IMLebanon

سجال انتخابي فوق أزمة وطنية عميقة

الرئيس ميشال عون يكرر أمام المحامين موقفه الجازم حيال ثلاثة عناوين في الجدل الدستوري والصراع السياسي: لا تمديد للمجلس النيابي ولو لدقيقة واحدة. لا فراغ في المؤسسات ولو وصلنا الى ٢٠ حزيران نهاية الولاية الممددة للمجلس. ولا مبرر لاستباق الأمور باجراءات يريدها البعض، لأن المجلس يستطيع صنع قانون انتخاب جديد حتى ٢٠ حزيران. فالتمديد خراب للبنان. واذا كان الكسيس دو توكفيل قد رأى قبل قرنين ان الانتخابات ثورات دستورية، وكل جيل هو شعب جديد، فان الرئيس عون يريد وضع حد في القرن الحادي والعشرين للتمديد المتمادي الذي هو انقلابات متمادية ولإجبار الأجيال الجديدة على ان تبقى شعبا قديما.

لكن السؤال الملحّ المطروح وسط تجربة ثماني سنوات من الفشل المنهجي في الاتفاق على قانون انتخاب هو: ماذا ان لم نصل الى انتاج قانون جديد في المهلة الباقية؟ الأجوبة الشائعة، وبصرف النظر عن الفراغ، تتركز على التمديد أو العودة الى قانون الستين. وهما عمليا خيار واحد. فالتمديد تسليم باستمرار المجلس الذي جاء على أساس قانون الستين. لكنه أسوأ من اجراء انتخابات حسب قانون الستين. إذ هو اغتصاب لحق الشعب في الخيار، في حين ان الانتخاب يعيد للناخبين الحق في تغيير الخيارات أو تجديدها.

والمشكلة في النهاية أعمق من ذلك. فنحن في أزمة وطنية تضم أزمة نظام وأزمة دستورية وأزمة سياسية، وليس لها حلّ بأي قانون انتخاب. وهي أزمات مفتوحة على صراعات المنطقة فوق كون عواملها الداخلية قوية. ونحن متأثرون بالصراعات سواء بالخيار أو بالاضطرار. ومن الوهم عزل الجدل حول القانون والعجز عن التفاهم على صيغةعن حسابات الصراع الجيوسياسي ولا سيما في سوريا وعليها.

فضلا عن ان التشاطر يأخذ مداه الكامل. فمن يريد انتخابات على أساس الفرز المذهبي يعرف، بصرف النظر عن كونه يناقض ميثاق العيش المشترك أو لا، انه يناقض النظام السياسي المركزي، ويحتاج الى تغيير النظام نحو أوسع فيديرالية أو لامركزية سياسية. ومن يصرّ على النسبية الكاملة في نظام طائفي ومذهبي يعرف أولا ان تطبيقه صعب جدا حتى على مستوى ترتيب اللوائح، وثانيا انه يحتاج الى مرحلة متدرجة لتجاوز الطائفية ثم إلغاء الطائفية السياسية. ومن يطرح حاليا انتخاب مجلس شيوخ قبل الوصول الى انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي يعرف اننا سننتخب مجلسين طائفيين بدل واحد، وندخل في سجال حول الصلاحيات والرئاسات لا معنى له حاليا.

وليس قليلا عدد الذين يتصورون ان هناك لعبة مستورة تحت طاولة الأوراق الانتخابية المكشوفة.