Site icon IMLebanon

الموعد مع العتمة يقترب والدولة نائمة

 

الى التقنين القاسي دُر. فقد شهدت نهاية الأسبوع ارتفاعاً في ساعات التقنين في المناطق كافة بعدما أقدمت البواخر التركية في معملي الذوق والجية على وقف مولداتها لتبلغ ساعات انقطاع الكهرباء ما بين 18 الى 20 ساعة يومياً في بعض المناطق، أي بإضافة حوالى 4 ساعات تقنين عن جدول التغذية الذي كان معمولاً به سابقاً. ورغم ذلك فإن الأسوأ لم يأت بعد، إذ من المتوقع ان يتدرّج التقنين تباعاً نحو العتمة الشاملة في حال لم تجد مسألة سلفة الكهرباء طريقها للحل.

 

صحيح انّ اللبناني اعتاد العتمة واشتداد ساعات التقنين التي تعود لتنفرج بعد حوالى 10 الى 15 يوماً، الا ان الوضع هذه المرة يختلف. الاموال لشراء الفيول غير مؤمّنة والمازوت للمولدات الكهربائية الخاصة غير متوفر أيضا، يضاف اليهما إطفاء البواخر التركية لمولداتها وهي كانت تؤمّن نحو 370 ميغاوات من الكهرباء أي ما يعادل ربع الامدادات الحالية للبلاد.

 

بعدما كانت سلمت مؤسسة كهرباء لبنان جدولاً بمواقيت توقف معاملها تباعاً عن العمل تبدأ من معمل الذوق اعتبارا من غد الثلاثاء، بسبب نفاد الفيول، تأجّل ذلك حوالى 10 أيام بعدما افرغت باخرة حمولتها قبالة معمل الذوق مؤمّنة بذلك 200 ميغاوات. وعليه، من المتوقّع ان يتوقف معمل الذوق عن الانتاج في 28 الجاري، لِيَليه في 2 حزيران المقبل إطفاء معمل دير عمار ثم معمل الجية في 8 حزيران والزهراني في 13 منه.

 

يبدو جلياً ان الوضع يتجه نحو كارثة إنسانية واقتصادية محتومة، لكن الأسوأ ان الكل يعلم اننا امام مشكلة ويعلم بمواعيد إطفاء معامل الكهرباء تباعاً الا ان أي خلية عمل او أي استنفار لدى المعنيين لم ير النور بعد لتأمين البديل، خصوصاً انه بتوقّف باخرتَي «اورهان بيه» و«فاطمة غول» عن العمل تدنّى انتاج الطاقة الكهربائية من 1250 ميغاوات الى نحو 950 ميغاوات بما يؤمّن حوالى 4 ساعات تغذية يومياً.

 

في ظل هذا الواقع المأساوي يبدو ان الرهان الوحيد اليوم هو على أصحاب المولدات لتأمين النقص في التغذية، فهل في إمكانهم تأمين تغطية 24/24 عندما تطفأ المعامل بالكامل؟

 

يجزم رئيس تجمع أصحاب المولدات عبده سعادة لـ«لجمهورية» ان لا قدرة لأصحاب المولدات على تأمين الكهرباء 24/24، فنحن موجودون لتغطية عجز الدولة إنما لا يمكننا ان نحلّ مكانها عدا عن انه لا يمكن تقنياً لمولداتنا ان تعمل بشكل متواصل.

 

ويصف سعادة الوضع الراهن بالمذري، ويقول: نحن متجهون نحو الأسوأ فالأزمة ستتفاقم لأنّ الخطوة التي سَتلي وَقف عمل البواخر ستكون إطفاء معامل الكهرباء تباعاً، وعلى ما يبدو ان هذه الخطوة جدية هذه المرة والأمور تسير في اتجاه دراماتيكي على عكس المرات السابقة حيث كنا نراهن على حلحلة في اللحظات الأخيرة.

 

ولفت الى انه بعد توقف البواخر عن الإنتاج ارتفع عدد ساعات التقنين ما بين 4 الى 5 ساعات حتى بات يصل عدد ساعات تشغيل مولداتنا الى ما بين 18 الى 20 ساعة يومياً، ولا يمكننا تأمين المزيد.

