Site icon IMLebanon

مجدّداً… القانون الانتخابي في “السوق السياسي”

 

 

في الشكل، يبدو منطقياً جداً، سعي رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج قانون الانتخابات النيابية على جدول “التعديل القسري”، قبل ثلاث سنوات من موعد الاستحقاق النيابي. ولكن في المضمون، لا يحجب المسار، المفترض أنّ حركة “ساعته” منطقية، تساؤلات خبيثة باحثة عن خلفية إصرار رئيس المجلس على فتح “أبواب جهنم”، التي، إذا شرّعت، قد لا تترك من القانون الحالي إلا عنوانه!

 

تدرك القوى السياسية جميعها أنّ التفاهم على قانون انتخابي جديد، أو حتى “تطعيمه” ببعض التعديلات، هو أشبه بضرب خيال نظراً لتضارب مصالحها ومحدودية قائمة القواسم المشتركة بينها. وهي تعرف جيداً أنّ الظروف السياسية هي التي سهلت تعبيد طريق القانون الأخير بعد جهود استمرت لسنوات، كانت في كل مرة، تفشل في تجاوز حواجز الخلافات.

 

وبالتالي إنّ وضع القانون من جديد على مشرحة التعديل، فيه الكثير من المخاطرة، وتضييع للوقت وللمجهود، اذا ما ارتفعت متاريس الاختلافات والتباينات بين “طبّاخي المجلس”، وهو المرجح.

 

عملياً، يشكّل حجم الدوائر الانتخابية التحديّ الأصعب أمام المتحمسين لتعديل القانون الانتخابي بسبب تباين آراء القوى السياسية ومقارباتها لهذا البند الأساس في تكوين القانون. ومع ذلك، رفض بري التخلي عن مطلبه جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة ولو أنّه متأكد أنّ طرحه سيواجه بالاعتراض لألف سبب وسبب، أولها هو تجاوز ما ورد في اتفاق “الطائف” الذي نصّ على اعتماد المحافظات التقليدية دوائر انتخابية.

 

في المقابل، يبدو أنّ الصوت التفضيلي هو “لعنة” قانون 2018 وهو أكثر النقاط قدرة على جذب الإجماع حوله بغية الإطاحة به بعدما تحوّل سُمّاً قاتلاً أطاح وحدة الصف الحزبي والقوى السياسية التي خاضت معارك داخلية سعياً وراء الصوت التفضيلي، لا تقل ضراوة عن المعارك التي خيضت ضدّ الخصوم.

 

ومع ذلك، أعلن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي منذ أيام أنّ “قانوناً انتخابياً جديداً سيولد قريباً”، بعد إحالة مشروع كتلة “التحرير والتنمية” إلى اللجان المشتركة.

 

وسبق للكتلة أن قامت بجولة على الأحزاب والقوى السياسية عارضة مشروعها لقانون الانتخابات والذي يقوم على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة مع احترام النظام النسبي ولكن بعد التخلص من الصوت التفضيلي واستبداله باللوائح المقفلة المرتّبة سلفاً.

 

وعلى هذا الأساس أودعت الكتلة مشروعها اللجان المشتركة لمناقشته تحت الضوء، بعد صياغته بشكل نهائي تمهيداً لتفنيده.

 

ويقول أحد المعنيين إنّ الصيغة النهائية للمشروع باتت على الشكل الآتي:

 

– عدد النواب 134 نائباً بعد اقتراح إضافة ستة نواب للبنانيين غير المقيمين، على أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة مؤلفة من 128 نائباً فيما المغتربون يصوتون في دائرة منفصلة تضمّ ستة نواب ممثلين لهم. وبالتالي يكون المجموع دائرتين انتخابيتين، واحدة للمقيمين وواحدة لغير المقيمين.

 

– تخصيص المرأة بكوتا مؤلفة من 20 نائباً.

 

– خفض سنّ الاقتراع إلى 18عاماً.

 

– إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات وهي هيئة مستقلة يفترض بها أن تدير العملية الانتخابية وتشرف عليها لتحلّ محل وزارة الداخلية في هذه المهمة من ألفها إلى يائها.

 

– يكون الحاصل الانتخابي، أي عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد، هو السقف التأهيلي الذي يسمح للوائح بدخول المنافسة على المقاعد أو البقاء خارجها. وإذا افترضنا مثلاً أن عدد المقترعين (من غير المغتربين) بلغ مليوني ناخب، وعدد المقاعد 128، يصير الحاصل الانتخابي نحو 16 ألف صوت. وبالتالي كل لائحة يتخطى عدد أصواتها الـ 16 ألف صوت، تدخل المنافسة لحجز المقاعد.

 

– تمّ التخلص من الصوت التفضيلي لمصلحة اللوائح المرتّبة سلفاً على قاعدة احترام المناصفة والتنوّع المذهبي، خصوصاً وأنّ الترشح سيبقى على أساس القضاء. وبالتالي ستكون اللائحة مؤلفة من مسيحي ثم مسلم ثم مسيحي وهكذا دواليك. أما توزيع المقاعد فيكون بداية للمرشح الأول في الترتيب المسبق من اللائحة التي حصدت أكبر نسبة أصوات، ويؤول المقعد الثاني للمرشح الأول في الترتيب من اللائحة الثانية، إلا إذا سبق وحُجز المقعد الذي يحتله، إلى أن يكتمل عدد المقاعد…

 

– اعتماد البطاقة الممغنطة التي تسمح للناخب بالانتخاب في أي مركز اقتراع.

 

ورغم ذلك، يقول أحد النواب المسيحيين ممن عملوا مطولاً على القانون إنّ القانون الحالي احتاج 13 سنة من الاشتباكات السياسية والأخذ والردّ والمفاوضات إلى حين نضجت الظروف ورسمت معالمه وركائزه. وبالتالي إنّ الورشة المستحدثة، قد لا تستهدف إلّا نقاطاً محددة ومحدودة من القانون الحالي.