«الخارجية» شكّلت لجنة لبدء التحضير لانتخاب غير المقيمين منذ الآن
يخشى المغتربون اللبنانيون الذين انتخبوا للمرّة الأولى في حياتهم في بلدان الإغتراب في الدورة الإنتخابية الماضية أي في العام 2018، من أن يتمّ إقصاؤهم في الإنتخابات النيابية المقبلة، أكانت حصلت في وقت مُبكر أو في موعدها، بعدما تناهى الى مسامعهم خبراً عن احتمال إلغاء إقتراع المغتربين في الإنتخابات المقبلة.فهؤلاء يرفضون إلغاء الإنتخابات ويريدون المشاركة في إحداث التغيير في الحياة السياسية مثلهم مثل اللبنانيين في الداخل، عن طريق إيصال صوتهم في صناديق الإقتراع.
وعلى أساس هذا الخبر الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، تحرّكت مجموعات إغترابيةفي عدد من دول العالم منها فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، ألمانيا، رومانيا، بلجيكا،هونغ كونغ، الولايات المتحدة الأميركية، سويسرا، أوستراليا، الأرجنتين، الكويت والرياض.. وأرسلت رسالة الى وزارة الخارجية والمغتربين، قالت فيها: «نؤكّد أنّنا، كهيئات تمثّل شريحة كبيرة من المغتربين اللبنانيين، لن نقبل تهميشنا وكتم صوتنا.. فالإنتخابات حقّ ديموقراطي مقدّس، مكرّس بالدستور والقوانين، وهو حق مكتسب، ترسّخ في الإنتخابات الماضية، ولن نقبل بإعادة عقارب ساعة الديموقراطية والحقوق الى الوراء».كما نشرت هذه المجموعات وعددها 21 مجموعة، والتي تضمّ رجال أعمال وشخصيات من مختلف القطاعات،شريطاً مصوّراً تحدّث فيه عدد من المغتربين عن حقّهم في الإقتراع، على ما نصّت عليه المادة 111 من قانون الإنتخابات للعام 2017 والتي جاء فيها أنّه: «يحقّ لكلّ لبناني غير مقيم على الأراضي اللبنانية أن يُمارس حقّ الإقتراع».
أوساط ديبلوماسية متابعة أكّدت أنّ نائبة رئيس الحكومة، وزيرة الدفاع الوطني ووزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر فور تسلّمها مهامها في «الخارجية، عقدت اجتماعاً تطرّق الى موضوع انتخاب المغتربين وشكّلت لجنة للعمل عليه، لاتخاذ التدابير اللوجيستية اللازمة لإجراء هذه العملية في موعدها. وأوضحت بأنّ القانون الإنتخابي الحالي رقم 44 الصادر بتاريخ 17/6/ 20217، قد نصّ في الفصل الحادي عشر تحت عنوان: «في اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية»، على حقّ اقتراع كلّ لبناني مغترب. كما فنّد كيفية إجراء عملية الإنتخاب في المراكز الإنتخابية في السفارات أو القنصليات أو في أماكن أخرى تحدّدها الوزارة وفقاً لأحكام هذا القانون وبالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين، وتسجيل المقترعين، والإعلان عن القوائم الإنتخابية، وتحديد الأقلام والهيئات وصولاً الى عملية الإقتراع وإحصاء الأوراق وتوزيعها، وإيداع المغلّفات وباقي المستندات الإنتخابية بهدف فرز الأصوات. وهذا الأمر يجعل حقّ المغتربين في الإقتراع محفوظ في القانون في أي وقت تجري فيه الإنتخابات.
ولهذا، فإنّ وزارة الخارجية والمغتربين بصدد التحضير لكلّ هذه الأمور اللوجيستية لتصبح السفارات والقنصليات اللبنانية في دول الخارج جاهزة لإجراء عملية الإنتخاب متى تقرّر دعوة وزارة الداخلية والبلديات الهيئات الناخبة الى الإنتخابات النيابية المقبلة. علماً بأنّه سبق للسفارات والقنصليات أن حضّرت للإنتخابات النيابية الماضية في العام 2018، وجرى نقل العملية الإنتخابية من جميع دول العالم بشكل مباشر من وزارة الخارجيةعلى شاشة عملاقة، ما يجعل مهمّتها أسهل في العام المقبل.
