قالها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بوضوح: “ما زلنا ضد هذا الأمر (الانتخابات المبكرة)؛ واللجوء إليه مضيعة للوقت لأن المشهد السياسي لن يتغير وهو إلهاء للناس عن الاستحقاقات التي تشغلهم ليلاً ونهاراً”. والمقصود بهذه الرسالة الحاسمة، ليس الخصوم، وإنّما الحلفاء، وتحديداً “التيار الوطني الحر” الذي يهوّل بتقديم استقالات جماعية، كما تطالب “القوات” لفرض الانتخابات المبكرة بفعل فقدان مجلس النواب، في هذه الحالة، الميثاقية المسيحية. ما يعني أنّه لا فتح للصناديق الا في الربيع المقبل.
في هذه الأثناء، يعمل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي على وضع خريطة طريق للانتخابات النيابية العامة، خصوصاً وأنّ ثمة مهلاً قانونية ضاغطة قد تطرق أبواب وزارة الداخلية خلال أشهر قليلة، ويفترض به معالجتها اذا ما استمرّ في موقعه في مبنى الصنائع، وهو احتمال كبير. ويعمل بالتوازي على إعداد مشروع قانون لتعليق بعض بنود قانون الانتخابات الحالي، منها على سبيل المثال يرتبط بالبطاقة الممغنطة، الميغاسنتر، نواب الاغتراب، خصوصاً وأنّ الظروف السياسية لا تشي بأنّ القانون قابل للتعديل على نحو قد يطال عناوينه الأساسية، أي حجم الدوائر أو عدد الأصوات التفضيلية.
ولكن ماذا عن الانتخابات الفرعية الناجمة عن شغور عشرة مقاعد بالإستقالة والوفاة؟
في آخر تطورات هذا الملف، فقد ردّت رئاسة الجمهورية على الكتاب الموجّه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء والذي تضمّن موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال دياب والوزراء المعنيّين، الاستثنائية، على طلب وزير الداخلية إجراء انتخابات لملء الشغور في المقاعد العشرة، من خلال طلب استكمال الملف باستطلاع رأي كل من وزارة الداخلية، وهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، “مختبئة” خلف نقطتين:
– الأولى تقنيّة ترتبط بمدى جهوزية وزارتيْ الداخلية والمال لاحترام الشروط الصحية المتعلّقة بوباء كورونا والتي طالبت وزارة الصحة بتوفيرها، ومنها فحوصات الـPCR والحبر الفردي.
– والثانية ترتبط بالحاصل الانتخابي، إذ اعتبرت رئاسة الجمهورية أنّ “اقتصار عدد المقاعد الشاغرة في إحدى الدوائر على ثلاثة فقط، يزيد بشكل كبير احتمال عدم حصول أيٍّ من اللوائح المتنافسة على الحاصل الانتخابي في ضوء عدد المقترعين في هذه الدائرة، واستناداً إلى الانتخابات العامة الأخيرة. وتقتضي هذه المشكلة إيجاد حلّ، وقد تتطلّب تعديلاً لقانون الانتخاب من هذه الناحية، وهو أمر يستدعي استطلاع رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، وذلك كي لا نقع في محظور عدم إجراء انتخابات فرعية في دائرة معيّنة دون سواها من الدوائر التي شهدت شغوراً في مقاعدها”.
وبالفعل، فقد ردّت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ورأت أنّه يتبيّن من أحكام المادة 99 من القانون 44/2017 ما يلي:
– إنّ الحاصل الانتخابي يتمّ احتسابه من أجل تحديد عدد المقاعد العائدة لكل لائحة.
– نصّت الفقرة الثالثة على إخراج اللائحة أو اللوائح التي لم تنل الحاصل الانتخابي من احتساب المقاعد ويعاد مجدداً تحديد الحاصل الانتخابي بعد حسم الأصوات التي نالتها هذه اللوائح.
وقد تبيّن، وفق استشارة الهيئة، “من كامل عملية احتساب الحاصل الانتخابي أنّ الغاية من اعتماده في الانتخابات القائمة على أساس النظام النسبي، مردّه تحديد عدد المقاعد لكل لائحة وليس تعطيل الانتخابات بحيث تصبح جميع اللوائح خارج العملية الانتخابية، حيث انطلاقاً من وجوب احترام ارادة الناخب الذي مارس حقه الدستوري بالانتخاب ومنعاً لتعطيل العملية الانتخابية، فإن الهيئة ترى في حال عدم حصول أية لائحة على الحاصل الانتخابي، وهي مسألة لم يتبصّر لها المشترع، وانطلاقاً من وجوب تفسير النصوص القانونية بشكل تكون معه قابلة للتطبيق.
اذاً، انطلاقاً من الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترى الهيئة في هذه الحالة تجاوز مرحلة اخراج هذه اللوائح من العملية الانتخابية، واعتبارها جميعها مؤهلة لاحتساب عدد المقاعد العائدة لكل منها وفق الآلية المحددة في الفقرات 4 و5 و6 و7 من المادة 99، وذلك من أجل احتساب المقاعد العائدة لكل لائحة”.
ورأت الهيئة أنّه “من المحتّم أنّ أي تعديل للقانون بغاية ايضاح الثغرة المذكورة يكون مرحّباً به ولكن عدم حصوله لا يجب أن يؤدي في أي وقت إلى عرقلة العملية الانتخابية وفق ما ذكر أعلاه”، وتلفت النظر إلى أنّ “الكلمة الفصل في هذا المجال تعود لجانب المجلس الدستوري في حال الطعن أمامه بالعملية الانتخابية”.