IMLebanon

المجهول وراء انتخابات 5 + X!

 

سؤال مشروع عن جدوى الإقتراع

 

هل يتعين أو هل من الجدوى مشاركة المودع، والطالب، ورب الأسرة المسحوقة، وفاقدي أدوية العلاجات المستعصية، أو الموظفين الدائمين أو بالتعاقد، الذين بلغوا ادنى درجات الإسفاف بالرواتب أو التقدمات وحتى الأجور، وكل الذين اعدمهم تصنيف مؤشر السعادة العالمي، فجعل بلدهم الذي عاد إلى الحياة خلال عقد التسعينات وبعض من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في الاقتراع أو التوجه إلى صناديق الانتخاب، التي يصرُّ على فتحها صبيحة الخامس عشر من أيار المقبل، وزير الداخلية والبلديات وفريقه في الوزارة، وصولا إلى هيئة الاشراف على الانتخابات، التي تتقاضى رواتباً، ولا من دون عمل؟!

 

سؤال، ربما يبقى الحاضر الأوّل، إن بصمت أو بهمس أو بكلام عالي النبرة. عبَّر عن بعضه رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم، الذي اشتكى من الحلفاء قبل الخصوم، وإن بدا منهكاً كغيره من الذين طرحوا شعارات أو صدقوا الشعارات والتحالفات.. عندما أعلن عدم الترشح وعدم الإقتراع.

 

دع الأحلام الوردية لوزير الطاقة والمياه وليد فياض، الذي تكهّن ان الكهرباء بين 8 و10 ساعات أو 10 و12 ساعة، على طريق الـ24 ساعة، آتية في الربيع.. وها نحن ندخل اليوم في أول أيام الربيع 21 آذار، وهو للمناسبة عيد الأم، التي أعدت لها محلات بيع الزهور، ما يلزم من ورود، على ان الأطرف في فرحة الوزير بعد إقرار الخطة المبدئية للكهرباء، رمي الكرة إلى ملعب البنك الدولي، فماذا لو أعاد إليه هذا البنك الكرة، مؤكداً إياه بالمتطلبات القانونية والإجراءات اللوجستية، ومعرفة المسار الانتخابي، والنتائج المتوقعة..

 

التقرير، لا يتناول الحلم الوردي للوزير الوردي أو الـ Blondly (الأشقر)، بقدر ما تجدر الإشارة، بتذكيره انه مع موعد الربيع كانت ساعات التغذية إلى تناقص ساعة أو اثنين أو صفر ليستخلص المراقب ان ورقة التغذية لن تقدّم لهذه الطبقة الساعية بنهم إلى البقاء في السلطة..

 

ولنعد للمشهد الانتخابي، من النادي الحسيني في النبطية، إلى جويا في قضاء صور، حيث أطلق حزب الله ماكينتيه الانتخابيتين، إيذاناً بالاستعداد للفوز في المعركة مع أيتام اليسار والحراك المدني، وبعض المثقفين الوطنيين المغمورين، إلَّا في بيئات صغيرة، ومحلية، لا تتعدّى حيّاً في قرية أو فخذاً في أسرة أو عائلة..

 

في الأيام المقبلة، يمتد الحزب إلى مناطق أخرى، وفقاً لرزنامة وضعها، والأهداف ليس فوز مرشحيه الحزبيين وعددهم 13 مرشحاً (وهو نصف الحصة الشيعية التي تقاسمها مع حليفه حركة «أمل»)، بل لرسم خارطة طريق تقضي بإنجاح حلفائه، ودحر خصومه، والإمساك بمقدرات البلد لأربع سنوات مقبلة، يخلق فيها الله ما لا تعلمون..

 

من طبيعة الخطابات والتعبئة يتضح ان كلمة السرّ أعطيت، بقيت التفاصيل الإجرائية لتوزيع الأصوات التفضيلية، بحيث يندحر الخصوم، ويفوز الحلفاء..

 

هل من قبيل الإعتداء على الحقيقة ان مئات ألوف أو عشرات ألوف أصوات الناخب الشيعي، يعبر عنها برقم أو اثنين (واحد ما يُقرر الأمين العام) واثنين (ما يقر مع الطرف الآخر في الثنائي- حركة «أمل»)..

 

قضي الأمر على ساحة الجغرافيا الشيعية وممثيلها المقبلين.. السؤال: إذاً لِمَ الإنتخاب؟ الجواب: إنه الإستفتاء!

