Site icon IMLebanon

يدافعون عن الدستور بدوسه مراراً

 

يستحيل إدراج انتقاد “لا قرار” المجلس الدستوري بشأن طلب الطعن في قانون الانتخاب الذي أقرّه مجلس النواب معدّلاً، في باب الدفاع عن الدستور وعن موجباته، مثلما يستحيل ادراج آخرين ربطهم عودة الحكومة الى الإجتماع بتطيير المحقق العدلي بالدفاع عن الدستور إياه. فالطرفان، واسماؤهم على كل شفة ولسان يتفننون في دوس الدستور خلال ممارستهم السياسة، وحوّلوا السياسة الى مهنة مافيوية لا قانون لها غير الوصول.

 

التلاعب بالدستور يقوم به الأقدر والأكثر سطوة. هو ليس بحاجة الى تعديله أو إلى صياغة مواد إضافية وتعديل مواد موجودة. كانت تكفي إشارة من الرئيس السوري ليتم الغاء مادة فيه والتمديد “لمرة واحدة” للرئيس الياس الهراوي أو للرئيس اميل لحود. ومثلُ ذلك لم يحصل لرئيس الاستقلال الأول بشارة الخوري ولا لفتى العروبة الأغرّ كميل شمعون. ففي وجههما قامت موجات رفض و”ثورة” جعلت الولاية من ست سنوات.

 

في عهد ما بعد الرحيل السوري ألغي الدستور واقعياً. لم تعد الأكثرية النيابية صاحبة قرار في السلطة التنفيذية. الأقلية المسلحة ورثت القرار السوري وطبقته بما يناسبها نحو مزيد من تطييف البلد والسلطة والمجتمع، ومزيد من تثبيت ركائز انهيار الدولة والمؤسسات.

 

لم يكن فرض الفراغ في رئاسة الجمهورية لمدة عامين دفاعاً عن الدستور، ولا كان فرض التعثر في تشكيل الحكومات عملاً دستورياً ومثله منع انتخاب النواب لملء الفراغ الحاصل بسبب الاستقالات والوفيات…

 

ثم يأتيك واحد من جماعة “كلن” ليتحدث عن الدستور. هذا باسم الدستور يريد قبع التحقيق في جريمة المرفأ، وآخر بإسم الدستور يريد إبعاد الصوت الإغترابي الى مجاهل أفريقيا وضواحي أوقيانيا، وثالث بإسم الدستور يريد ضمان الإستمرار رئيساً حفاظاً على الجنس البشري.

 

لا، انهم لا يريدون الدستور ولا القانون.

 

من يحفظ هذه المرجعيات هو الناس بحسها السليم. وهذا الحس يرفض منع المغتريبن من التصويت في دوائرهم مثلما يرفض التدخل في القضاء من قِبل من يعتمدون على اسلحتهم في إحقاق العدالة.

 

الشيء الأكثر عدلاً على وجه البسيطة هو الحس السليم كما يقول ديكارت، لكن ما يفعله تجار الحكم والسياسة هو مزيج من الغباء والحماقة على قول امبرتو ايكو في نقضه لنظرية ديكارت.