IMLebanon

تقنين كهربائي قاسٍ إلى حين وصول بواخر الفيول

 

العتمة التي يشهدها لبنان حالياً تعود إلى تأخر بواخر الفيول في الوصول. ذلك استدعى تخفيض إنتاج الكهرباء تحسّباً لأي تأخير إضافي. وبالرغم من أنه يتوقع أن تعود الأمور إلى طبيعتها مع استقرار عمليات الشراء عبر آلية Spot Cargo، إلا أن ذلك لن يكون كافياً لضمان الاستقرار في التغذية. ارتفاع أسعار النفط العالمية يعني أن سلفة المليار دولار المخصصة لكهرباء لبنان لن تكون كافية لتوفير الفيول خلال عام. ولذلك فإن التقنين سيكون الخيار الوحيد أمام المؤسسة، حتى في حال ضمان التزام مصرف لبنان بمواعيد فتح الاعتمادات

 

بدلاً من أن تتضاعف التغذية بالتيار الكهربائي في ظل العاصفة التي يشهدها البلد لتلبية حاجات الناس إلى التدفئة، تشهد كل المناطق تقنيناً قاسياً. وزير الطاقة كان طمأن إلى أن العتمة لن تأتي. لكن كل شيء بعد ذلك يشي بأن العتمة أمر واقع. السبب حاضر دائماً. شح الفيول وتأخر فتح الاعتمادات وتأخر الشحنات. أيّ من هذه الأسباب ينعكس زيادة كهرباء لبنان لساعات التقنين، بما يضمن عدم الاضطرار إلى إطفاء المعامل تماماً. هذه المرة القطع سببه عدم وصول باخرة المازوت المخصص لمعملَي الزهراني ودير عمار في الموعد المحدد لها. كان يُفترض أن تصل الباخرة الكويتية في ٢٢ الشهر الحالي، لكن تبين أنها ستتأخر. سريعاً اتُّخذ القرار بوقف تشغيل نصف التوربينات في معمل الزهراني. ولذلك، فإن ٢٢٥ ميغاواط تم إخراجها عن الشبكة، إلى حين وصول الشحنة. وهذا يُضاف إليه الاستمرار بتخفيض إنتاج البواخر بنحو ١٠٠ ميغاواط (من ٣٨٠ ميغاواط إلى ٢٧٠ ميغاواط) بانتظار تفريغ حمولة باخرة الفيول أويل Grade B التي يُتوقع أن تصل مساء اليوم، لكنها تحتاج لأيام لتتمكّن من التفريغ (إلى حين إرسال عينة إلى الفحص في دبي والتأكد من مطابقة الشحنة للمواصفات). وإضافة إلى ما طرأ، فإن تخفيض الإنتاج في معملي الزوق والجية مستمرّ، لحاجتهما إلى قطع غيار وزيوت تنتظر الحصول على الدولارات. كل ذلك أدى عملياً إلى الانخفاض الكبير في ساعات التغذية. لكن مصادر معنية ترى أن الأمور ستستقر أكثر بعد أن تنتظم عملية شراء الفيول عبر «سبوت كارغو» (شراء شحنات من دون اتفاقات وعقود طويلة الأجل مع الشركات الموردة)، خاصة أنه في الوقت الحالي صار الاعتماد كلياً على هذه الآلية لتأمين حاجة معامل الكهرباء من المحروقات (باستثناء شحنة مازوت شهرياً لا تزال تصل من الكويت).

 

المشكلة الأساس بحسب مصادر معنية أنه حتى لو تأمّن الفيول، فإن مصلحة كهرباء لبنان تقضي بأن يستمر التقنين. فسلفة الخزينة المخصصة للمؤسسة تبلغ مليار دولار دولار سنوياً (ألف و٥٠٠ مليار ليرة محولة عبر مصرف لبنان إلى الدولار) وهذه السلفة إن كانت فاضت عن حاجة المؤسسة عام ٢٠٢٠، نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار الفيول والذي وصل إلى ٢٠ دولاراً للبرميل، فإنه يُتوقع، في العام الحالي، أن لا تكفي لتأمين حاجة المؤسسة (مليون طن فيول أويل Grade B ومليون طن فيول أويل Grade A ومليون طن مازوت)، خاصة أن سعر النفط وصل حالياً إلى ٦٤ دولاراً للبرميل. وهو ما يجعلها أمام خيارين، إما زيادة التقنين، بما يسمح بأن تكفي الميزانية المرصودة للفيول حتى نهاية العام، وإما الاستمرار بالتغذية بالطاقة القصوى (إن لم تطرأ معوّقات تتعلق بتأخر الشحنات أو تأخر فتح الاعتمادات من مصرف لبنان، أو رفضه تأمين كل متطلبات الصيانة والتشغيل)، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الوصول إلى إطفاء المعامل مع نفاد المليار الدولار.

