Site icon IMLebanon

انتخابات؟

من يستمع الى المناحة الفالتة إزاء التمديد للمجلس النيابي، يظن أن «الديموقراطية» اللبنانية كانت في أحسن حالاتها ثم أصيبت بطلقة قاتلة! وأنها كانت ولا تزال وستبقى! الأساس المرجعي المتين والوحيد لكل الأداء السياسي، ولكل ما له علاقة بالسلطة والتناوب عليها.. وأن اللبنانيين عموماً مفطورون أصلاً على العمل وفق سياقات وأطر لا تخرج في فاصلة واحدة، عن دستور الجمهورية، ولا عن مؤسساتها وأبنيتها، ولا عن المبادئ الناظمة للعلاقات الحزبية والاجتماعية والفكرية الواردة في الليبراليات الحديثة!

الصراخ واللطم والندب الفالت إزاء ذلك التمديد يؤشر بفصاحة الى ذلك المناخ، باعتبار أن ما حصل ألغى الانتخابات التشريعية.. والأمر في شكله صحيح، لكنه في مضمونه مثل أي شيء آخر في لبنان موصوم بالالتباس. وعنوانه بلفيّ لا يعبّر عن مضمونه.

هل لدينا انتخابات حقيقية في لبنان كي تنفتح المناحة بهذا الشكل على وأدها؟ وهل لدينا عمل مؤسساتي تامّ في لبنان كي ينطلق الردح على مداه تأسّفاً على غيابه؟

وهل أن العمل السياسي الراهن، والذي قبله وما قبل قبله، مبني وبُني استناداً الى اعتبارات الانتخابات المباشرة والنصّ الدستوري والخيارات الحديثة للناس، أم هو وليد أعراف وتراكمات تاريخية متأصّلة، ومستجدات الحرب وإفرازاتها؟ وهل الدستور، بهذا المعنى، أقوى من مدوّنة القيم الأهلية والعائلية والطائفية والمذهبية اللصيقة بالكيان وكل رعاياه؟ وهل أن الأطر الحزبية المؤثرة، قائمة على ركائز مناقضة للانتماءات الغريزية الأولى للناس؟ وهل هناك في كل العالم الليبرالي، شيء شبيه بـ»الديموقراطية الطوائفية التوافقية» الموجودة في لبنان؟ وهل هناك ممارسة للسياسة تليق بالرقي المسبوك في الدستور؟.. ثم هل هناك احترام حتى للشكليات في الخبرية المسماة «تداول السلطة»؟ وألا تسبق البوسطات والمحادل صناديق الاقتراع، وفي معظم الحالات تلغيها سلفاً؟

.. ثم ماذا ستغيّر الانتخابات الموءودة في الواقع التمثيلي للناس؟ وبأي نسبة؟ بل ماذا ستضيف على الميزان القائم؟ وأي ثقل ستضعه وتجعل ذلك الميزان يختل في كفّتيه؟ وهل يمكن المسّ أصلاً بذلك الميزان ولو بألف ألف انتخابات؟!

يدوخ اللبنانيون في مواسم الانتخابات على أنواعها وبطريقة لا تسرّ الخاطر.. حتى على كرسي بلدي في بلدة نائية يمكن تلمّس ذلك الشرود وتلك المبالغة الغارقة في طقوس الشكل ونوازع التشاوف الفارغ. وفي ذلك ما يراه كثيرون حراكاً ايجابياً يلغي سيئات الاستبداد والفرض والإكراه وقصة الحزب الواحد. وهذا صحيح لكن ضمن حدود الواقع القائم! والصيغ النظامية التي توافق عليها اللبنانيون تبعاً لتنوعهم! لكن ذلك الواقع، أعزائي الندّابين، لا يستأهل كل تلك المبالغات ولا كل ذلك الصراخ!.. بسيطة!