15 أيار السويسري سيشهد تصويتاً سويسرياً شعبياً على قانون التبرّع بالأعضاء وفي لبنان سيصوّت اللبنانيون لاختيار الأعضاء. هناك مسألة تتعلق بما بعد الموت وهنا أيضاً مسألة تُنجَز في خضمّ موات عام.
يشبه الإقبال على الترشح إلى مجلس الأعضاء هذه الدورة الإقبال الكاسح على الترشح إلى الانتخابات البلدية الأولى بعد الحروب في عام 1998. يومها هرع كثيرون إلى المنافسة فتكاثرت اللوائح واشتدت المعارك، لكن قانون الانتخاب البلدي كان أكثر حريةً، ففاز من ربح أكثريةً من الأصوات ونشأت تجارب بعضها سينجح وبعضها الآخر ستنهيه انتخابات لاحقة.
في انتخابات الأعضاء هذا العام ستضيع إمكانية المحاسبة بسبب طبيعة القانون. في اللائحة عريس وشهود. الأعضاء حلفاء وخصوم في الوقت نفسه. في الدائرة الطائفية النقية لا توجد رحمة، وفي الدوائر المختلطة سيضطر ممثل الطائفة إلى الاستعانة بطائفة أخرى لضمان مقعده التمثيلي. وليس ذلك جديداً على نظام انتخابي طائفي. ففي زمن المتصرفية كان مندوبو الموارنة في الكورة يحسمون اسم المرشح الأرثوذكسي إلى منصب عضو مجلس الإدارة، واليوم مع تغيّر الديموغرافيا وحدود الدوائر ما زالت الاستعانة بصديق عنصراً حاسماً في بت المصائر.
عندما يصبح هدف الوصول هو الشغل الشاغل لا تعود للشعارات والبرامج قيمة فعلية. هي تصبح جزءاً من الشكليات وديكورات المسارح. كان لبنان واللبنانيون يحتاجون ولا يزالون إلى أجوبة صريحة ومفيدة وعملية عن سؤال الخروج من الورطة التي يعيشون فيها: من المسؤول ولماذا وكيف وصلوا إلى جهنم؟
وما العمل للخروج من الحفرة: كيف نردّ حقوق الناس ونحفظهم في أرضهم وعملهم؟ كيف نعيد ثقتهم بدولتهم وقانونهم؟ ماذا سنفعل مع المتسببين بالانهيار واستمراره والفساد واستشرائه والأمن وفلتانه؟ هل نعد بتحقيق يشبه تحقيقات المرفأ أم بملاحقة شبيهة بملاحقة عصابات الكبتاغون والخطف والتهريب؟
أسئلة كثيرة قد نجد أجوبة عنها متناثرة بين العناوين والشعارات التي يطرحها المتنافسون، جميعهم يتحدث عن الفساد واستعادة الدولة ووقف الإنهيار، لكن قلة تناقش في الأسباب والنتائج وتطرح المداخل والمخارج بصرامة وبإحياء بالثقة.
لقد تابع ملايين الناس قبل أسبوعين المواجهة بين ماكرون ولوبن عشية انتخابات الرئاسة الفرنسية. كانت العناوين المثارة في تلك المنافسة على قيادة دولة كبرى شديدة الوضوح والبساطة: مصير أوروبا، الاقتصاد، ارتفاع الأسعار، سن التقاعد، الهجرة والاندماج، الحرب في اوكرانيا ومصير الحلف الاطلسي، الخ.
لم يخوّن أي طرف الآخر ولم يتهمه بما هو ليس عليه وكان لكل مشاهد ومستمع أن يزيد قناعاته أو يبدلها بحسب ما سمع وقرأ وشاهد.
عناوين المشاكل اللبنانية قد تكون أشد تعقيداً وأكثر حاجة للحلول المباشرة والمقنعة. لكن في معركة الأعضاء للوصول، وبمقتضى قانون منع البرامج والرؤى الموحدة، فقد اختُصرت المنازلة بشعار مشترك تقريباً بين الجميع: ما خلوّنا… وما رح نخلّيهم!