المضحك المبكي اننا أصبحنا في وطن مرشحين للانتخابات البلدية لا يصدقون ان هناك انتخابات بلدية ستجرى فعلا”!
والمؤسف أن وزير الداخلية نهاد المشنوق حدد المواعيد الرسمية والنهائية لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، ومع ذلك فإن كثيرين لا يزالون يشككون في أنها ستجرى ولا يتحدث أحد عن البرامج الانتخابية للمرشحين أو عن الانتخابات، بل إن الحديث الوحيد الذي يتناوله الناس هو: هل ستجرى الانتخابات ام لا؟
هذا يدل على مدى انعدام صدقية السياسيين عند الناس، كما يدل على المستوى البائس الذي بلغناه في حياتنا السياسية والدستورية والديموقراطية!
لقد سلبونا حقوقنا الدستورية تباعاً بالتمديد او التعطيل او الفراغ او الثلاثة معا، فيما نحن نستسلم متفرجين وراضخين! وأصبحنا نعتبر أن من الطبيعي ان نعيش في وطن لا يعلم مواطنوه اذا كانوا سيصوتون بعد شهر أم لا، وينتظرون مسرحية جديدة لسلبهم استحقاقاً ديموقراطياً جديداً.
والأخطر أن المواطن ما عاد يكترث، وكأنه استسلم للأمر الواقع وقبل أن يعيش من دون استحقاقات ديموقراطية، كانت حتى الامس القريب تميز لبنان عن سائر دول المنطقة العربية وتجعل كل العرب يحسدوننا على الديموقراطية والحريات السياسية والتعبيرية. ومن جهة أخرى، بدل تطوير القوانين الانتخابية وتطوير الحملات الانتخابية البلدية وغيرها والتعرف الى المرشحين وبرامجهم بطريقة حضارية وراقية، نلاحظ أن هذا الاستحقاق يمر مرور الكرام من دون حماسة أو آلية تحضير للانتخابات بطريقة متطورة من أجل تعريف الناس ببرامج المرشحين لتطوير مفهوم العمل البلدي.
حتى الإعلام الذي يجب أن يسلط الضوء على المرشحين والبرامج، نراه ويا للأسف لا يقوم بما يخرج الاستحقاق من هذه الغيبوبة.
أما الأمر الأكثر إثارة للاستنكار والرفض فهو الخطاب المتلوّن للسياسيين الذين يتحدثون عن ضرورة إجراء الانتخابات، ثم يشككون في إجرائها، ولاحقاً يعودون الى التباهي بأنها ستجرى كإنجاز لهم، ويمنّون علينا بإعطائنا أقل حقوقنا!
فليتهم يعون أن الفراغ خطيئة وان التمديد انتهاك لحقوقنا. وأما إجراء الانتخابات فهو أقل واجباتهم، وَيَا ليتهم لا يعتبرونه نقطة إيجابية في سجلهم، بل ليتهم لا يصرحون يومياً أنهم مع إجراء الانتخابات، لأنه من الطبيعي أن يكون الجميع مع الانتخابات، ومن غير الطبيعي أن يكون الأمر معاكساً. فكم هو منطقي أن يكونوا ضد إجراء الانتخابات في مواعيدها!
بئس زمن أصبحنا ننتظر فيه الدخان الأبيض من أصحاب هذا المنطق وهذه الأساليب.
هذا الدخان يتصاعد اذا اتفقوا على ازالة النفايات بعد ٨ أشهر واتفقوا حتى الآن على اجراء انتخابات بلدية. فبئس هذا الزمن الذي اصبح المواطن ينتظر فيه اقل واجبات المسؤولين واصبح المسؤولون يعتبرون أنفسهم حققوا إنجازاً في أقل واجباتهم!