Site icon IMLebanon

انتخابات لإسترجاع الدولة أو بلاهــا

 

من المؤسف أنّ جميع القيادات الزمنية والروحية تُعاني تقصيراً فاضحاً في فهم ماهية النظام الديمقراطي،علماً أنّ جميع المكوّنات السياسية بما فيها الروحية تدّعي التقيّة بممارسة الديمقراطية إلاّ أنها تقيتها مُجرّد كلام بكلام فارغ من المضمون… وليعلم كل داعي إلى ممارسة الديمقراطية في ظل التبعية والإرتهان والتهرُّب من المسؤولية هو مرجعية تعشق الكذب والخداع وتراوغ وسيكون المصير قاتمًا كما هي وجوههم وأثوابهم السوداء. لا ديمقراطية في لبنان ولا حياة سياسيّة مستقلّة،ولاشعور بإنتماء ديمقراطي حقيقي ولا ممارسة وطنية حقوقية دستورية للأخلاقيات السياسية والإنتماء إلاّ بالإنتماء لوطن سيّد مستقّلْ.

 

الكُل يدعوا إلى المشاركة في الإنتخابات ولكن دعوتهم فارغة من اي مضمون وبرنامج يحمل منظومة سياسية جدّية تغييرية.في علم السياسية الإنتخابات تحمل التغيير الجذري وتمنح المواطنين والناخبين إحساسًا بمواطنتهم وتأكيدًا على حقهم في ممارسة السلطة على ما جاء في مقدمة الدستور اللبناني الفقرة/د/ والتي تنص»الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يُمارسها عبر المؤسسات الدستورية». إنّ الديمقراطية التي تتأتى عن طريق الإنتخابات النزيهة وتتحقق بموجبها المساواة والعدالة الإجتماعية والإستقرار والسيّادة لن تحصل في لبنان طالما أنّ هناك عصابة(وعفوًا على التوصيف) تحكم لبنان،والدليل ما أفرزته الإنتخابات السابقة وما تلاها من مشاكل سياسية – أمنية – إقتصادية – مالية – إجتماعية ،يعجز البرلمان الحالي عن حلّها عدا عن التقارير التي تحدثتْ عن ديمقراطيتها المزّيفة والتي نُسِبَتْ إلى المراقبين الدوليين الذين غالبًا ما يأتون غبّ الطلب ويأتمرون بالسلطة الحاكمة.

 

خطب،عظات،مقالات،إجتماعات، ويبقى السؤال المشروع إلى متى كل هذا وكلكم لم تنتجوا رأياً عامًا مقداماً واعياً مثقفاً متحرِراً من القيود المفروضة خلافاً للأصول الديمقراطية؟ إلى متى ستظلّون متستّرين عن كشف الحقيقية وكشفها إلى الملأ؟ ألا تخجلون من عجزكم وتقصيركم؟! تُطالبون بالمُشاركة في الإنتخابات لأنها مفصل تاريخي في الحياة السياسية،نعم إنها مفصل تاريخي وهي وفق العلم السياسي ترتبط بحرية إرتباط الفرد بالدولة عبر إجراء إنتخابات حرّة ونزيهة لا يُخدّشُ نزاهتها صغار النفوس ومستغلّي الدولة ومغتصبيها علنًا وتحت نظركم وأنتم ترّحبون بكل واحد من سماسرة السلطة. في لبنان وامام ناظركم المواطن مُبعَد عن القرار السياسي ولا يُعطى صفة المواطنة بل هو مُجرد دُمية في أيدي كل المكوّنات السياسية التي نبتتْ على الساحة السياسية اللبنانية جرّاء عملية زنى سياسي وأضحت الأمور كسوق النخاسة وأنتم لاهون عن كشف حقيقة هذا الأمر وتدّعون اليقظة والغيّرية وتتسابقون أمام المحافل الدولية لتبرئة أنفسكم من دماء الشعب ونكح الوطن بعملية زنى سياسي منظّمة يخجل ممتهنو هذه المصلحة إثارتها .

 

الإستحقاق الإنتخابي له شروط عدّة منها نزاهة القانون الإنتخابي الذي على أساسه تُجرى الإنتخابات وهذا الأمر يتعّلق بواضعي ومُشرّعي هذا القانون وعمليًا فاقد الشيء لا يُعطيه… الإستحقاق الإنتخابي له من الأهمية القصوى أن يُحقِّقْ سيادة القانون أي سيادة الشعب والإنتماء الصادق إلى الوطن،وهذا الإستحقاق الذي حصل على أساس قانون أعوج لم يُحقِّقْ المساواة والعدالة ولم يُحقِّق الإستقرار السياسي ولا الأمن ولا الديمقراطية،فبالله عليكم كيف تُطالبون الناخبين بالمشاركة وأنتم لمستم لمسْ اليد ما حصل سابقًا؟ لا شيء ملموس يمكننا القول عنه إنه النظام الديمقراطي العادل؟كيف يكون إستحقاقًا ديمقراطيًا ونرى أنّ القائمين على العمليات الإنتخابية هم أنفسهم مُشاركين في القانون ومرشحين ومُشاركين لا بل فارضين سلطتهم على الإنتخابات؟ كيف تُطالبون بالمشاركة وأغلبيتكم غافلة عن سماع صوت الشعب بعيدين كل البُعد عن همومه؟ كيف تُطالبون بالمشاركة بالإنتخابات وهناك من هو مشرفٌ عليها بالغِّشْ ولا يُراعي الدور المنوط به حسب المعايير والمواثيق الدولية؟ كيف تُطالبون بإجرائها والمشرفون عليها غير ملتزمين بالإطار الدستوري للنظام الديمقراطي؟!

