IMLebanon

لقاء عون – الراعي: غير وارد مسيحياً المسّ بقانون الانتخاب

 

لم يعد موضوع تشكيل الحكومة مشكلة بل مأساة على مستوى البلد وورطة على مستوى الرئيس المكلف سعد الحريري. علاقته ساءت مع رئيس الجمهورية ميشال عون لعجزه عن اعداد مسودة تشكيلة حكومية مكتملة. ومع “حزب الله” تباعد لم يعد ينفع معه القول ان الحصة الشيعية مفروغ منها. حتى الامس القريب لم تكن اي اسماء وزارية قد حسمت والعلاقة فاترة مع “الثنائي الشيعي” لولا الاتصال الذي تم مطلع الاسبوع الماضي والذي كان يفترض ان يستكمل اليوم. مقيد الحريري، بات يفضل ان يلتقي الخليلين كلاً على انفراد او يتواصل معهما عبر “الواتساب” بعيداً من الزيارات المعلنة. كان ظنه ان مشكلته تكمن مع عون ليتبين ان عقباته متشعبة وتتوزع بين عون والثنائي فيما رئيس “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يجلس منتظراً حسم حصته، مكتفياً باتصال يجريه الوزير السابق وائل ابو فاعور كل عشرة ايام للوقوف على التطورات من الرئيس المكلف. معركة ليس اقل ما يقال فيها انها معركة كسر عضم بين جنرال اعتاد ان لا يهادن في مواقفه ورئيس مكلف مغلوب على امره، فانقسمت البلاد على خلاف مسيحي مسلم بلا تلاوين ولا قفازات.

 

وكيف تتشكل حكومة وسط فرز طائفي دخلت فيه البلاد يتوقع ان تستكمل فصوله مع جلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية في مجلس النواب اليوم. هذه الرسالة التي حضر مضمونها خلال زيارة الراعي الى بعبدا الى جانب الموضوع الحكومي والحياد.

 

طوال الفترة الماضية علت الشكوى من غياب الكنيسة المارونية والارثوذكسية عن اتخاذ موقف واضح من ملف التحقيق الجنائي “المتصل بمطالب الناس وحقوقهم وارسلت رسائل عتب ولوم بهذا الشأن”، وعلى خط الحكومة، حرص عون على ان يشرح للراعي تفاصيل زيارات الحريري الى بعبدا وكيف انه لم يحمل معه مسودة حكومية مكتملة، ولا يتعاطى معه من منطق الشراكة التي يفرضها الدستور بل سمح لنفسه ان يسمي الوزراء المسيحيين ويطلب من عون الموافقة عليها. اما لناحية الحياد فلا يمكن لاحد معارضته لكن شرط الا يتحول الى مشكل داخلي، وطرح مسألة الحياد شرطه تطوير النظام والدخول بذهنية الدولة المدنية وانشاء مجلس شيوخ.

 

وعشية زيارتها الفاتيكان أجرت بكركي مرافعة مع عون بالملفات الاساسية بما فيها قانون الانتخاب الذي يلزمه توافق اذ انه “من غير الوارد ان يُسمح مسيحياً المس بقانون الانتخاب” ولذا فمن المتوقع هنا ان يراجع منظّر القانون ايلي الفرزلي حساباته وهو الذي ظهر كرأس الحربة في قانون الانتخاب لا سيما بعد رسالة اللوم التي وجهت اليه، وبالموازاة فهم المعنيون ان طرحه بالشكل الذي حصل بمثابة الشروع في حرب اهلية وسيكون ثمنه غالياً، وتقول المعلومات الموثوقة هنا ان هذه الاجواء وصلت اصداؤها الى “حزب الله” الذي تلقف الموضوع وسحب فتيل الازمة.

 

كان الراعي متجاوباً ومتفهماً لكل ما سمعه ولم يكن في الاساس بعيداً من الاجواء وهو يترأس لجنة اسبوعية تبحث في المسائل الاقتصادية والسياسية والشؤون اليومية التي تطرأ، وتخلص الى اصدار توصيات تساعد في بلورة موقف الراعي تجاه القضايا المطروحة. وفي آخر اجتماع عقدته اللجنة احتل ملف تشكيل الحكومة حيزاً واسعاً من النقاش وضع خلاله المجتمعون “النقاط على الحروف” في مسألة التعاطي الحاصل مع رئيس الجمهورية، وانه “مهما بلغ الخلاف بالشأن السياسي مع عون فليس في وارد القبول بتخطي الموقع وصلاحياته، وتم البحث في عملية التحقيق الجنائي وتأثيره على عملية الاصلاح في الدولة ومصير الحسابات، وان التساهل في موضوع التدقيق الجنائي يوازي بخطورته انفجار المرفأ”. الكلام في محيط بكركي ليس من غير الوارد القبول ان تعفي ميليشيا الحرب عن نفسها مرتين.

 

بالمناخ العام رغم التباينات والاختلافات بين القوى السياسية المسيحية ومع الكنيسة، تمت بلورة خط سير عام في داخله: التمثيل النيابي اي المشاركة السياسية للمسيحيين في القرار واجماع على ذلك، باستثناء صوت واحد لم يصدر موقفه بعد هو رئيس تيار “المردة” الذي يبدو محرجاً. وتبلور هذا الموقف من زاوية قانون الانتخاب واجراء المحاسبة والمكاشفة، وهذا سيشمل الكل بمن فيهم المسيحيون ولا خيمة فوق رأس أحد مع تحديد المسؤوليات في المرفأ وغيره من القضايا.

 

حكومياً، ثمة شعور عميق عند المسيحيين بأن لا ارادة عند بعض الاطراف لتشكيل حكومة تتبنى التدقيق الجنائي في بيانها الوزاري ومن خلال وزير ماليتها ايا كان هذا الوزير. كما هو واضح بأن التدقيق الجنائي والخوف من تمثيل “حزب الله” وتهديده اميركياً بالعقوبات جعله بحالة عجز، فلا هو قادر على مواجهة الاميركيين ولا مصارحة “حزب الله”، وهناك شيء ما بالمرصاد هو ان الحكومة الجديدة ستكمل في التدقيق المالي الجنائي ولو من خارج “ألفاريز”، ورئيس الجمهورية “سيخوض حرباً شعواء هنا ويا قاتل يا مقتول”، لانه مصر على “الّا ينهي عهده بمقولة كلن يعني كلن كشعار يطبق على الجميع بحيث يمنع تطبيق التدقيق الجنائي وتكون النتيجة باتهام الكل بالفساد”.