عملية «كرّ وفرّ» ورمي المسؤوليات تظلل النقاشات السائدة حول الموازنة ويشــتد الخناق عليها في معركة الرواتب والاجور وتعويضات نهاية الخدمة حيث تثير الموازنة جدلا واسعا في كل الاوساط بين الرافضين لاقتطاع المعاشات التقاعدية والمس بالرواتب، ومن يعتبر ان الموازنة لم تلامس البنود الحامية والتقشف المطلوب منها من المجتمع الدولي، فمن نقاط ضعف الموازنة انها تفتقر الى رؤية اقتصادية توفر الانقاذ الحقيقي، وثمة من بدأ يلمح الى ان الجهات المانحة ليست راضية عن الاجراءات والاصلاح المالي والاقتصادي واستغراق الاصلاحات وقتا طويلا، وحيث يلحظ المجتمع المانح ان الاجراءات مطوقة بالموانع الطائفية والسياسية لعدم المس بالرواتب في القطاع العام والمصرفي وفي السلك العسكري.
على ان من نقاط ضعف الموازنة ايضا انها لم تتضمن طرحا او حلا لقضية التوظيف العشوائي في ظل آلاف التنفيعات الانتخابية التي حصلت والموظفين الذين لا يعملون، وقد اعدت لجنة المال والموازنة النيابية تقريرا عن ملف التوظيف ولديها معلومات مخيفة عن قصص التوظيف العشوائي للازلام والمحاسيب وبما يحصل في الوزارات من خلال بحثها وعملية الاستقصاء ومن خلال التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، وفق اوساط نيابية في اللجنة فان الدخول الى مغارة التوظيف كانت من اصعب المهمات التي تولتها اللجنة ليتبين من خلاصة الاجتماعات ان ان اكثر التوظيفات حصلت للتنفيعات الانتخابية ووفق المحسوبيات.
وفق الاوساط ايضا تبين ان هناك خمسة عشر الف وظيفة مؤكــدة حصـــلت قبل الانتخابات النيابية، وان الرقم يلامس الثــلاثين الف وظيفة من العام 2017 (منهم خمسمئة موظف في قطاع الاتصالات) والمشكلة الاساسية ان المطلوب من السلطة السياسية عدم المس بهم وان الوزراء يشكلون مظلة تحمي هؤلاء الموظفين وقد رفض عدد من الوزراء مثول موظفين للمحاســبة وطرح الاسئلة عن ظروف توظيفهم وعملهم
كان من المتوقع ان تتم معالجة التوظيف العشوائي في الاجراءات التقشفية لموازنة 2019 وايجاد مخرج وحلول لموظفين هبطوا «بالبارشوت» على مراكزهم ليتبين انه جرى فقط التجديد لتعهد بوقف التوظيف، وان هناك اتفاقا سياسيا لوقف التوظيف ومنع دخول متعاقدين جدد وموظفين الى القطاع العام باستثناء مناصب الفئة الاولى ومجالس الادارات.
وفق الاوساط لا يمكن استثناء اي فريق او اي مركز من لوثة التوظيف العشوائي والتنفيعات الانتخابية،من وزارة الاتصالات الى الصحة ووزارة التربية والاشغال والى البلديات بدون احترام عقود المياوم والاجير.
تؤكد الاوساط النيابية ان التوظيف في الدولة من اخطر القضايا وهو بحاجة لتوفر عدة معطيات للخروج من المأزق، فليس كافيا وقف التوظيف بل يفترض ايجاد حل للهدر في الوظائف ووقف الموظفين عن العمل وليس تأمين انتقالهم الى ملاكات اخرى في الدولة، وبالتالي محاسبة الفريق الذي ادخلهم الى الوظيفة مخترقا القانون، ومعالجة هدر التوظيف بما فيه كيفية حصوله واشكال التعاقد والمهل المحددة على ان يتم الانتقال بعد دراسة الملفات حول التعاقد لابطالها مع منع تجديدها وتحويل الموظفين الى ادارات اخرى.