«التيّار» يُواصل إزالة العراقيل أمام خطّته الكهربائيّة
تُعقد في القصر الجمهوري اليوم جلسة لمجلس الوزراء، يُنتظر أن يتمّ خلالها تخصيص جزء كبير من المُناقشات لملفّ الكهرباء، في الوقت الذي يُعاني فيه لبنان من تقنين قاس جدًا على مُستوى ساعات التغذية بالتيّار الكهربائي، بالتزامن مع شحّ بمادة المازوت، وبطبيعة الحال مع إستمرار النزف المالي الرهيب بسبب الفشل في إيجاد الحلول المُستدامة لقطاع الكهرباء ككل، بحيث يُشكّل قطاع الكهرباء ما نسبته 35 % من إجمالي عجز الميزانيّة. فهل يُمكن أن تُحدث هذه الجلسة تغييرًا في هذا النمط الفاشل المًعتمد منذ سنوات، بل منذ عُقود؟
بحسب مصدر سياسي مُطلع، إنّ جلسة اليوم الثلاثاء ستشهد مبدئيًا تعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان الشاغر منذ سنوات، إضافة إلى درس قانون تنظيم قطاع الكهرباء، مع توجّه لإقتراح تعديل هذا القانون، لجهة إنشاء هيئة ناظمة للقطاع وتعيين أعضائها، تنفيذًا لأحد المطالب الرئيسة المَرفوعة من جانب البنك الدَولي، بحيث تُمثّل هذه الخُطوة – في حال إتمامها بدون مشاكل، رسالة إلى المُجتمع الدَولي بوجود نيّة جدّية بإصلاح قطاع الكهرباء. وذكّر بأنّ مُعالجة ملفّ الكهرباء يُمثّل أبرز مطالب مُختلف المَبعوثين الدَوليّين الذين زاروا لبنان في الماضي القريب، حيث كان المطلب مُوحّدًا بضرورة وقف الخسائر السنويّة الكبيرة المُتراكمة على خزينة الدولة، بسبب عجز مؤسّسة الكهرباء.
من جهة أخرى، وبحسب مصدر وزاري سابق مُعارض للحُكومة، إنّ «التيّار الوطني الحُرّ» الذي يُدير ملفّ الكهرباء منذ نحو 11 سنة، وتحديدًا منذ تسلّم النائب جبران باسيل وزارة الطاقة والمياه في أيلول من العام 2009، مُرورًا بالوزير الأرمني الحليف أرثيور نظريان، وبالوزير سيزار أبي خليل، وبالوزيرة ندى بستاني، وُصولاً إلى وزير الطاقة الحالي ريمون غجر ـ المَحسوب أيضًا على «التيّار»، يسعى هذا الأخير لإستغلال غياب المُعارضة الفعّالة على طاولة مجلس الوزراء، لإحكام قبضته على مؤسّسة الكهرباء، تمهيدًا لتنفيذ الخطة التي كان أعدّها بدون أيّ إعتراضات ولوّ مع بعض التعديلات الطفيفة. وتوقّع المصدر المُعارض نفسه أن يتمّ إعتماد التوزيع السياسي والطائفي والمذهبي مُجدّدًا في تعيينات جلسة اليوم، وليس أي آليّة عادلة وُمنصفة وفق ما أقرّه مجلس النوّاب أخيرًا، مُشيرًا إلى أنّ تحضير الأرضيّة لمُجمل باقة التعيينات الجديدة، كان تمّ خلال زيارة رئيس «التيّار» الوزير السابق جبران باسيل إلى «عين التينة» الأسبوع الماضي، حيث إلتقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وكشف المصدر أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» سيسعى إلى نيل حصّة كبيرة ضُمن التعيينات الجديدة في قطاع الكهرباء، حيث أنّ لائحة الأسماء التي سيرفعها الوزير غجر إلى مجلس الوزراء مُتفق عليها مُسبقًا، وهي لا تتضمّن أسماء تُغرّد خارج السرب ـ إذا جاز التعبير. وأضاف أنّ «التيّار» سيحرص أيضًا على أن تكون أيّ هيّئة ناظمة تحت سُلطة الوزير المُباشرة، أي حاليًا تحت سُلطة الوزير غجر. وخلص إلى القول بأنّ «التيّار» يُواصل إزالة العراقيل أمام تنفيذ خطّته الكهربائيّة، وهو يرفض رفضًا تامًا أن ينتقل هذا الملف إلى أي جهة سياسيّة أخرى.
وذكّر المصدر أنّ خطة الكهرباء التي كانت تقضي بجزء منها، بتسريع عمليّات جباية الفواتير المُتأخّرة، وبرفع سعر التعرفة، تلقّت ضربة قاسية نتيجة الأزمة الإقتصاديّة الحالية، حيث أنّ الأغلبيّة الساحقة من المُواطنين غير قادرة على دفع فواتيرها حاليًا، فكيف بالحري بدفع مبالغ إضافيّة على هذه الفواتير! وتابع أنّ الخطة التي كانت تقضي أيضًا برفع ساعات التغذية قبل رفع قيمة الفواتير، تُواجه حاليًا مُشكلة أخرى تتمثّل بالشحّ في الفيول من جهة، وبتزايد الأعطال التي باتت صيانتها باهظة الثمن، وفي زيادة الهدر عبر خطوط نقل الطاقة إلى ثلث إنتاج الطاقة!
وتخوّف المصدر نفسه من أن يدفع هذا الواقع المُستجدّ، إلى تحوّل خيار بناء معامل توليد الطاقة الجديدة وفق مبدأ «BOT»، مع تخصيص جزء من قطاع الكهرباء، إلى مخرج وحيد مُتاح. وختم أنّ الأسوأ يتمثّل في العودة إلى خطة قديمة مليئة بالثغرات، فقط لأنّ التفاهمات السياسيّة داخل مجلس الوزراء، وغياب المُعارضة، ستسمح بتمريرها.