مع اقتراب موعد الاستحقاق الماروني السبت المقبل، تتسع تباعا رقعة التنافس لتكتسب فعليا صفة «المعركة». رئاسة الرابطة تشذ على ما يبدو على هذه القاعدة. فوفق الجميع تقريبا، الرئاسة محسومة في جيب أنطوان إقليموس الذي «يشتغل منذ مدة طويلة على ترشحه، ما يجعل الترشيحات الثلاثة والمنفردة المنافسة له لا تهدده جديا»، فضلا عن عدم وجود نيات ولا اتصالات لتشكيل لائحة منافسة وان غير مكتملة. لكن سفينة إقليموس، الذي يترأس اللائحة الوحيدة المكتملة، لا يمكنها أن تضمن خرق الأمواج المنافسة، سواء على مقعد نائب رئيس أو العضوية للمجلس التنفيذي.
في آخر مؤشرات البورصة، طار التوافق حتى إشعار مجهول. لكن متابعين للانتخابات يعتبرون أن لائحة «التجذر والنهوض» تؤمن 80 % من التوافق المنشود، بعدما ظهرت مشكلة تمثيل «المردة». وهنا تتبدى معالم المعركة الفعلية، أي عند باب «نيابة الرئاسة». مرشح اللائحة عن هذا المقعد توفيق معوض كاد أن يضمن الفوز بالتزكية لولا ترشح غسان خوري في ربع الساعة الأخير لقبول الطلبات. كل من في الرابطة يقول إنه تفاجأ بهذا الترشح المتأخر من شخص «لم يكن قد طرح الموضوع من قبل، وان كان يعد من الخامة التنافسية».
إقليموس يؤكد لـ «السفير» ان «لائحتنا متماسكة والجهود تصب حاليا لإنجاحها كاملة». ووفق «معطيات» اقليموس فإن «فرص تحقيق هذا الهدف تبلغ 99.99 %»، لافتا الى ان «المرحلة مفتوحة على احتمالين اثنين: إما تسجيل انسحابات من المرشحين المنفردين، أو التنافس الديموقراطي». فعليا هذا التنافس قد يفرز مفاجآت. خوري يقول لـ «السفير» إنه لم يكن ينوي الترشح «ولكن الصفة الحزبية لمعوض هي التي دفعته الى ذلك». يوضح: «ان روحية ميثاق الرابطة تشدد على ان الرئيس ونائب الرئيس والامين العام يجب ألا يكونوا من الحزبيين. مسموح لهم ان يكونوا في المجلس التنفيذي والهيئة العامة. لكنني تفاجأت بأن معوض عوني ولم يترشح أحد ضده، أي أنه سيفوز بالتزكية فعندها حسمت قراري، خصوصا في ظل شعور آل فرنجية بأنهم مجروحون لإقفال باب اللائحة في وجه مرشحهم».
خوري يربط حظــوظ فوزه بمدى الوعي لما يؤمن به «إذا لم أفز فهذا يعني ان الرابطة فتحــت النار على الشمال وفقدت دورها القاضي بأن تكون الرابط الحي بين المكونــات المارونية. خصوصا اننا قرأنا في الإعلام أن فعاليات زغرتا من آل معوض وآل فرنجية متوافقون على ترشيح جبور، وقيل للرابطة إن حدودك هي جسر المدفون». أما الحل برأيه فيكون بانسحاب معوض وإتاحة الفرصة لفوز جبور في الهيئة التنفيذية.
حول هذا الكلام يؤكد إقليموس «أنه لم يصلني أي شيء من هذا الكلام فأنا لا أتمنى أن يكون صحيحا مثل هذا الموقف لأنني أحترم هذا البيت وأن تبقى العلاقة بيننا كما هي. لم يكن لدينا منذ البداية إلا النية الصافية تجاه بيت فرنجية والجميع والأيام ستبرهن كلامنا».
في الفلك المرافق لترشح جبور، يجري الحديث عن «شعور يتعاظم حيال نية من قام بتركيب اللائحة في عزل القطب الزغرتاوي، وبالتالي حجب تمثيله عن رابطة الموارنة». هذه المقاربة تقود الى التساؤل عن المغزى من العزل: فهل المطلوب قطع التواصل وبالتالي نسف القاعدة الذهبية للرابطة القائمة أساسا على الجمع لا التفرقة؟ وعلى ماذا تفتح الأبواب في الأيام المقبلة؟
تقول أوساط متابعة في «المردة» إن «الانسحاب قد طوي مبدئيا من الحسابات بعدما أثبت تبادل الاتهامات لدى الطرف الآخر أن الهدف هو العزل، وبالتالي الوفاق بات أصعب بكثير من قبل، ولكن باب المفاجآت يبقى مفتوحا في الأيام الفاصلة عن تاريخ الاستحقاق». كما يؤكد هؤلاء «الإصرار على المضي بترشح جبور. ليس هناك حسم بإمكانية خرق اللائحة، ولكن يجب التذكير بأن هذا الترشح مدعوم ليس فقط من المرجعية الزغرتاوية بل من مرجعيات مارونية أساسية مثل سمير أبي اللمع وجوزف طربيه وميشال إده وحارس شهاب ووديع الخازن… وبالتالي المسألة رهن بمسار المعادلات».
برغم كل شيء يقدم الموارنة في انتخاباتهم مؤشرا صحيا. ما آلت اليه الأمور، وفق متابعين، يعدّ «ردة فعل مارسها البعض تجاه القرارات المعلبة والنظرة الفوقية التي تمنع صاحبها من الكلام مع أحد». يرصد هؤلاء «لغة جديدة بدأت تتسرب في شرايين الرابطة وهي لا تصب في مصلحتها. فمن قال إن النخبة المارونية تعني من يملك الثروات؟ بات من يملك المال يعتبر أنه يمون على كل شيء وله الحق في فرض رأيه وهذا يتناقض مع تاريخ الرابطة حيث كانت النخبة المارونية في الفكر لا في المال». قد يكون صحيحا أن «الآية تنقلب» داخل النادي الماروني النخبوي، ولكن في كل الأحوال، يقول هؤلاء: «كما تكونون يولّى عليكم».