IMLebanon

إنتخابات باصطفافات تتجاوز «8» و«14 آذار»

 

يوحي المشهد الماثِل محلياً وإقليمياً ودولياً انّ المنطقة مُقبلة على كثير من التطورات، أقلّه في الشهرين المقبلين المتبقيين من السنة الجارية، قد تمهّد لكي تكون سنة 2018، سنة الحلول والتسويات للأزمات، خصوصاً انّ بعض ما يجري يبدو وكأنه «التصفيات النهائية» التي تسبق عادة الدخول في التسويات أو الحلول.

يستدلّ بعض السياسيين المتابعين للمشهد المحلي والاقليمي والدولي الى انّ السنة المقبلة ستكون سنة الحلول، من خلال التصعيد العنيف المتبادل بين الافرقاء المتنازعين على ساحة المنطقة، من لبنان الى اليمن مروراً بسوريا والعراق والبحرين وغيرها، وكذلك من خلال التصعيد الاميركي المتعاظِم ضد ايران و«حزب الله»، فضلاً عن التصعيد الخليجي، بحيث أنّ هذا التصعيد سواء أدّى الى مواجهات في الميادين، او على المستويين السياسي والديبلوماسي لا بدّ أن يدفع في النهاية الى تفاوض على حلول للأزمات يَرتضيها الجميع، بحيث انّ كل فريق سيرفع سقف شروطه لتعزيز موقعه التفاوضي بما يمكّنه من تحقيق المكاسب التي يطمح إليها في هذه الحلول.

غير انّ التصعيد القائم يبعث في جانب منه على الخوف من تفجّر الازمات أكثر فأكثر وصيرورتها الى مزيد من التعقيد، بما يمكن أن يؤدي الى مواجهات، وربما حروب إقليمية ودولية، يخشى البعض ان تكون ساحتها جبهة لبنان وسوريا في مواجهة اسرائيل، وجبهة الخليج بين ايران والولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الخليجيين، وما يمكن ان يصدر منها من شرارات قد تطاول العراق، فضلاً عن تفجّر الحرب في اليمن أكثر فأكثر، فيما العيون بدأت تتجه الى جبهة إدلب في الشمال السوري التي يبدو أنها سائرة الى أن تكون المَعقل الأخير لمجاميع المعارضة السورية المصنّفة معتدلة، الى جانب «جبهة النصرة» المصنّفة تنظيماً إرهابياً، فضلاً عمّا تبقّى من مجموعات تنظيم «داعش» التي يعمل النظام السوري وحلفاؤه الآن على إنهاء وجودها في مناطق دير الزور وصولاً الى البوكمال لمُلاقاة القوات العراقية من «حشد شعبي» وجيش العاملة على إنهاء وجود «داعش» في منطقة «القائم» على الحدود العراقية ـ السورية التي باتت آخر معقل «داعشي» في العراق بعد إنهاء بقية المعاقل، في بلاد الرافدين.

أمّا في لبنان، فإنّ المتابعين للمشهد المحلي والاقليمي والدولي لا يتوقعون أحداثاً أمنية وعسكرية تعكّر الاستقرار اللبناني، لأنّ القرار بالحفاظ على هذا الاستقرار قائم ونافذ وهناك سهر داخلي وخارجي عليه، وإنما يتوقعون تصعيداً في بعض المواقف السياسية يتوخّى منه هذا الفريق أو ذاك تحقيق مكاسب مرموقة في الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، لكن في ظل هذا التصعيد لن يحصل في الساحة الداخلية اصطفاف سياسي جديد بين معسكري 8 و14 آذار، لأنّ هذين المعسكرين باتا غير موجودين بالمعنى الدقيق للتسمية، فهما تغيّرا شكلاً ومضموناً الى درجة انّ أفرقاء في هذا المعسكر باتوا يتماهون مع أفرقاء في المعسكر الآخر، بحيث انّ المشهد الذي بدأ يَرتسم يشير الى انّ تكتلات سياسية كبرى ستنشأ وتفرضها طبيعة قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النظام الانتخابي النسبي للمرة الاولى في تاريخ لبنان، ومثل هذا النظام لا يُمكِّن أيّ فريق سياسي من الفوز بكتلة نيابية كبيرة، أو بالاكثرية النيابية الموصوفة التي تمكّنه من تَولّي السلطة الجديدة التي ستنشأ بعد الانتخابات، الّا إذا عقد مروحة كبيرة من التحالفات مع أفرقاء آخرين يخوضون العملية الانتخابية، حتى ولو كانوا ينتمون الى توجّه سياسي مُغاير له.

ولذلك، فإنّ المتوقع أن تسقُط، أو تُسقَط، «المحرّمات السياسية» في الانتخابات المقبلة لمصلحة «المُحلَّلات الانتخابية» التي ستتجسّد بتحالفات إنتخابية غالباً، لا تتحوّل تحالفات سياسية بعد انتهاء الانتخابات الّا في حال شاء أصحابها الاستمرار فيها، فهناك أطراف في فريق 14 آذار سيحاولون التحالف إنتخابياً مع أطراف في 8 آذار والعكس، ويقول بعض السياسيين: ستكون هناك «سوبر 8 آذار» تخوض الانتخابات في مواجهة «سوبر 14 آذار».

علماً انّ نتائج الانتخابات المقبلة سترسم ملامح الاستحقاق الرئاسي المُقبل والمرشحين الذين سيتنافسون على سدّة رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

وفي اعتقاد هؤلاء المتابعين انّ الطبقة السياسية الجديدة التي ستنتجها الانتخابات ستحدّد طبيعتها المآلات التي ستكون وصلت اليها الاوضاع في لبنان والمنطقة في الربيع المقبل، لكنّ المؤشرات على هذه المآلات تدل حتى الآن الى انّ الازمات الإقليمية ربما تكون يومذاك قد وضعت على سكك الحلول، والتصعيد القائم في غير اتجاه يتوقع ان يزيد من تحريك هذه الازمات في اتجاه المعالجة، لأنّ علامات التعب من الحروب بدأت تظهر على كثير من المتحاربين وتدفعهم للعودة من الحرب.