يبدو ان مساحة الامل باجراء الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس وكسروان تضيق الى حد التلاشي، أن لم نقل انها طارت وباتت في مهب الرياح..
غير ان ماكينة دولة الرئيس نجيب ميقاتي الانتخابية تبدو انها في جهوزية تامة وكأن الانتخابات ستجري يوم غد، بل ان الحيوية السياسية التي تشهدها مكاتب ميقاتي توحي بارتياحها لخوض اي استحقاق انتخابي مهما كان شكل القانون الانتخابي سواء الاكثري في الانتخابات الفرعية، او القانون النسبي في الانتخابات العامة ايار العام المقبل.
لم يكن اللقاء مع الوزير السابق نقولا نحاس يوم امس الا احدى اشارات الجهوزية لدى «تيار العزم» لخوض الاستحقاق الانتخابي الفرعي في حال اقرار اجرائها رغم انحسار الامل بها.
لم يتطرق نحاس الى مسألة الانتخابات الفرعية بل تعدى ذلك للحديث عن نهجه السياسي المرتكز الى مدرسة الرئيس ميقاتي السياسية وفكره الوسطي والاعتدال وسياسة النأي بالنفس التي اطلقها ميقاتي وباتت نهجا متبعا لدى الحكومات التي تعاقبت وكشف الوزير نحاس انه انضم الى نهج ميقاتي منذ العام 2002 وليس في العام 2011 كما يعتقد البعض.
غياب الانتخابات الفرعية من كلمة نحاس حسب اوساط شمالية، دلالة على ان هذه الانتخابات باتت في حكم الملغاة وبانتظار النعي الرسمي لها، واذا غابت من كلمة نحاس، فانها غابت في الاساس عن جدول اعمال مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة والمهلة القانونية تنتهي في 17 آب الجاري مما يعني ان احتمال الالغاء هو المرجح طالما ان هيئة الاشراف على الانتخابات لم تتشكل ولم يصدر بها القرار اللازم مع دعوة الهيئات الناخبة بالرغم من مرور اكثر من شهر على تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق بتأكيده جهوزية وزارته لاجراء هذه الانتخابات واصرار رئيس الجمهورية على اجرائها تطبيقا لاحكام الدستور.
وتؤكد الاوساط احد ان اشد الرافضين لاجراء هذه الانتخابات هو الرئيس سعد الحريري لثلاثة اسباب:
– اولا -لعدم جهوزية تياره في طرابلس التنظيمية لخوض معركة فرعية احتمالات الخسارة فيها اكبر من احتمالات الفوز في مواجهة جهوزية تيار الرئيس ميقاتي الذي سبق أن اعلن مرشحه عن المقعد الارثوذكسي الوزير نقولا نحاس منذ اشهر عدة، وتطلعه الى مرشح مقرب منه عن المقعد العلوي، ومواجهة اللواء اشرف ريفي الذي اكد ايضا جهوزيته لخوض المعركة الفرعية بمرشحين ارثوذكسي وعلوي.
– ثانيا – عدم استعداد الحريري ماليا وتخصيص موازنة لمعركة فرعية لا تستأهل قبل ثمانية اشهر من موعد الانتخابات العامة.
– ثالثا – خشية الحريري من انكشاف حجمه الانتخابي بعد تراجع تياره ومن شأن ذلك التأثير على نتائج الانتخابات العامة.
في ظل هذه المعطيات تتوقع الاوساط الشمالية ان يتم الاعلان عن الغاء الانتخابات الفرعية والمبررات تكاد تكون جاهزة اولها ان البلاد على شفير معارك عنيفة سيخوضها الجيش اللبناني في مواجهة الارهاب التكفيري في جرود رأس بعلبك والقاع وقد حشد الجيش اللبناني الويته العسكرية في السلسلة الشرقية ولذلك لا يمكن اجراء انتخابات فرعية في ظل اوضاع امنية دقيقة للغاية.وثانيا سقوط المهلة القانونية لاجراء الانتخابات.
ليس الحريري وحده الرافض لاجراء الانتخابات الفرعية فتضيف الاوساط، يشاركه في الرفض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يخشى من معركة كسروان التي يخوضها العميد شامل روكز عن المقعد الذي كان يتبوأه الرئيس العماد ميشال عون وتشير التوقعات الى ان فوز روكز سيأتي كاسحا في مساحة كسروان من شأن نتائجها التأثير على نتائج الانتخابات العامة لان المعركة الفرعية ستكشف حجم القوات اللبنانية في كسروان وستترك تداعياتها في انتخابات ايار المقبل.
رغم هذه الاجواء فان قيادة «تيار العزم» في طرابلس بدت انها وضعت خطة ممنهجة بدأت باللقاء الذي انعقد قبل اسبوعين بدعوة من مستشار الرئيس ميقاتي الدكتور خلدون الشريف على شرف الوزير نحاس وكانت مناسبة للتداول بشؤون الانتخابات والاوضاع السياسية والقاء الاضواء على مواقف الرئيس ميقاتي، ومن ثم اللقاء يوم امس مع نقولا نحاس المرشح عن المقعد الارثوذكسي الذي عرض رؤيته الاقتصادية والنهضوية لطرابلس وشارحا رؤية دولة الرئيس ميقاتي السياسية والاقتصادية كونه (اي نحاس) احد اركان الخط السياسي الميقاتي، ومعرفا بنفسه كونه من اعرق العائلات الارثوذكسية الطرابلسية التي تعود في اصلها الى العام 1640 ميلادية منذ ان اتى جده عبود نحاس واقام في باب التبانة.
واذا كان اللقاء غير متعلق بالانتخابات الفرعية سواء جرت ام لم تجر، فان اللقاء فاتحة لسلسلة لقاءات سوف يعقدها نحاس مع اهل طرابلس وفاعلياتها وشرائحها الشعبية.