تخطت الحكومة الحريرية الجولة الأولى من المناقشات النيابية لسياساتها بسلام. ولا توقعات تشي بأن الجولات الأخرى ستكون مختلفة، من حيث الحدّة والحرارة المتدنية.
ويعود الفضل في هذا الى القوطبة الرسمية على جلسات المناقشة، بالاعلان مسبقا عن جلسة لمجلس الوزراء الاثنين في بعبدا، للبحث في قانون الانتخابات، وبالتالي لا مبرر للإلحاح والتشنّج.
غير ان هذه البشارة اقترنت، باعتماد التوافق على القانون ومن دون استبعاد التصويت!
ومن ثم اعتماد مشروع القانون الذي يحقق أكثرية وزارية ونيابية وسياسية وميثاقية، كما تقول أوساط التيار الوطني الحر، على ان تكون هذه الأكثرية كافية لاقراره كقانون جديد للانتخابات في مجلس النواب، تمهيدا لفتح صناديق الاقتراع بعد مئة يوم من التحضيرات، وضمن اطار مُهل يحددها القانون عينه.
وقد تناول الرئيس الحريري قانون الانتخاب من ضمن البرنامج الوزاري الذي تعهّدت به حكومته، ولتجري الانتخابات على أساسه، وقال: هذا الأمر وصل الى خط النهاية، في اشارة الى جلسة مجلس الوزراء الاثنين، حيث لا مفرّ من قانون جديد مؤكدا الرهان على التوافق وان الرهان مستمر… من دون التطرّق الى التصويت، الذي يلوّح به التيار الوطني الحر، في رسالة ضمنية الى الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه وليد جنبلاط…
غير ان النائب وائل أبو فاعور التقط الرسالة، وسارع الى الرد عبر النظام، متوقفا عند التوافق الذي تحدث عنه الرئيس الحريري، ومؤكدا على انه أياً كان النقاش حول قانون الانتخاب، فان اقراره محكوم بالتوافق، لا بالتصويت المستبعد في مجلس الوزراء، لأن التصويت يعني الانقسام، بل يعني الذهاب في مغامرة غير محسوبة….
وفي غمزة من قناة وزير الخارجية جبران باسيل، تساءل أبو فاعور، لماذا باسيل وليس وزير الداخلية نهاد المشنوق من يعدّ قانون الانتخاب؟ الأمر الذي أثار حفيظة النائب ابراهيم كنعان، فرد معتبرا ان الوزير باسيل صاحب مبادرات، وان التوافق هو الأساس، لكن الدستور يجيز التصويت في مجلس الوزراء، اذا تعذر التوافق…
لقد بدا واضحا ان المواجهة على المحور الانتخابي اقتصرت على الطرفين المتعارضين الأساسيين، التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، بينما اقتصرت مداخلات الآخرين على تسجيل المواقف، والتركيز على اداء الحكومة في المجالات الأخرى كالهدر في الكهرباء والموازنة والتعيينات والنفايات، والفساد والمرافئ والمرافق، التي توسّع في الحديث عنها، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، ليتجنب الملف الانتخابي، تبعا لقرار الحزب ابلاغ موقفه الانتخابي الأخير الى الرئيس عون مباشرة، قبل الاثنين.
بدورها القوات اللبنانية استبقت جلسات المناقشة لتعلن بلسان رئيسها الدكتور سمير جعجع ان النسبية الكاملة في قانون الانتخابات، هي ديمقراطية عددية مقنعة لن نقبل بها… وان مشروع قانون باسيل هو أكثر ما يصحح التمثيل، وان تيار المستقبل لا يمانع به، مع بعض الملاحظات، بينما اعتبر النائب نديم الجميّل باسم الكتائب ان لا ارادة حقيقية للوصول الى قانون انتخابات… وهذا ما أغضب النائب ابراهيم كنعان، الذي استغرب الإذن له بالكلام…
أمام هذا الغموض المحكوم بالتباينات المكشوفة أم المضمرة، استغربت الأوساط السياسية المتابعة، كيف تستمر مياه العلاقة بين بعبدا والمختارة، خارج مجاريها، مع قرب الحليف الحريري وحليف الحليف جعجع، من الموقعين المستمرين في التباعد؟
وفي معلومات هذه الأوساط، ان الرئيس الحريري سعى بالمباشر، خلال زيارته الأخيرة للمختارة في يوم الحشد الكبير، بينما تحرك جعجع بالمراسلة، عندما تحدث عن رفضه ما يرفضه جنبلاط، وبالسؤال لماذا ما زالت المياه راكدة إذن؟ فكان الجواب: انه الوقت الذي لم يصبح مناسبا بعد، على الرغم من تحولنا للتوقيت الصيفي…
الترتيبات توحي بأن مجلس الوزراء ملزم باقرار مشروع القانون يوم الاثنين، لأن رئيس مجلس النواب وضع ١٥ نيسان كسقف أخير له.
والمعطيات تستبعد ذلك، طالما توقيت المختارة مختلف عن توقيت بعبدا، فهل المطلوب بيغ بن لحل هذه المشكلة؟