بين شرّ البنزين ونقمة الكهرباء
لم تعتل «ليليان» هم الانتظار بالدور أمام محطات البنزين الصيف الماضي، ولم تتباخل بالمشاوير هذا الصيف رغم تحليق سعر البنزين، لا بل صارت سيارتها ملجأ الأصدقاء كلما أرادوا القيام بمشوار صيفي صوب الجبل او البحر. «مين قدها؟» سيارتها لا تحتاج الى البنزين ولا حتى الى جميلة صاحب المولد او كهرباء مؤسسة لبنان، يكفي أن « توصل» كابل السيارة بمخرج كهربائي في البيت الذي يتمتع بفائض كهرباء بفعل الطاقة الشمسية حتى «تشرج» بطارية سيارتها وتنطلق الى حيث تشاء…إنه الحلم اللبناني…
في أوروبا أجبر الوعي البيئي شركات تصنيع السيارات على الانتقال شيئاً فشيئاً الى الطاقة الكهربائية حتى أن المفوضية الأوروبية تسعى للقضاء التام على انبعاثات السيارات اعتباراً من العام 2035. وبذلك، ستصبح السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات الوحيدة المسموح بسيرها على الطرقات الأوروبية. وأتت أزمة الطاقة الأخيرة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية لتسرع إجراءات التحول الى الطاقة الكهربائية… هذا في أوروبا أما في لبنان حيث لا بيئة ولا بنزين ولا كهرباء هل يمكن للسيارت التي تعمل بالطاقة الكهربائية أن تجد لها مكاناً في السوق اللبناني لتكون الحل البديل لغلاء البنزين في عز أزمة الكهرباء؟
ليليان كانت من الأوائل الذين اقتنوا سيارة كهربائية وقد اتخذت هذا القرار منذ أكثر من سنتين للتوفير في مصروف البنزين، اشترت سيارة BYD صينية متوسطة الحجم مناسبة في سعرها ومصروفها. عدتها الوحيدة كابل كهربائي طويل «تشكه» في اي بريز في البيت، كما تقول «لتشحن البطارية. 26 ساعة متواصلة من الكهرباء تحتاجها البطارية إذا كانت فارغة تماماً وذلك لأن «الشارجور» الذي تستخدمه هو من النوع البطيء الذي يستهلك أقل كمية ممكنة من الكهرباء. لكن الصبية التي تعرف واقع الكهرباء في لبنان لا تدع بطارية سيارتها تفرغ الى الآخر بل تعيد شحنها بعد كل مشوار. لا تعرف كم تستهلك سيارتها من الطاقة بالضبط لكنها تظن أنها تحتاج حوالى سبعة أمبير. لا تكترث كثيراً لهذه التفاصيل ولا لمصروف الكهرباء الذي تحتاجه السيارة لأن بيتها مزود بالطاقة الشمسية وهي كافية لتأمين شحن السيارة من دون اية كلفة. راضية هي عن سيارتها الكهربائية كل الرضى من حيث السرعة والمتانة، صارت تعرف كم تستهلك طاقة في «الطلعات» وفي الطرقات العادية، ففي «الطلعة تستهلك البطارية بشكل أسرع». تحمل شاحن سيارتها كما تحمل «شارجور» هاتفها الجوال ولا تخرج من دونهما لكنها تعترف أنها تتجنب تشريج السيارة عند اي من أصحابها «ما إلي عين تقول» بعدما صارت الكهرباء سلعة نادرة وثمينة في كل بيت.
صنع في لبنان
لمعلومات أكثر دقة وتقنية توجهنا الى شركة EV Electra وهي شركة رائدة في لبنان والعالم العربي تعمل على تصنيع السيارات الكهربائية ولديها مركز للأبحاث والتطوير مقره في لبنان ويعمل فيه أكثر من 300 موظف محلي وقد التزمت بتصنيع مركبات كهربائية تعمل بالبطارية مع صفر انبعاثات… نعم سيارات كهربائية صنعت في لبنان.