 

ارتفاع أسعار النفط «يُلزم» كهرباء لبنان بتخفيض الإنتاج

 

 

إلى ذلك، يبدو أن الأزمة التي خلقها مصرف لبنان من خلال رفضه تمويل قطاع الكهرباء قبل تقديم استراتيجية واضحة للقطاع قد شارفت على نهايتها، على الأقل في ما يتعلق بتأمين الأموال اللازمة لاستمرار شركة «برايم ساوث» في تشغيل وصيانة معملي دير عمار والزهراني. فالشركة كانت طلبت الحصول على ٧٥ في المئة من مستحقاتها بالدولار الطازج، كشرط لتمديد العقد لمدة سنة، نظراً إلى حاجتها لإجراء الصيانة الدورية للتوربينات (عبر الشركات المصنّعة). ففي الاجتماع الذي عقده الرئيس حسان دياب في السراي الحكومي، يوم السبت الماضي، وحضره وزيرا الطاقة والمالية، إضافة إلى حاكم مصرف لبنان، طلب من الشركة الاستمرار في العمل، مقابل وعد بمعالجة موضوع مستحقاتها مع مصرف لبنان خلال أسبوع. وبالفعل، أنجزت كهرباء لبنان بتكليف من وزير الطاقة ملفاً مفصّلاً عن المطلوب لتشغيل معلمي دير عمار والزهراني وسلّمته إلى وزير الطاقة، الذي بدوره سلّمه إلى مصرف لبنان.

بحسب المعلومات، وافقت الشركة الأميركية على خفض النسبة التي تطلبها بالدولار. فبعدما كانت طلبت ٨٠ في المئة من قيمة العقد بالدولار الطازج (٦١ مليون دولار) ثم خفضت النسبة إلى ٧٥ في المئة في المفاوضات الأولى مع «كهرباء لبنان»، تم الاتفاق معها على تخفيض إضافي، فاتفق على أن تبلغ نسبة الدولار النقدي 70 في المئة من إجمالي قيمة العقد.

وبالفعل طُرح الأمر في اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان أول من أمس. وأشارت مصادر وزارة الطاقة إلى أن الأجواء كانت إيجابية، والمصرف لديه توجه نحو الدفع، لكنه تأخر في الموافقة، بانتظار بعض المستندات التي طلبتها اللجنة المختصة لإنجاز الملف.

 

شركات غاز تتلاعب بالأسعار

في إحدى شركات الغاز، كان الاكتظاظ شديداً. شائعة مجهولة المصدر تشير إلى أن الغاز سيفقد من الأسواق، جعلت الناس يتهافتون على شراء هذه المادة الحيوية. الورقة المطبوعة والموجودة أمام الصندوق تشير إلى أن سعر القارورة ٢٤٤٠٠ ليرة. لكن عند الدفع تجيب السيدة المعنية أن السعر هو ٣١ ألف ليرة. وعندما تُسأل عن سبب عدم الالتزام بالسعر الرسمي، تقول: «الله يرحم»، في إشارة إلى أن السعر الرسمي لا يمكن التداول به.

لكن هل فعلاً يوجد أزمة غاز؟ تؤكد مصادر منشآت النفط أن المادة متوفرة في الأسواق، ومن مسؤولية وزارة الاقتصاد أن تراقب الأسعار وما إذا كانت الشركات تعمد إلى تخزين هذه المادة، وبالتالي تقنين بيعها، ربما للاستفادة من الأسعار التي تتجه صعوداً، ربطاً بالارتفاع المستمر لأسعار النفط، علماً بأن هذا الأمر يساهم في ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير. وعلى سبيل المثال، سعر الألف ليتر بنزين عيار ٩٥ واصل إلى مرفأ بيروت هو ٤٤٢ دولاراً حالياً، بعدما كان مع بداية العام ٣٧٠ دولاراً. هذا الارتفاع، جعل سعر صفيحة البنزين يرتفع خلال الفترة نفسها من ٢٦ ألف ليرة إلى ٣١٢٠٠ ليرة، وجعل سعر قارورة الغاز يرتفع من ٢٢٢٠٠ ليرة في بداية العام إلى ٢٤٤٠٠ ليرة (السعر الرسمي، لا السعر المعتمد من قبل المحتكرين).