26 قضاء صارت لهم هيئات حزبية مكتملة برتقالية اللون مؤلفة من 13 عضواً ويرأسها منسق، تتساوى في التركيبة وتتمايز في القدرة والثقل داخل «المجلس الوطني» لـ «التيار الوطني الحر». ذلك لأنّ كل منسق يمثل عدد البطاقات الحزبية في دائرته وفق قاعدة تقول إنّ لكل خمسين منتسبا صوتاً انتخابياً يوضع في جيب المنسق، وتحدد بإجمالها اتجاه التصويت في «برلمان» الحزب.
ولكن في المقابل، لا يضمن أيّ من المنسقين صوته مسبقاً لأنّ القانون يفرض عليه العودة الى أعضاء هيئته للحصول على تفويضها قبل تحديد موقفه من المسائل المعروضة على «المجلس الوطني»، حيث تلاحق علامات الاستفهام كل المنسقين غير المتمتعين بأغلبية عددية داخل هيئاتهم (الكثير منهم ليس لديهم سبعة أصوات من أصل 13)، ويتعيّن عليهم عرض القضايا المطروحة على جدول أعمال «المجلس الوطني»، ومنها مثلاً انتخاب أعضاء المكتب السياسي (ستة أعضاء منتخبون)، على تصويت أعضاء هيئة القضاء لأخذ القرار من الترشيحات وتحديد الأسماء الستة التي سيصوت لها في ما بعد.
وبالتفصيل، يتبيّن وفق النظام الداخلي أنّ نحو عشرة أقضية لا يتعدى فيها عدد المنتسبين المئتين، ما يعني أن منسق هذه الأقضية لا يمثل صوته في المجلس الوطني أكثر من أربعة أصوات، بينما بقية الأقضية الكبيرة فتتوزع أصوات منسقيها على الشكل الآتي:
كسروان صارت أكبر الأقضية بـ42 صوتاً بعد تطبيق تعميم القيادة التي ألزمت كل حزبي بالتصويت في مكان نفوسه وليس في مكان نشاطه، يليها المتن ذات الـ38 صوتاً والذي خسر بعضاً من رصيده بفعل «نزوح» ناشطين عن أرضه، ومن ثمّ جبيل بـ36 صوتاً، فبعبدا بـ25 صوتاً، ثم عكار 22 صوتاً، البترون 20 صوتاً، عاليه والشوف وبيروت 16 صوتاً، زحلة 15 صوتاً، الكورة والبقاع الشمالي 12 صوتاً، جزين 9 أصوات…
ولهذا، فإنّ الأنظار موجّهة الى تلك الأقضية «الغنية» التي بإمكانها تحديد هوية أعضاء المكتب السياسي أو المجلس السياسي كما جاء اسمه في النظام الداخلي، والذي يفترض أن تحصل انتخاباته في شهر شباط المقبل، وفق تقدير بعض العونيين ربطاً بالأجندة التي وضعها العماد ميشال عون في التعميم رقم 30/2015 الصادر في 23 حزيران 2015 حيث حدد تاريخ 12 آذار من العام 2016 موعداً للمؤتمر العام، بعد أن تكون هيكلية «التيار الوطني الحر» قد اكتملت.
قبله، ستفتح صناديق الانتخاب يوم الأحد المقبل أمام حزبيين ينتمون الى ثلاثة قطاعات، الانتشار، الطلاب والنقابات، وهؤلاء سيصوتون لمصلحة ممثلين عنهم سينضمون الى من سبقهم من أعضاء المجلس الوطني، ليكتمل عقده ويصبح قابلاً للعمل، على أن تستتبع هذه الخطوة، بتعميم يصدر عن القيادة تحدد فيه موعد انتخابات المكتب السياسي والمهل القانونية للترشح وسحب التراشيح، لتبدأ تلك المعركة.
حتى اليوم، لا تزال الأجواء البرتقالية هادئة، وفيها بعض الضبابية. الطامحون لم يكشفوا عن أوراقهم بعد، مع أن بعض الأسماء منتظر بروزها الى هذا الموقع لخوض استحقاقه، لكن المهلة الفاصلة أمام الموعد القانوني، تترك فسحة من السكون لدرس كل الخيارات ولكيفية خوض المواجهة.
الى حينه، يتبيّن أنّ هناك ميلاً لخوض الاستحقاق وفق ترشيحات فردية، بمعنى عدم تشكيل لوائح مواجهة محسوبة على أي من القوى الحزبية، وتحديداً السلطة والمعارضة، حيث يتوقع أن يخوض كل مرشح معركته على طريقة door to door، أي أن يقصد الناخبين حيث هم، ولا يتكل فقط على الاصطفافات أو العنوان العريض لانتمائه، خصوصاً أنّ الاستحقاق محصور بستة مقاعد، ما لا يسمح بترف الفرز والمعارك الطاحنة.
في هذه الأثناء تتسلل أخبار عن امكانية «التذاكي» على قاعدة انتخاب أعضاء المكتب السياسي، حيث يتردد أن هناك توجهاً من القيادة لتكريس «النِسب» التي تتشكل منها كل هيئة قضاء لتعكسها على كيفية اختيار الأعضاء الستة.
على سبيل المثال، انتهت انتخابات جبيل الى فوز لائحة طوني بو يونس بـ51% من الأصوات مقابل 49% للائحة الأخرى، وقد تكوّنت هيئة القضاء وفق هذه المعادلة. هكذا يُراد أن تتقاسم الهيئة «الدور الانتخابي» فتختار مجموعة الـ51%، 51% من أعضاء المكتب السياسي على أن تختار المجموعة الأخرى ما تبقى من الأعضاء.
وستكون حجة القيادة أنّها تطبّق النظام النسبي حتى آخر قطراته، فيما يتخوّف المعارضون من استمرار الفرز، واستطراداً الاصطفاف، داخل هيئات الأقضية، مع ما يعنيه ذلك من انقسام عمودي في القواعد الحزبية، وكل ذلك بسبب حسابات انتخابية دفعت القيادة الى «اللف والدوران» على النظام الداخلي.
مع أن المطلع جيّداً على النظام الداخلي، وعلى صلاحيات المكتب السياسي بشكل خاص، يعرف أنّ السلطة ليست بحاجة لقيادة حملة تساعدها على رفد المكتب السياسي بحزبيين مؤيدين لها ويكوّنون أصوات جبران باسيل في هذه الهيئة.
ذلك لأنّ لرئيس الحزب ستة أصوات مضمونة قبل خوض الاستحقاق، وهي صوته وصوتا نائبَيه، الى جانب ثلاثة أعضاء سيقوم بتعيينهم، فضلاً عن النواب والوزراء الحاليين والسابقين القريبين منه، والحزبيين الذين سيصلون المكتب السياسي وهم من خطه.
كل ذلك قبل الإشارة الى أنّ نظام «التيار الوطني الحر» رئاسي بامتياز، وكل الخصومات التي حصلت في السابق لإرساء نوع من التوازن في القيادة، انتهت الى لا شيء، والإبقاء على سلطة الرئيس «فوق العادة»، حتى أن اجتماعات المكتب السياسي لا تحصل الا مرة واحدة في الشهر.. يعني لزوم ما لا يلزم.