تحجم كافة الاحزاب والتيارات ومعها الشخصيات المستقلة في دائرة كسروان- جبيل بالكشف عن مجرد تحالف مع أية جهة أو حتى مجرد جزم مع أي حليف، ويعرف هؤلاء جميعا وفق أوساط كسروانية أن عملية «التخبئة» هذه لا يمكن أن تستمر أو إمكانية الكشف عنها في الآونة الحالية، ذلك أن المرشحين شبه معروفين ورؤساء اللوائح أصبحوا على كل شفة ولسان، وبالتالي لا يمكن إيجاد مرشحين جدد بين لحظة وأخرى، فالوجوه باتت مكشوفة بالرغم من كون إمكانية أن يعيد التاريخ نفسه من خلال النتائج أمر مستبعد، فالقانون الحالي ألزم كل مرشح بالسعي منفردا لتجميع الحاصل لنفسه بالدرجة الاولى بعيدا حتى عن حليفه الاول في لائحته، إنه قانون «الأنا» بكل وضوح تجزم هذه الاوساط.
ولكن هل من مفاجآت يمكن تلمسها في هذه الدائرة على صعيد النتائج ؟
هذه الاوساط تعتبر أن إمكانية حصولها أمر يتعدى الخمسين بالماية، بالرغم من وجود ثوابت لا يمكن دحضها، فهناك شخصيات مستقلة ونواب حجزوا المقعد بشكل تلقائي وهم على كل شفة ولسان، وهذا الامر ليس ناتجا» عن الضرب في الغيب، بل هناك مسارا تاريخيا طويلا لهؤلاء في خدمة الناس لا يمكن القفز فوقه حتى في عز أزمات العوز والجوع إن كان في كسروان أو جبيل، إلا أن هذه الاوساط تخشى تبيان نتيجة مغايرة وفقا للظروف التي تواجه العملية الانتخابية من الاّن وحتى موعد العملية الانتخابية، وخلال هذه المدة الفاصلة وتحديدا في بلد كلبنان « متحرك» بشكل يومي، مما يعني أن الازمات الاقتصادية والخضات الامنية التي يتوقع كثيرون تعاظمها ستعكس إنقشاعا» أفضل في رؤية المشهد الانتخابي بشكل أوضح مما هو الاّن.
وتضع هذه الاوساط صورة مشددة عن حجم حدة التنافس في هذه الدائرة الذي سيذكره التاريخ اللبناني، نظرا لكون المعركة الانتخابية تشكل مفصلا يجمع الاحداث الكبرى في لبنان ضمن دائرة صغيرة، إنما تبدو مقررة للكثير من الاستحقاقات الوطنية الكبرى وفي طليعتها الانتخابات الرئاسية وترويسة الاكثرية في المجلس النيابي الجديد، ومرد هذا الامر يعود لتواجد سبعة نواب موارنة في عاصمة الموارنة في الشرق ومقر بطريركية انطاكيا وسائر المشرق، بالإضافة الى عنصر معنوي بالغ الاهمية يتمثل بالفوز بمقعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي فاز في أكثر من دورة بأغلبية النواب ليتم تتويجه زعيما للمسيحيين من قبل أكبر مرجعية مسيحية في لبنان والمنطقة، فهل من قائد آخر لهذه الطائفة ينبثق إسمه من خلال الانتخابات القادمة؟
حقيقة الامر ووفق النتائج، بحسب هذه الاوساط، أنه سبق للنائب الشيخ فريد هيكل الخازن أن تم تتويجه زعيما في العام 2000 في كسروان وجبيل حيث حلّ الاول في الدائرة، وليس هناك من إشكالات عملانية تمنع هذه الفرضية عن شخصية أخرى، فالأرض مهيأة لمعركة «كبيرة»، مع الاخذ بالحسبان تاريخ الشخصية التي ستفوز من الناحيتين : إمكانية أن يكون قد أحدث «الموجة الشعبية» التي تحدد في العادة مسألة الزعامة، ومن الصعوبة بمكان الوقوف في وجهها، والأمر الثاني مدى قربه من مآسي الناس خلال الازمة المفصلية التي تمر بالبلاد.
وقد سجلت هذه الدائرة تحركا لافتا خلال الاسبوع الفائت، ويمكن وضعها في سياق ترتيب الساحة للاّتي من تداعيات النتائج التي ستسفر عنها المعركة وهي:
1- الامر الاول حصول لقاء مطول بين النائب السابق فارس سعيد ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في بنشعي، ولاحظت الاوساط أن مدة اللقاء الذي قاربت الساعتين ونصف الساعة بينهما، تتطرق الى قضايا سياسية أكثر منها انتخابية، بالرغم من تمسك كل طرف بثوابته الذي جاهر فيها خلال اللقاء، وتحدث سعيد إنطلاقا من قناعاته التي اصبحت معروفة، فيما أبدى فرنجية إحترامه لمجريات المحادثات مع بقائه على مواقفه السياسية الثابتة، ولكن هل هناك من لقاء آخر بينهما قبل الانتخابات أو الاستحقاق الرئاسي؟ الاوساط توقعت زوارا» آخرين الى بنشعي، ليس من الضرورة أن يكونوا من نفس التوجه، مع الاشارة أن النائب فريد هيكل الخازن جزم تعاونه مع الدكتور سعيد في الانتخابات بشكل علني.
2- زيارة النائب السابق محمود عواد بعد طول غياب الى دارة النائب زياد الحواط لإستكشاف إمكانية التعاون في الانتخابات القادمة، بالرغم من التجربة السابقة التي حصلت فيها هفوات فاقعة، أما الحواط يبدو بدوره يقيم بعض «الفحوصات» لبعض المرشحين في سبيل التعاون معهم، ولم يسمّ أية شخصية حتى الآن، مع عدم إغلاق الباب أمام أي مرشح شيعي آخر.
3 – ملاحظة مرشحين كثر يطرقون باب النائب المستقيل نعمة افرام وفق طريقة «طالبين القرب» سبيلا للتحالف في الانتخابات، ولا يبدو أن افرام قد حزم أمره بإتجاه أي مرشح، بإستثناء حديث جدي مع مرشح الكتائب الدكتور سليم الصايغ ومرشح شيعي من جرد جبيل، مع إشارات إيجابية نحو شخصية من الشطيب الشمالي تتلاقى مع مبادىء « مشروع وطن الانسان «، وبالتحديد من بلدة ترتج، أما فيما يختص بترشيحه إحدى السيدات من فتوح كسروان ومتأهلة من فاريا على لائحته، لا يبدو الامر كونه مجرد أقاويل ولم يؤكده مقربون من افرام.
فيما يتعلق بالنائب السابق منصور غانم البون، تتحدث هذه الاوساط وتنقل عنه إيجابيته مع كافة الاطراف والشخصيات ولا عداوات لديه مع أية جهة، وهو يلتقي عددا من المرشحين وآخرهم فارس فتوحي الذي أطلق مشروع النقل المشترك في كسروان- الفتوح، كما حصل في جبيل مع النائب زياد الحواط.
هناك من يقلّل من حجم المعركة الانتخابية في كسروان – جبيل على خلفية عدم إثارة عناصر جديدة ليست في صالحه، وآخرون يضعوها كقنبلة في «بوز المدفع» المؤدي لاحقا الى بعبدا.