بهدوء تام، يخوض المرشحون العونيون الثلاثون حملاتهم الانتخابية المتواضعة التي ستترجم قصاصات صغيرة تُرمى يوم الأحد المقبل في صناديق الاختبار الثلاثة المخصصة لـ: المجلس السياسي، لجنة الرقابة المالية ومجلس التحكيم، لتنتهي بذلك المرحلة الثانية من المسار التنظيمي التأسيسي لـ «التيار الوطني الحر»، بانتظار المرحلة الثالثة التي ستكون من شأن رئيس الحزب جبران باسيل الذي سيقوم بسلّة تعيينات للهيئة التنفيذية، على أن تكون الخاتمة بانعقاد المؤتمر العام منتصف الشهر المقبل.
ثلاثون مرشحاً توزعوا على الشكل الآتي: 22 مرشحاً للمجلس السياسي (الياس حنا، انطوان نصرالله، باتريك باسيل، باتريك انطون، بسام الهاشم، جورج شقير، جورج نخلة، جوزيف بارود، جيمي جبور، خليل شمعون، رندلى جبور، روبير الفغالي، زياد عبس، زياد النجار، سليم الشمالي، طوني ابي عقل، غسان زاخر، فؤاد شهاب، ميراي عون هاشم، ميشال ابو نجم، ناجي حايك ونعمان مراد). أربعة مرشحين للجنة الرقابة المالية (بسام قرداحي، شربل قرداحي، طوني شمعون ووليد حداد)، وأربعة مرشحين لمجلس التحكيم (أدونيس العكره، شرف ابو شرف، فادي بركات، وفوزي أبو فرحات).
كثير من الضوضاء أثير قبل موعد 28 الجاري ممهداً لمعركة صاخبة قد يشهدها «التيار البرتقالي» حول مجلسه السياسي، خصوصاً بعد النتائج التي فرزتها الانتخابات المناطقية التي حمّست المعارضة على سنّ أسنانها لدخول مربع المرحلة الثانية بثقة عالية بالنفس. ولكن قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، بدا أنّ مقاربة هذا الاستحقاق شهدت تعديلاً جذرياً.
تعددت الطروحات والأفكار حول كيفية خوض معركة هذا المجلس، الذي يمثل نظرياً قيادة الحزب، ولكنه عملياً مجرد «ديوانية» لا تقدّم أو تؤخر في قرارات رئيس الحزب الذي يبقى صاحب الصلاحية التقريرية، فيما المجلس يفتقد هذه القيمة المضافة… إلى أن رست المشاورات بين أصحاب الشأن على سيناريو خوض الاستحقاق بسلاسة.
يعني ذلك الابتعاد عن الاصطفاف الحاد بين محوري «التيار»، أي ذلك المؤيد لرئيس الحزب وذاك المعارض له، وتغليب منطق الترشيحات الفردية على مشهد اللائحتين المتواجهتين، وتكريساً لسيناريو الانتخابات المناطقية التي اختلطت خلالها الترشيحات كما اختلطت النتائج، بعدما تجنّب الفريقان الفرز السياسي المسبق.
هكذا، أخذت معركة المجلس السياسي المنحى ذاته، مع أنّ فرز الأسماء واضح، إلا أنّ هناك اتجاهاً لترك المعركة فردية، فيدقّ كل مرشح أبواب الهيئة الناخبة، فرداً فرداً، ليعرض مشروعه وأفكاره ويطلب التأييد، سواء اتفق مع صاحب الصوت الاقتراعي في تقييمه لأداء قيادة الحزب ونهجه، أو اختلف معه.
باقة الترشيحات تظهر أنّ بعض المرشحين ذو تجربة حزبية قديمة، وهذا ما يعطيه تقدماً على غيره، فيما البعض الآخر غير مُختبر بعد، أقله في المواقع الأمامية، من دون أن يعني ذلك أنّه يفتقد الكفاءة أو القدرة، لكنه بحاجة الى تقديم الكثير من الإثباتات ليُقنع الناخبين بأهليته لتبوُّء المركز.
ولهذا، فإنّه من المرجح أن يكون طابع التصويت فردياً يرتبط بكل مرشح، حيث من المستبعد حصول مواجهة بين لائحتين مكتملتين، خصوصاً أنّ هناك فائضاً في الترشيحات في الجانبين، حيث تمّ تمديد مهلة سحب الترشيحات حتى يوم السبت المقبل، لتكون فرصة للمشاورات الجانبية، لا سيما من جهة مؤيدي باسيل، للتخفيف من «الوزن الزائد».
وعليه، من المتوقع حصول جملة انسحابات خلال الأسبوع الجاري، لتنحصر المعركة حول خمسة مقاعد فقط، على اعتبار أنّ مقعد ميراي عون هاشم (كريمة الجنرال ميشال عون) محسوم ولا رغبة لأي فريق بمنافستها عليه.
وبينما يسعى بعض المسؤولين العونيين الى تعميم تجربتهم الحزبية على الحياة السياسية الوطنية انطلاقاً من نجاحها، ثمة من يرى أنّ هذه التجربة لا تزال تعاني من شوائب كثيرة تلحق نقاطاً سوداء بسجلها العدلي، ولعل أبرزها الطعن الذي كان قد تقدّم به منسق جبيل طوني أبي يونس الموثق بالتسجيلات الصوتية حول رشى دفعتها اللائحة المنافسة، وقامت لجنة الطعون بردها كونها غير مقنعة، بينما الطعن المقدم حول انتخابات بيروت وهو أقل أهمية وتعقيداً، لا يزال قيد الدرس.
وفي شأن آخر، يسجل عونيون تحفظهم على لجنة الانتخابات التي رفضت أربعة ترشيحات مقدمة الى مجلس التحكيم ولجنة الرقابة المالية مع أنّها تستوفي الشروط القانونية، إلا أنّ اللجنة أبغلت أصحابها أنّهم غير مؤهلين للمواقع المطروحة، بالتزامن مع شكاوى البعض الآخر من سياسة ترغيب وترهيب مارستها القيادة على مرشحين آخرين لسحب ترشيحاتهم.