات كالجنوب والهرمل؟ والوصول إلى إجابة ليس صعباً أبداً لأنّ الأمر ببساطة مستحيل استحالة تامّة في وجود السّلاح الذي يسيطر سيطرة كاملة من الشّارع إلى صندوق الإنتخاب وأي حظوظ جديّة يمتلكها أي مواطن شيعي يخوض الانتخابات ويترشّح في مواجهة الثّنائي الشّيعي؟!
وعلى عكس الدّول الغربيّة وبعض الفرقاء يدرك اللبنانيون جيّداً أنّه ليس بمقدورهم التغيير بوجود فريق يمتلك السلاح ويسيطر على القرار ويُعلن أنّ لديه مئة ألف مقاتل وهذا رقم لا تمتلكه الجيوش ويمتلك تمويل دولة تمدّه به دولة أمضت 40 عاماً وهي تبدّد أموال الشّعب الإيراني على هذا الحزب حتى تمكّنت بواسطته من احتلال لبنان وتمكّنت أيضاً في إضعاف دولته وتدمير إقتصاده ورفعت وتيرة الهجرة بين أبناء شعبه إلى حدّ بلغ فيه إحساسهم بالخيبة إلى حدّ التيقّن أنّ الأمل مقطوع نهائياً من إمكانيّة إحداث أي تغيير عن طريق إجراء انتخابات نيابيّة تحت وطأة سلاح يسيطر على مساحة واسعة جداً من الأرض اللبنانيّة!
عاش اللبنانيّون منذ العام 2005 ثلاث تجارب إنتخابية فشلت في تغيير حرف من السيناريو الذي فرضه حزب الله على اللبنانيّين، على الأقلّ هذا أمر أكّدته كلّ الاغتيالات التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإصرار حزب الله على تعطيل التّحقيق في كلّ هذه الجرائم أوّلاً ثمّ عدم اكتراث حزب الله باتهامه بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مروراً بغزوة 7 أيّار إلى حدّ جعل بعض أطراف فريق 14 آذار انهار خوفاً بعد فوز هذا الفريق بانتخابات العام 2009 خوفاً مذعوراً إلى حدّ كاد فيه أن يعتذر عن هذا الانتصار، وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت وتدمير نصف العاصمة وتعطيل عملية التحقيق فهل نحتاج إلى تجربة رابعة للانتخابات تؤكّد لنا المؤكّد، لبنان يحتاج إلى تغيير جدّي وجذري لكن هذا أمر لن تحدثه أي إنتخابات إلا بعد تطبيق القرارات الدوليّة وعلى رأسها القرارين 1559 و1701.