يتقدم سيناريو تشكيل حكومة حيادية تشرف على الانتخابات في بعض الأوساط إذا رجح قرار اعتذار زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري في الأسابيع المقبلة نظراً إلى فشل كل المبادرات وتراجع إمكان قبول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحكومة برئاسته عند بعض الذين ما زالوا يَرَوْن أن “الأفكار الجديدة” التي وعد بها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يمكن أن تحدث خرقاً في جدار الانسداد السياسي.
حتى الآن لم يظهر من هذه الأفكار إلا ما تسرب عن حديث حول صيغة الأربع ستات بدلاً من الثلاث ثمانيات، التي يرى فيها البعض محاولة إعلامية لتجنب أي انطباع بأن الصيغة الحكومية التي أطلقتها مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، قائمة على المثالثة. فرفض رئيس “التيار الوطني الحر” للمثالثة كان حجة مفتعلة كي يبرر باسيل وقوفه ضد تحرك بري لأن وساطته مرفوضة أصلاً من قبل الفريق الرئاسي الذي لم يستسغ منذ البداية تسلمه دفة إيجاد المخارج، لانحيازه إلى وجهة نظر الحريري المعترضة على حرمانه من تسمية وزيرين مسيحيين كسابقة يستحيل تكريسها لتقييد دورالرئاسة الثالثة في تشكيل السلطة التنفيذية.
يذهب بعض المتشائمين من إمكان حصول خرق إلى حد القول إن ما يحصل من تسريبات على وقع التحركات الاحتجاجية العشوائية في الشارع، كلها مضيعة للوقت ولتعبئة الفراغ وعدم تيئيس الناس التي تندفع إلى الشارع للاعتراض وإقفال الطرقات.
وفي وقت ينتظر البعض أن يطلب الحريري موعداً لزيارة القصر الرئاسي لتقديم تشكيلة الـ24 وزيراً على أنه بشارة أمل بإحداث الخرق المطلوب، فإن البعض الآخر يرى في هذه الخطوة اقتراب الحريري من الاعتذار، لاستبعاده إمكان تجاوب الرئيس عون معه. أصحاب هذا السيناريو يتوقعون أن يلي تقديم الحريري لائحته بحث بقيام حكومة انتخابات نظراً إلى أنها يفترض أن تجرى بعد 10 أشهر ونيف، ولم يعد هناك متسع من الوقت من أجل برنامج نهوض اقتصادي في البلد، في ظل التباعد السياسي الكبير بين القوى السياسية الأساسية.
في سيناريو حكومة الانتخابات، حسابات تتعلق بالمواقيت يجري التداول بها في بعض الحلقات الضيقة. إذا كانت دعوة الهيئات العامة يجب أن تتم قبل 21 أيار 2022، فهذا قد يوجب تعديل قانون الانتخاب لجهة تأجيل انتخاب 6 نواب للمغتربين لاستحالة تنفيذ هذا البند لأسباب لوجستية ومالية، ولجهة تأجيل اعتماد البطاقة الممغنطة أيضاً، ولجهة قيام مراكز الميغا سنتر في الساحل لتسهيل اقتراع ناخبي القرى البعيدة قرب أماكن سكنهم، نظراً إلى كلفتها المالية أيضاً. وهذه التعديلات يتطلب الاتفاق عليها تسريع الخطى بين الصيف والخريف.
في المواقيت هناك من سجل الآتي: شهر الصيام، رمضان المبارك يحل بين 2 نيسان و2 أيار، وقبله يحل عيدا الفصح عند الطوائف المسيحية الغربية والشرقية، بين 17و 24 نيسان، بحيث توجب هذه المناسبات إجراء الانتخابات قبلها.
يقترح من يطرحون هذه الوقائع وغيرها، تقريب موعد الانتخابات من دون تقصير ولاية البرلمان بتعديل الدستور، بل بالاستناد إلى المادة 42 منه التي تنص على الانتخابات “خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة النيابة”، أي يمكن أن تتم في الأيام العشرة الأخيرة من شهر آذار، بعد تخصيص الصيف والخريف والشتاء للحملات الانتخابية. ومن دون تقريبها أصلاً، دخلت التعبئة الانتخابية والطائفية المتعلقة بالصلاحيات وحقوق المسيحيين بالنسبة إلى باسيل، عنصراً في الموقف من تشكيل الحكومة، وصار منطق الربح والخسارة إذا بقي الحريري رئيساً مكلفاً حتى هذا الاستحقاق من ضمن حساب الرئيس المكلف. وطبيعي أن يخشى انعكاس تدهور الوضع المعيشي سلباً عليه في الاستحقاق.
هذا المخرج يؤجل المأزق السياسي دون المعضلة الاقتصادية المعيشية، ويخشى البعض ألا يحل أزمة ترؤس الحريري للحكومة. فعون باقٍ رئيساً حتى 31 تشرين الأول من العام المقبل، وهو سيستمر في رفض تبوؤ الحريري الرئاسة الثالثة، حتى لو عاد بكتلة نيابية أكبر.