«كعرب، يقول السيد جهاد محمد مبدع هذه الفكرة وصاحب الشركة، دفعت التحديات التي يعيشها مجتمعنا الفريق إلى إنشاء مركز رئيسي للتصنيع والبحث والتطوير في لبنان وطننا. كانت التشريعات الدولية المفروضة بسبب التهديدات الوشيكة للتغير المناخي هي الدوافع الرئيسية التي دفعت EV Electra إلى بناء أول سيارة كهربائية لها وهي القدس رايز. وأدى الطلب الكبير على هذه السيارة الكهربائية الجذابة والمبتكرة والتي تباع بأسعار معقولة إلى تحفيز الفريق وإلهامه لمزيد من التطوير في هذا المجال كما تعهدت الشركة بزراعة 10 أشجار لكل سيارة سوف تباع للحفاظ على البيئة».
من مهندسي الشركة شئنا التزود بمعلومات تقنية لا شك نجهل معظمها حول السيارات الكهربائية. ومن هؤلاء المختصين عرفنا أن الاختلاف الرئيسي بين السيارات الكهربائية والسيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي يكمن في نوع الطاقة المستخدمة. فالأخيرة تعمل على احتراق الوقود، بينما تعمل الأولى على الطاقة الكهربائية. ومع اختلاف مصدر الطاقة، يختلف نظام الدفع بينهما أيضاً.
المحركات الكهربائية لها تعريفان للطاقة، القوة المصنّفة والطاقة القصوى ويتم التعبير عن هذا العامل بالكيلوواط (KW). يتم توفير طاقة الذروة بواسطة المحرك لعدة ثوانٍ، وتستخدم في الغالب في متطلبات التسارع والطاقة العالية، في حين أن الطاقة المصنفة يتم توفيرها في معظم وقت القيادة.
إستهلاك مقبول للطاقة
أما حول استهلاك الطاقة من قبل هذه السيارات فيؤكد المهندسون أنه كلما زاد حجم المحرك، ازدادت الطاقة التي يتطلبها، وبالتالي زادت الطاقة الكهربائية التي يحتاجها. من هنا لا يوجد معيار محدد حول كيفية حساب استهلاك الطاقة. لكننا نسأل الخبراء كم كيلومتراً يمكن أن تسير السيارة الكهربائية عند تفويلها بالطاقة؟
الجواب يعتمد على عدة عوامل، وقوة المحرك واحدة منها. وعلى سبيل المثال:
يمكن للسيارات الكهربائية أن تقطع بين 350 و 800 كلم بشحنة واحدة. فسيارة «قدس رايز» قد تصل إلى 450 كلم في قيادة المدينة، وعلى غرار المركبات التي تعمل بالوقود، فإنها تستهلك المزيد من الطاقة عند السير صعوداً لكنها تعوض عنها نزولاً من خلال النظام الذكي للكبح والتخزين.
وغالباً ما تعلن ماركات السيارات الكهربائية المعروفة عن مسافات طويلة، ولكن ذلك لا يصح إلا مع سرعة قيادة منخفضة للغاية. أما بالنسبة لسرعة السيارات الكهربائية فتعتمد على قوة المحرك وناقل الحركة المثبت على السيارة. وتتراوح من 100 كلم/س إلى 300 كلم/س. على سبيل المثال، يمكن أن يصل نموذج قدس رايز لدى EV Electra إلى سرعة قصوى تبلغ 250 كلم/ساعة.
أسئلة كثيرة يثيرها هذا النوع من السيارات: كيف يتم شحن السيارات الكهربائية عادة وماذا عن الأعطال في الشحن او المحرك؟
جميع المركبات الكهربائية يقول مهندسو الشركة لديها نظام أمان في ما يتعلق بالشحن لمنع أي أعطال، لكن في حالة حدوث مشكلة، فإنها تحتاج إلى متخصص لإصلاحها، نظراً لأن الميكانيكيين العاديين ليس لديهم خبرة في السيارات الكهربائية ويستحسن دائماً استشارة الوكيل. اما الشحن فيتم بطريقتين: شحن سريع أو بطيء. في لبنان عدة شركاء يقدمون خدمات الشحن السريع للسيارات الكهربائية يتطلب هذا الشحن السريع أجهزة شحن خاصة بينما يمكن لأجهزة الشحن العادية استخدام أي منفذ طاقة عادي في البيت او أي مكان.