 

في المختارة، وبصرف النظر عن التعليقات التي أطلقت عليها على «تويتر»، أو التي يجري تداولها على مجموعات «الواتس آب» فإن زعامة تيمور جنبلاط باتت استكمالاً لزعامة كمال جنبلاط ووليد جنبلاط.. الحشد الذي شاهده النّاس، يعني ان الكلمة الفصل لصوت واحد.. هو وليد أو تيمور، بصرف النظر عن التشكيلة السنيَّة في الإقليم أو المسيحية في الشوف، بما في ذلك التحالف مع حزبي «القوات اللبنانية» والوطنيين الأحرار.. ناهيك عن المزاحمة في ما خصَّ ثنائي ارسلان- وهّاب، وبعض بقايا القوميين الاجتماعيين في الجبل الدرزي..

 

بصرف النظر عن «العمامة» أو للفة البيضاء، أو الياقة البيضاء أو سواه.. فحاصل المجموع إلى تاريخه ناخبان..

 

في المشهد المسيحي، تبدو الصورة موزعة على أفراد، يتقدمهم اثنان: التيار الوطني الحر، برمز زعيمه الشرعي (ويقال له الوريث السياسي) جبران باسيل.. فهو الآمر الناهي كما دلَّ المشهد في الفوروم دي بيروت الأسبوع الماضي، في احتفال إعلان أسماء مرشحي التيار، الذي لم يكن بينهم مرشحون يعتبرون ان لهم الأحقية لحكمت ديب ونبيل نقولا وغيرهما.. فأنت بإمكانك ان تتحدث عن 50 أو مائة ألف يعبّر عنهم فقط شخص واحد، هو باسيل.. فيكون العدد 3 فقط (السيّد، البيك والوريث).

 

وفي الساحة المسيحية أيضاً، يكثر «المقاوم الاول» في «القوات اللبنانية» سمير جعجع من إطلالاته الإعلامية، وردوده بكل الاتجاهات، لا سيما على الحليفين: حزب الله والتيار العوني.. وسط عزلة إسلامية (ما خلا الحليف الدرزي الجنبلاطي) غير مسبوقة، تعيده إلى ما قبل نشأة حركة 14 آذار وتحالفاتهما، وكأن صورته التي لمعها  الرئيس سعد الحريري امتداداً إلى دار الفتوى، عادت إلى «الألمبوم الأسود» أو لنقل انه يمون على 20 او30 ألفاً.. أصبح العدد 4 ناخبين، إلى السيّد والبيك والوريث  و«الحكيم»!

 

لا حاجة لسرد باقي المشهد على الساحة المسيحية بانتظار تسجيل اللوائح، ومعرفة مسار تحالفات حزب الكتائب، وقوة الاتجاه التمثيل لديه، ولنقل ارتفع العدد إلى 5: السيّد، والبيك، والوريث، والحكيم، وهاي فتى الكتائبي.

 

في الساحة الإسلامية السنيَّة، غاب الرقم واحد.. وابتعدت القيادات السياسية والرسمية التاريخية عن المشهد، من نادي رؤساء الحكومات السابقين إلى ما عداهم.. وانبرى إلى المسرح، لاعبون ثانويون، ومغمورون، يستندون إلى خدمات أو حركات أو جماعات، لم تأخذ مكانها بقوة على الساحة الإسلامية، ما خلا تموضعات شعبية في صيدا وطرابلس وجزء من البقاع الغربي.. وبعيداً عن عدد اللوائح ورؤسائها، يمكن الكلام عن 5 أو 10 لاعبين جدد وقدامى، ليبقى العدد عند حدود تتجاوز قليلاً أصابع اليدين، في مجمل اللعبة الجارية..

 

أمَّا، في الطوائف أو الأقليات الطائفية والمذهبية، فهي محصورة العدد في الترشيحات والمقاعد النيابية..

 

كما يقال، راحت السكرة وجاءت الفكرة!

 

بدأ إدراك متأخر ان ما يجري ليس عملية تغيير ديمقراطي، أي بواسطة الانتخابات، هو عملية، وهذا هو الأصح، تشريع لمجلس نيابي، هو أمّ السلطات، في بلد تتناسل أزماته، كأنه جسم سرطاني، يضربه، فيصيب الأعضاء، تباعاً، تتآكل وتتلف، ثم تموت.

 

الإنتخابات، كما الرياضة، هي من بدائل الحرب، هي أشكال للتقلب على المشكلات وحلها، بغير القوة الجسدية، هي اختراع أثينا لمواجهة اسبرطة، العقل وحيله ومكره للتغلب على الوحشية والعدوانية البشرية، المتأصلة في النفوس والمصالح والمطامع والشهوات، وحب السيطرة، والسلب والنهب..

 

على وقع هذا المشهد، تحتدم الحرب القضائية المصرفية، منذرة بما لا تحمد عقباه… ففريق عون وباسيل الأولوية لديهم رأس رياض سلامة حاكم مصرف لبنان.. والأخير له حساباته وحماياته.. وضمن معركة من هذا النوع، يبقى السؤال: لِمَن الاقتراع في 15 أيار وما هي جدواه؟!