 

وقال سعادة لمَن لا يكف عن السؤال عن ساعات التغذية التي يمكن لأصحاب المولدات تأمينها انهم لا يتمتعون بحس المسؤولية، وبسؤالهم هذا يحاولون تحميلنا مسؤولية تأمين التغذية، ولهؤلاء نقول: نحن نرفع عنا مسؤولية تأمين الكهرباء بشكل دائم لأن هذا الأمر من مسؤولية الدولة ناهيك عن الأوضاع السيئة التي تمر بها البلاد، ألم يفكر أحد من هؤلاء في مصير حياة حوالى 10 آلاف مريض في المستشفيات يحتاجون بشكل دائم الى الاوكسيجين، أكانوا مرضى كورونا ام يعانون امراضاً مزمنة او غير مزمنة. من المسؤول عن حياة هؤلاء المرضى؟ بالتأكيد ليس أصحاب المولدات.

 

وتابع: لقد اطفأت البواخر مولداتها، وهناك توجه لإطفاء معامل الكهرباء، فماذا فعلت السلطة إزاء ذلك؟ سألتنا عن عدد ساعات التغذية التي يمكننا تأمينها في حين أن المازوت غير مؤمّن، وإذا توفر يتم شراؤه من السوق السوداء، هذا من دون التطرق الى ارتفاع كلفة صيانة المولد التي تزداد كلما زادت ساعات التغذية.

 

أما عن التسعيرة المتوقعة اعتبارا من نهاية هذا الشهر، فيقول سعادة ان الكل يعلم ان التسعيرة تتحكم بها 3 عوامل: سعر صفيحة المازوت، سعر الدولار في السوق السوداء وعدد ساعات القطع.

 

إنسحاب البواخر

 

وكانت البواخر التركية قد أقدمت صباح الجمعة الفائت على وقف كافة المولدات العكسية لديها في معملي الذوق والجية، ما أدّى إلى انخفاض القدرات الإنتاجية الإجمالية المتوفرة على الشبكة الكهربائية اللبنانية بحوالى 240 ميغاواط. وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان انها عملت على تشغيل بعض المجموعات الإنتاجية في معملي المحركات العكسية في الذوق والجية ورفع قدرة معمل الذوق القديم ووضع مجموعة إنتاجية في معمل صور الحراري ما سيوفر 130 ميغاواط إضافية على الشبكة وذلك تعويضا عن جزء من النقص الحاصل جرّاء توقيف البواخر التركية لكافة مجموعاتها الإنتاجية».

 

أضافت المؤسسة أنها اضطرت إلى اتخاذ إجراءات إحترازية من خلال تخفيض قدراتها الإنتاجية في كافة معامل الإنتاج بما يتناسب مع مخزون المحروقات المتوفر لديها ومن أجل الحفاظ على التغذية الكهربائية لأطول فترة ممكنة، وذلك لحين البَت في موضوع الطعن المقدّم في القانون الرقم 215/ 2021 (قانون منح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 300 مليار ليرة لتأمين حاجتها من الفيول)».

 

«من جهتها عَزت شركة كارباورشيب التركية خطوتها هذه الى متأخرات السداد وبعد تهديد قانوني لمحطتيها في لبنان. وقد أبلغت الشركة الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي أنها ستضطر الى اتخاذ هذه الخطوة إذا لم تكن هناك تحركات للتوصل إلى تسوية».

 

وقالت الشركة في بيان إنها أغلقت التيار الكهربائي يوم الجمعة. وقال مصدر مطلع على الوضع إنّ الإجراء اتخذ نحو الساعة الثامنة صباحاً مع نفاد الوقود في المحطتين العائمتين. وأسِف الناطق الرسمي باسم الشركة لإطفاء مولدات بواخر الطاقة، مؤكدا أنّ الشركة بذلت قصارى جهدها لتفادي اتخاذ قرار مماثل. وقال: «لقد تعاملنا لمدة 18 شهرا بمرونة وليونة كليّتين مع الدولة اللبنانية، وواظبنا على توفير الطاقة من دون أن نتقاضى مستحقّاتنا ومن دون أي خطة للدّفع، وذلك لأن لبنان كان يمر بأوقات صعبة للغاية. إنما لا يمكن لأي شركة أن تعمل في بيئة كهذه، بيئة محفوفة بالمخاطر المباشرة وغير المبررة».