يتم تحديد سرعات الشحن حسب حجم البطارية وقدرات الشاحن المتوافقة. على سبيل المثال، يحتوي طراز Quds Rise على بطارية 50 KWH ويتطلب 20 دقيقة للشحن الكامل (من 0-100%) على أجهزة الشحن السريعة. تجدر الإشارة إلى أن عملاء EV Electra يتمتعون بامتياز شحن سياراتهم الكهربائية مجانًا في محطات الشحن ذات مواقع مدروسة، كما سيتم تزويد محطات الشحن التي تخطط الشركة لتثبيتها بشكل استراتيجي بمولدات خاصة وقد يتم تشغيلها في النهاية بواسطة مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
أما كلفة الشحن وهنا بيت القصيد الذي يهم اللبنانيين فيحددها مقدم الخدمة التي باتت متوافرة في عدد من المحطات المعروفة. على سبيل المثال، آخر سعر كان 10000 ليرة لبنانية للكيلوواط. وحتى لا تقف فجأة وسط الطريق، للسيارات الكهربائية علامة تؤشر الى نسبة الطاقة في البطارية. وعادةً ما يتم ضبط المؤشر على 20% ما يمنح السائق وقتًا كافياً للقيادة إلى أقرب محطة شحن.
لذا فكل من يعتمد سيارة كهربائية لا حاجة له لتخزين كمية كبيرة من غالونات البنزين بطريقة غير آمنة تسبب مخاطر له ولمن حوله كما لمسنا ذلك خلال أزمة البنزين الماضية. وربما يقطع تكاثر السيارات الكهربائية الطريق يوماً على كل محتكري الوقود في البلد وينعش الآمال بالوصول الى بلد نظيف بيئياً وأخلاقياً بعد أن أثبتت الطاقة الكهربائية على مر السنين أنها مصدر للطاقة يمكن الاعتماد عليه آمن ويسهل الوصول إليه.
بين أوروبا ولبنان
ضاعفت المركبات الكهربائية حصتها السوقية تقريبا في عام 2021 الى 8.3% بمعدل نمو 108% مقارنة بالعام السابق. تم بيع 6.75 ملايين مركبة كهربائية في عام 2021. تهيمن أوروبا على سوق السيارات الكهربائية بنسبة 17% من إجمالي المبيعات، تليها الصين بنسبة 13.3% وأميركا الشمالية بنسبة 4.4% رغم تربع شركة تيسلا على عرش السيارات الكهربائية في العالم.
من المتوقع أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية العالمية إلى 26.8 مليوناّ بحلول العام 2030 وفقًا لأحدث تحليل من S&P Global Platts Analytics، وإلى ما يقرب من 60 مليون وحدة بحلول عام 2040. وفي الوقت الحاضر، تعمل معظم الدول على حملات توعية وتثقيفية استعداداً للمرحلة القادمة من صناعة السيارات.
ولكن كم تصح هذه الحملات في بلد مثل لبنان بات المواطن فيه يخشى إضاءة «لمبة» في البيت خوفاً من لسعة كلفتها؟ علماً أن وكلاء لشركات عدة لا سيما أوروبية أو صينية الصنع بدأوا يطرحون في الأسواق اللبنانية سيارات كهربائية بالكامل او هجينة Hybrid تعمل بنوعين من الطاقة وقد شهدت طلباً مقبولاً قبل استفحال الأزمتين المالية والكهربائية.
QUDS RISE كاملة الأوصاف
قدس رايز سيارة كهربائية أطلقتها شركة EV Electra طراز كوبيه يحتوي على بطارية ليثيوم أيون بقدرة 50 كيلوواط في الساعة، والتي تشغل محركاً كهربائياً واحداً. ينتج المحرك بقوة 150 كيلوواط 200 حصان، ما يمكّن السيارة من الوصول من 0 إلى100 كلم في الساعة في 5 ثوانٍ، والوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 250 كلم/ ساعة ويمكنها السير حتى 450 كلم بشحن كامل. هيكل السيارة من الألياف الزجاجية وتأتي مع شاحن مدمج وقابس عالمي متوافق مع جميع أنواع محطات الشحن.
إنها أول سيارة كهربائية يتم تصنيعها محلياً في لبنان «من ألفها الى يائها». النموذج الأولي الذي تم كشف النقاب عنه، مزخرف في الأمام بشعار قبة الصخرة.