وأشارت الأوساط الديبلوماسية، الى أنّ القانون الإنتخابي نفسه، نصّ على حقّ المغتربين في الترشّح أيضاً، وليس فقط في الإقتراع، لا سيما في الدورة المقبلة، إذ ورد في المادة 112 المتعلّقة بالمرشّحين من غير المقيمين أنّ «المقاعد المخصّصة في مجلس النوّاب لغير المقيمين هي ستّة تُحدّد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين، موزّعين كالتالي: ماروني، أرتوذكسي، كاثوليكي، سنّي، شيعي، درزي وبالتساوي بين القارات الست». وهذا يعني بأنّه في حال تقرّر إجراء الإنتخابات وفق القانون الحالي، فإنّه لا يُمكن إلغاء حقّ اللبنانيين غير المقيمين في الترشّح، كما لا يُمكن عدم اعتماد هذه المقاعد الستّة المخصّصة للمرشحين المغتربين.
وبرأي الاوساط ، فإنّ الإنتخابات النيابية المقبلة التي بدأت الأحزاب السياسية تتحضّر لها في دول الخارج قبل الداخل، من دون أن تنتظر تشكيل الحكومة الجديدة، نظراً لما يُمثّله المغتربون من قيمة لبنانية في دول الخارج كما في بلدهم لبنان الذي لا يزالون يحافظون على علاقتهم به من خلال عائلاتهم وأقاربهم، ويُمثّلون «الدعم المالي لهم» منذ عقود، لا بدّ وأن يجري خلالها إضافة المقاعد الستة لغير المقيمين في حال حصولها. فالمادة 122 من القانون الإنتخابي الأخير نصّت على أنّ المقاعد الستّة هذه تُضاف الى عدد أعضاء مجلس النواب ليُصبح 134 عضواً في الدورة الإنتخابية التي سوف تلي الدورة الأولى التي ستجري وفق هذا القانون (أي في الإنتخابات المقرّرة في العام 2022). على أن يُصار في الدورة اللاحقة (أي في انتخابات العام 2026) تخفيض ستّة مقاعد من عدد أعضاء مجلس النوّاب الـ 128 من الطوائف نفسها التي خصّصت لغير المقيمين في المادة 112 من هذا القانون، وذلك بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير.
وعن تحميل المجموعات الإغترابية وزارة الخارجية مسؤولية مباشرة عن صون أصول وقواعد ممارسة الحياة الديموقراطية والمساهمة في تعزيزها من خلال حماية حقّ المغتربين الدستوري في الإقتراع الحرّ، والمشاركة في العملية الديموقراطية، على ما ورد في الكتاب، عقّبت الأوساط بأنّ هذه المسؤولية مشتركة تتقاسمها الحكومة والوزارات المعنية، كما مجلس النوّاب الذي أقرّ القانون الإنتخابي الحالي وأعطى اللبنانيين غير المقيمين الحقّ في التصويت في دول الإنتشار، ولا بدّ بالطبع من الحفاظ على هذا الحقّ بعد أن حصلوا عليه.
وفيما يتعلّق بالكلفة التي ستتكبّدها الدولة السائرة نحو الإفلاس لعملية اقتراع المغتربين في دول الخارج، وإذا ما كانت ستحول دون انتخاب هؤلاء، شدّدت الأوساط عينها، على أنّ الإنتخابات النيابية مقرّرة بشكل مبدئي في أيّار من العام المقبل، وفي حال لم يمنع أي طارىء أو ظرف ما حصولها في موعدها، فلا بدّ من انتخاب اللبنانيين من غير المقيمين حيثما وُجدوا. أمّا فيما يتعلّق بالكلفة، فعلى الحكومة تدبير هذا الأمر، ومنذ الآن وحتى العام المقبل لا يُمكن الجزم حول إمكانية تحسّن أو تدهور الوضع الإقتصادي في البلاد.
ولفتت الاوساط، الى أنّه من المفترض أن تتشكّل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن، وأن تبدأ بالتأسيس للإصلاحات المطلوبة بهدف الحصول على الدعم المالي اللازم من الدول المانحة ودول المجتمع المدني لإنقاذ البلاد ومعالجة بعض الأزمات. علماً بأنّ المغتربين اللبنانيين قد ساهموا على مرّ العقود الماضية مساهمة كبرى في الحفاظ على العيش الكريم لعائلاتهم في لبنان إن من خلال التحويلات أو الإستثمار أو الدعم السياسي في بلاد الإغتراب. وهذا الدعم لا بدّ وأن يستمرّ لا سيما في المرحلة الراهنة التي تزداد فيها العائلات اللبنانية فقراً يوماً بعد يوم بسبب انخفاض القدرة الشرائية لليرة اللبنانية مقابل العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق.