بدأت الأمور تتوضّح على صعيد التحالفات الإنتخابية والمرشحين والعازفين عن خوض غمار هذا الإستحقاق الإنتخابي، والذي دخل في مرحلة «شدّ الحبال»، حيث يُتوقع وفق المعلومات المتوفرة، أن تحمل الساعات المقبلة بعض المفاجآت على صعيد التحالفات، وخروج مرشحين من تحالف إلى تحالف آخر، إضافة إلى انسحاب آخرين، بمعنى أن المسألة لم تنتهِ على صعيد حسم خيار حصول هذا الإستحقاقـ الذي يبقى رهن التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، في حين لا يخفى بأن هناك أجواء احتقان سياسي محلي من شأنه أن يعيد خلط الأوراق برمّتها على أكثر من خلفية سياسية، إلى ظروف وأجواء غير سويّة تحيط بمعظم الأحزاب والتيارات السياسية.
ويرتقب، وبحسب أوساط متابعة، أن تكرّ سبحة الإستقالات من بعض الأحزاب على خلفية إبعادهم، ما يطرح سؤالاً كبيراً حول مصير الإنتخابات في ظل هذه الأجواء والظروف غير الإعتيادية، إذ ثمة من يشير إلى أن أكثر من سيناريو ما زال موضع تداول قد يؤدي إلى تأجيل تقني أو تطيير الإنتخابات إلى آذار المقبل، على أن تجري بعدها الإنتخابات البلدية، ولاحقاً الرئاسية، وهذه المسائل هي مجرّد طروحات وأفكار يتم النقاش حولها من قبل المعنيين، ولكن ليس بقدرة أي طرف أن يعلن ذلك، أو يتحدث عن هذه العناوين، كي يبقي جمهوره ومحازبيه جاهزين ومستعدين للإنتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار المقبل.
وعلى خط موازٍ، تشير الأوساط نفسها، إلى أن ما جرى خلال زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت أمس الأول، وما صرّح به عن تمنيات الجامعة العربية بحصول هذه الإنتخابات، فذلك يبنى عليه، بمعنى أن هناك إصراراً عربياً لحضّ الأطراف اللبنانية على إجراء الإستحقاق النيابي وعدم تأجيله أو إلغائه. ولكن، يلاحظ أنه ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية ـ الروسية، لم يبرز أي موقف دولي وأممي يدعو القوى السياسية اللبنانية لأن تجري هذا الإستحقاق الدستوري، تحت طالة التلويح بالعقوبات، ومردّ ذلك أنه ليس هناك من أي طرف دولي يتطلّع إلى ما يجري في لبنان في هذه المرحلة بالذات، وهذا ما ردّده أحد المراجع السياسية في مجلس خاص، عندما قال للمحيطين به «ما حدا بالعالم بالو فينا في هذه المرحلة، ولذلك نتوقع الأسوأ والأيام المقبلة ستكون خطيرة حيث سيشهد لبنان ويمرّ في أزمات معيشية وحياتية في غاية الخطورة».
لذلك، يمكن القول اننا في حالة ترقب مما يمكن أن يحصل خلال هذه المرحلة التي تعتبر قابلة لأي حدث قد نشهده على خلفية ما يجري في أوكرانيا، ووصولاً إلى حالة الإحتقان السياسي الداخلي بفعل التجييش الطائفي والمذهبي، ربطاً بالإستحقاق الإنتخابي المقبل، وهو ما قد يجرّ الساحة الداخلية إلى أحداث وصدامات هي في غنى عنها في هذه المرحلة الحرجة التي يجتازها لبنان.
لذا، تابعت الأوساط نفسها، بأن توقّعات المعنيين لا تشير بأن هذا الإستحقاق، سيسلك طريقه بسلام كما الإستحقاقات السابقة، لذلك، فإن المخاوف تكمن في عدم قدرة المولجين بأمن الإنتخابات على الإحاطة بكل تفاصيلها وتحدّياتها الأمنية وضبط إيقاعها، وذلك، في ظل الضائقة الإقتصادية وترهّل الدولة والخلافات المستشرية بين الرؤساء، والتي لها صلات مرتبطة بالتعيينات الأمنية الأخيرة وسواها من الإشكاليات التي تبقي الأمور قابلة لأي تطوّر، وفي أي توقيت.