Site icon IMLebanon

الانتخابات تفرز رابحين وخاسرين.. لا «القانون»

تجاوز قطوع قانون الانتخاب بالتي هي أحسن هو أمر ما زال ممكناً، رغم مناخ التصلّب في الآونة الأخيرة، للتمكن من تضعيف هذا المناخ.

والابقاء على الزخم الذي رافق عملية انهاء فترة الفراغ الرئاسي، ثمّة شروط لا بد من تأمينها.

اول هذه الشروط ابداء الحرص على الزخم الذي صاحب عملية انتخاب رئيس للجمهورية من بعد فراغ، ثم خطاب القسم المتوازن، ثم تشكيل الحكومة، ثم زيارة رئيس الدولة الى المملكة العربية السعودية، وانعكاس كل ذلك تفاؤلاً نامياً حول وجود أفق لتنشيط الحياة الاقتصادية.

لا يمكن بطبيعة الحال الابقاء على هذا الزخم من دون تثميره في مسارات مؤسساتية وسياسات واضحة المعالم تعطي حيزاً تطبيقياً لمضامين خطاب القسم. لكن، حتى التمكن من احراز هذا التثمير ينبغي حماية شعلة هذا الزخم من عملية احباطها والهائها واستنزافها. ورئيس الجمهورية يعتبر ان عدم التمكن من انجاز قانون جديد للانتخابات يستهدف هذا الزخم. تبني هذه القناعة يصبح عندها امرا ضروريا.

في المقابل، لا يمكن ان تملي اي قوة سياسية تصورها عن قانون الانتخاب على القوى الاخرى، ولا يمكن كذلك الامر المعادلة بين كل الرؤى والتصورات بحيث يؤخذ شيء من عند هذا وشيء من عند ذاك فيصير قانون الانتخاب المقترح مرقعاً لا منطلقاً منهجياً من ورائه.

لا يمكن تجاوز ما يشعر به المسيحيون من انهم يريدون ان يكون لهم الدور الاكبر في انتخاب اكثرية نوابهم، ولا يمكن تسريح وجهات النظر الاخرى في البلد الذي تفهم المناصفة الاسلامية المسيحية كحل سياسي لوقائع رجحان الكفة الديموغرافي فيه، وليس كمكابرة على هذه الوقائع كما لو انها اطلاقا غير موجودة. من هنا، قد يكون الانفتاح على فكرة الابقاء على قانون الستين بشرط اعطاء صوت واحد او صوتين لكل ناخب في قضائه بمثابة مخرج حقيقي، هذا اذا كان المراد الآن ايجاد مخرج.

في نهاية الامر، التوازن المطلوب هو بين المساواة والعدالة: المساواة بين الناخبين، فلا يكون هناك ناخب بصوته وناخب بصوتين، والعدالة بين الطوائف، بحيث يعكس البرلمان المقبل بشكل افضل مما سبقه المناخات الاساسية في كل طائفة.

بل ان التوازن المطلوب يتجاوز هذا البعد. هو ايضاً توازن بين سرديات ومنظارات مختلفة.

هناك طبعا المسيحي الذي يحتج من ان المسيحيين لا يختارون معظم نوابهم، لكن هناك ايضا الدرزي، ابن الملة المؤسسة للكيان، الذي ليس بمستطاعه تبوؤ منصب وزاري سيادي. وهناك الساحة السنية المخترقة بـ«سرايا حزب الله» واخواتها، والتي يجد فيها الاحتراز من القانون النسبي بسبب من طفرة السلاح، مسوّغاً لا يمكن التعامل معه كما لو انه بلا رصيد. وهناك الاشكالية المستعصية الاولى: «حزب الله» وسلاحه وحروب تدخله. وفوق الاستعصاء هناك «حقوق الشيعة» على «حزب الله» التي تثار اليوم بنبض حقيقي، ومضمونها الظن بحزب الله انه لم يكن دوره ايجابيا لجهة تعزيز موقع الشيعة في الدولة والمجتمع اللبنانيين. هناك اذاً معايير لا تختزل في واحد، هذا اذا اريد تأمين مقاربة متوازنة.

النظر بعين واحدة، واختزال الوضع الداخلي لكل طائفة، لا يسعفنا كثيراً لتطوير نظر شاملة ومنصفة. ان يقول الكل في وقت واحد ان كل واحد منهم على حق، فهذا لا يعطي صكاً من الصوابية لاحد. ليس هناك فئة واحدة الا ويساء تمثيلها في لبنان في العقود الماضية.

صحيح ان ثمة مسألة مسيحية حقيقية تتعلق بمجالس النواب، ولا يمكن المكابرة عليها في هذا المقام، لكن ثمة مسائل اخرى ايضاً. فالكل يعتبر نفسه على حق وانه لا ينال كامل حقوقه السياسية. من الممكن حل المشكلة بقانون انتخابي لا لون او طعم له. ومن الجائز التفاؤل اكثر من هذا. يبقى انه اذا كان العنصر الاول هو اقتراح مشروع قانون انتخاب ينطلق من زخم بداية عهد الرئيس ميشال عون، فان العنصر الثاني والمتمم للاول هو اخراج قانون الانتخاب من بازار المعركة الانتخابية نفسها: مشكلة كبيرة ان يكون قانون الانتخاب هو الذي يفرز رابحا وخاسرا اذا كانت الانتخابات بعد ذلك بأشهر قليلة. كلما جنحت المسألة الى اظهار ان هناك من يريد التقدم للانتخابات على قاعدة التسويق لتجربته في التوصل لقانون الانتخاب الفلاني، صعب حل المسألة