الآن يمكن الإعتبار أن فصلاً من كتاب الإنتخابات النيابية العامة قد طُوي كلياً: إنه فصل الإصلاحات. ولهذا الطي وجهان إيجابي وسلبي. أما الوجه الإيجابي فهو أنّ عنصراً قد توقف من عناصر الحرب الكلامية بين الأطراف خصوصاً بين التيار الوطني الحر وحركة «أمل»… وأما الوجه السلبي فهو أنه بات متعذراً الأمل بالبطاقة الممغنطة وبالإقتراع في مكان الإقامة. وكان من شأن هذين التطورين المهمين جداً بنظرنا أن يحررا فريقاً كبيراً من الناخبين من تأثير وسطوة أصحاب التأثير والنفوذ والسطوة الذين «يأسرون» بأشكال عديدة حرية الناخبين الذين يقترعون في مناطقهم.. بينما كان بالإمكان أن يتحرروا من ذلك كله لو تمكنوا من ممارسة هذا الحق في أمكنة إقامتهم.
ولا بأس. فالحوار الحار حول هاتين النقطتين لم يعد مجدياً بعدما أعلن الوزير علي حسن خليل، أن اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تعديلات قانون الإنتخاب لن تعود الى الإجتماع بعد اليوم!
والمهم الآن الإنصراف الى الإنتخابات التي نطمح، ويطمح معنا اللبنانيون عموماً لأن تكون حرة ونزيهة ما أمكن للحرية والنزاهة أن تكونا وجهاً حضارياً للبنان قبل أن تكونا وجهاً حضارياً للعملية الإنتخابية في حد ذاتها، وليس ثمة ضرورة للتذكير بأنّ الوزير نهاد المشنوق قادر ومتمكن و«سمعته في الدق» كما يُقال، وهو حريص على هذه السمعة، ووجوده على رأس السلطات المشرفة على الإجراءات الإنتخابية التنفيذية يشكل عامل ثقة.
ويبقى الإقبال على الإقتراع. عموماً ليس اللبنانيون من الشعوب التي تعني لها الإنتخابات كثيراً في ممارسة الحق وليس فقط في التهليل أو في الوجوم جراء النتائج. وكثيراً ما كان قسم لا بأس به من الناخبين يؤثر يوم عطلة وراحة، حتى بالنسبة الى المتواجدين على مقربة من صندوقة الإقتراع فكم بالحري الذين عليهم أن يبكروا في مغادرة منازلهم يوم العطلة ويعانون مشقة المرور على معابر العاصمة التي تزدحم تقليدياً بالسيارات ومن باب أولى يوم الإنتخابات، وبالذات في مرحلة الإياب، إلاّ أن التوقف عند هذا العامل، على أهميته، لا يبرّر التخلف عن المشاركة في التصويت الذي هو حق وواجب. فكم يمضي اللبنانيون من الوقت وهم يحتجون على التمديد «لأنّو بدنا نمارس حقنا» (الخ…) وعندما يحين أوان ممارسة هذا الحق تتخلف نسبة كبيرة منهم عن ممارسته.
وفي تقديرنا أن تعقيدات قانون الإنتخاب من شأنها، في غياب المكننة، أن تبطىء عملية الفرز فهناك إحتساب الأصوات وإحتساب الحاصل النسبي، واحتساب الكسور مع تطبيق التوزيع الطائفي فالمذهبي، والفصل بين الدائرة والقضاء داخل الدائرة ذاتها الخ… ذلك كله سيستغرق وقتاً قد يتأخر معه إصدار النتيجة ربما الى مساء اليوم التالي (الإثنين 7 أيار المقبل) وهذا تحصيل حاصل. على أمل أن تكون الإنتخابات التي يفترض أن تجرى في العام 2022 ممكننة مئة في المئة فيتولى الأستاذ كمبيوتر القيام بالمهام الإجرائية في مجال الفرز الإلكتروني. ولا نعتقد أننا في حلم مستحيل التحقيق.