Site icon IMLebanon

“مرّقلي تا مرّقلك”

 

منذ اليوم، بدأت الشكوك تكبر حول إمكان إجراء انتخابات نيابية وانتخابات رئاسية في العام 2022، لا سيّما إذا استمرّت الأمور على ما هي عليه في لبنان من خلافات وتعنّت وارتهان للخارج، وتحديداً لمِحور الممانعة، الذي وضع لبنان في عزلة عربية ودولية لم يسبق لها مثيل. وما يزيد من هذه الشكوك، أنّ الاهتمام الأميركي بالمنطقة مرشّح للتراجع، ولو كانت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ترغب باستمالة إيران والتوصّل معها إلى تسوية شاملة في المنطقة، ولكنّها تسوية، إذا حصلت، قد تستلزم وقتاً أبعد من العام 2022، وقد يكون لبنان جائزة ترضية لهذا الطرف الإقليمي أو ذاك، ما يحتّم عليه انتظار الإستحقاقات.

 

وإضافة لهذه الإعتبارات الخارجية، تبرز أيضاً اعتبارات داخلية مهمّة جداً. فالأجواء السائدة في البلد، والتعبئة الموجودة لدى الرأي العام ضدّ الطبقة السياسية الراهنة، تحتّم على هذه الطبقة أن تهرب من مواجهة هذا الرأي العام. ولذلك، يفضّلون عدم إجراء الإنتخابات النيابية، لأنّها لو حصلت ستؤدّي بالفعل إلى التخلّص من الأكثرية النيابية التي يسيطر عليها “حزب الله”، وإلى أن يفقد الغطاء المسيحي المتمثّل بـ”التيار الوطني الحرّ”، في اعتبار أنّ كلّ المؤشرات المتوفرة تدلّ على أنّ الأكثرية النيابية لدى المسيحيين ستتغيّر وستنتقل من “التيار الوطني الحرّ” الداعم لـ”حزب الله” إلى “القوات اللبنانية” والكتائب والمستقلّين، وهم في حال خلاف مع “حزب الله” وضدّ سلاحه.

 

عدم إجراء الإنتخابات النيابية يعني أيضاً أنّ لا انتخابات رئاسية ستحصل، لأنّ من سار مع خيار “حزب الله” في الإنتخابات الرئاسية في العام 2016 واختار العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لن يسير هذه المرة في اختيار مرشّح “حزب الله” الذي قد يكون رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل، ما سيُدخل البلاد مُجدّداً في فترة فراغ رئاسي، إلا إذا تمّ التوصّل إلى مرشّح تسوية، أو حصلت تطورات دراماتيكية في المنطقة مكّنت أطرافاً في لبنان وأطرافاً إقليمية من فرض مرشّح آخر تريده.

 

وفي ظلّ هذا الفراغ المتوقّع، يسعى “حزب الله” مع حلفائه من أجل تشكيل حكومة حالية يُمسك بكلّ تفاصيلها، في اعتبار أنّها هي التي ستُناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية. ومن هنا، يأتي تشدّد رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل في المطالبة مع رئيس الجمهورية بالحصّة الوزارية المسيحية كاملة، تحت عنوان عدم الإنقلاب على المناصفة التي أقرّها اتفاق الطائف، وذلك في تقاطع مصالح مع “حزب الله” ووِفق مبدأ “مرّقلي تا مرّقلك”.