مدينة حسن كامل الصباح بلا كهرباء تواجه العتمة والتقنين
رايحين عالعتمة… والاشتراك عالتقنين… فكيف سيضوّي المواطن منزله، وما البدائل التي قد يعتمدها؟
منذ أسبوع تقريباً والمواطن يستعدّ للعتمة والتقنين، كثر أخرجوا قنديل “جدّي وستي” من مخبئه، وبدأوا البحث عن الكاز، بدوا كمن يستعيدون حياة “أيام زمان” بكل تفاصيلها، مع فارق بسيط، أن التكنولوجيا لم تكن حاضرة آنذاك، ولا حتى وسائل التواصل المهدّدة أيضا بالتقنين جراء توقف الانترنت لساعات بسبب أزمة الكهرباء. وكأنّ المواطن يدور في فلك الأزمات من دون حل، كُتب عليه دفع ثمن سرقة حكام البلد لخيراته، وحده حديث الناس “شو رح نعمل بالتقنين”؟
تنهمك مهى السيدة الخمسينية بتحضير قنديل الكاز، مرّ زمن طويل لم تستعمله، يعود هذا القنديل الى زمن والدها قبل خمسين عاماً وربمّا أكثر وِفق قولها، كانت تحتفظ به بين أغراضها القديمة، لم تكن تتوقّع يوماً أن تنفض الغبار عنه وتعيده للعمل، غير أنّ الأزمة الحالية فرضت ما لم يكن في الحسبان. ما يقلقها ليس تأمين القنديل بل تأمين الكاز، فهو غير متوفر، ما يتوفر لديها منه بالكاد يكفي ساعتين ليس أكثر، ومع ذلك ستبحث عن الكاز، لربما عثرت على كمية قليلة. تأسف للحال التي وصلنا اليها، “رجعونا للعصر الحجري، وقد يعيدوننا لعهد أقدم” وبحسابات السيدة فإنّ “الأزمة طويلة الأمد، والتقنين قد يدفع الناس لشراء الشمع الذي تحوّل بورصة، فكيس الشمع سجّل اليوم 20 الف ليرة وربما أكثر، بعدما كان ثمنه لا يتخطى الألفي ليرة لبنانية. كل تلك المعاناة تواجهها مهى كما غيرها. أبو علي ايضاً أعدّ العدّة لاستقبال العتمة، حضّر السراج والقنديل والشمع ولمبات تعمل على الطاقة الشمسية، منذ فترة وهو يستعدّ لهذا “اليوم المشؤوم” كما يصفه، يسخر من واقع الحال بقوله ” لوين بعد بدّن يوصّلونا، مشّونا على حدّ السكين”. يؤكد أبو علي أنه سيواجه العتمة والتقنين بالمقتنيات القديمة، وأنه أمّن كمية قليلة من الكاز غير أنه من الصعب تأمين المزيد، لهذا يشير الى أنه “وفّر مولّداً صغيراً يعمل على الطاقة الشمسية تفادياً لأي طارئ”. يرى أبو علي الرجل الستيني “أنّ العتمة سببها السياسة العامة للحكومات المتعاقبة طيلة السنوات الثلاثين الماضية، وأن سرقة المال العام أودت بنا الى نهاية قاتلة، هذا ناهيك عن غياب المشاريع الكهربائية العاملة على الطاقة الشمسية”.
اذاً، مدينة العالم الكهربائي الكبير حسن كامل الصباح ستواجه العتمة والتقنين ابتداء من الغد وستصبح بلا كهرباء، خمس ساعات تقنين للاشتراك الأكثر وجعاً للناس وتحديداً الفقراء ممّن يواجهون العتمة بالشمع والسراج، فيما البعض سيعتمد التقنين في الصرف كالاستغناء عن سخّان المياه والبراد والمكيف، على حدّ قول يوسف الذي أكد أنه منذ تفاقم الأزمة بدأ يستعدّ للأسوأ، فاقتنى “اللوكس” القديم الذي ساد زمن التسعينات من القرن الماضي وأضاف اليه سراجاً قديماً كان قد اشتراه من احد المتاحف قبل عام، ويرى “أننا دخلنا في جهنّم بشكل رسمي، فالتقنين سينعكس على كل حياتنا”، متسائلاً عن سبب صمت الناس وترك الزعماء يجرّونهم الى جهنم، وأكثر ما يزعجه “أنّ الجنوب غني بالمياه وهناك مشروع الليطاني لتوليد الطاقة الكهربائية غير أنه لم ينفّذ، واليوم نواجه العتمة فقط لأن اموال المشاريع كلها سرقت، وطلعت براسنا”.
بشكل رسمي ابتداء من الغد سندخل في تقنين قاس سواء لجهة الكهرباء او لجهة الاشتراك، وفيما العين على مولدات الكهرباء التابعة للمشافي يبقى السؤال هل ستضطر لاطفاء محركاتها بسبب فقدان المازوت وتضاف أزمة صحية جديدة، أم ستتحرّك الحكومة قبل فوات الاوان؟