 

يا سادة ويا أصحاب الغبطة والسيادة والسماحة ويا كل الغيارى كيف تُطالبون بالمشاركة وأنتم ملتصقون بأصحاب الشعارات الزائفة الكاذبة تُدافعون عنهم؟ ليكُنْ معلومًا لديكم إن غاب عنكم بعض مضامين «علم السياسة» معيار الإنتخابات يتمثّل في إجرائها وفق قواعد احكام القانون وأنْ تتسِّمْ بالتنافسية،وأن تحترم الحقوق والحريات الرئيسية للناخبين وللمواطنين اللبنانيين،ومعيار نزاهتها يعني أنها تتّم بشكل دوري ومنتظم وقانوني وأن تتسِم عملية إدارتها والإشراف عليها وإعلان نتائجها بالحياد والعدالة والشفافية. سؤال هل بنظركم سيادة القانون محقّقة في لبنان وعلى أساس المساواة والكرامة والعدالة أم هناك إستغلال للسلطة وتزوير مبطّن للقوانين ؟!!

ad

 

عطفاً على مذكرة إطلعنا عليها بعد ورودها بالتواتر تعتبر أنّ التزوير في الإنتخابات الأخيرة أخذ عدّة أشكال ومنها على سبيل المثال لا الحصر إرتكبه السياسيّون عمدًا إمّا بشكل إنفرادي أو كمجموعات منظمة وذلك الأمر تمّ عبر تسويق قانون الإنتخاب للفعاليات الروحية والعلمانية كقوى ناخبة، وفي الأمر الثاني إرتكبه النظام القائم تحت سكوت أهل الكهف مُسلمين ومسيحيين وبغض نظر متعمّد منهم وعن قلّة دراية في فصول ومبادىء علم السياسة والهدف كان التلاعب في نتائج الإنتخابات،إضافة إلى أمر وهو في غاية الأهمية إنّ لجنة إدارة الإنتخابات لم يَكُنْ لديها الإستقلالية اللازمة لضمان وجود مقاييس نزيهة من أجل مكافحة التزوير في الإنتخابات…

 

يُعّد التصويت وسيلة هامة وأساسية يمكن للناخبين من خلالها التأثير على القرارات الحكومية،ونذكر بأنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي جرى إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 بما يُشبه الإجماع وقد أقّــرَ هذا الإعلان بما للإنتخابات النزيهة والشفّافة من دور في ضمان إعمال الحق في المشاركة في الشؤون العامة …وقد نصّت المادة 21 منه على«لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده،إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية . إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال إنتخابات نزيهة تُجرى دوريًا بالإقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافىء من حيث ضمان حرية التصويت…» .

 

بما أنّ الأمور باقية على ما هي عليه،وبما أنّ الإدارة الإنتخابية تتطلّب العديد من الخبرات والمهارات اللازمة للقيام بمهامها، وبما أنّه لا يمكن تأكيد الإستقلالية التنظيمية إلاّ من خلال الدستور والقانون،وبما أنّه ثبُتّ عدم توفر أبسط الطرق لتحقيق إستقلالية القرار والفعل في الإدارة الإنتخابية،وبما أنّ النزاهة ضمن الإدارة الإنتخابية الضامنة لنزاهة وسلامة العملية الإنتخابية غير موجودة،وبما أنّ الغاية من الإنتخابات إسترجاع الدولة من خاطفيها وهذا أمر غير مؤكد …

 

وبما أنّ الإنتخابات القادمة ستكون على شاكلة التي سبقتها من الأفضل الترّيُثْ وإرجاؤها لحين يتمكّن المُشرّعون من صياغة ودرس وإقرار قانون إنتخاب عادل تُجرى على أساسه الإنتخابات فخير للشعب أن يتريّث سنة من أنْ يُرهن لأربع سنوات أخرى يصعُب فك أسره بعدها… ولكل من لا يتقبّل هذه الفكرة القابلة للنقاش نسأله أين كنت منذ العام 2018 ولغاية تاريخه وماذا فعلت كي نتفادى هذا القرار المنطقي ربما؟ كفى تنظير وكذب وهروب من المسؤولية.

 

كاتب وباحث سياسي