IMLebanon

وتشبهوا

 

 

لفتني، امس، القرار الذي اتخذته ونفذته بلدية «القريات» في محافظة عكار، وحولته الى التنفيذ الفوري. وهو قرار جدير بتقدير المجلس البلدي عليه، قدر ما هو خليق أن يكون انموذجا يحتذى.

 

الخلاصة أن البلدية، في تلك القرية الشمالية النائية قررت مد ابنائها وسائر المقيمين فيها باشتراك مجاني في مولد التيار الكهربائي الذي تعود ملكيته الى البلدية المذكورة أعلاه.

 

هذا تصرف جليل ويستحق التنويه به، تحديدا في هذه الظروف  الاستثنائية، شديدة الضغط على كواهل اللبنانيين حيثما يتواجدون، لا فرق بين ساكن الريف أو قاطن المدينة، وبين ابن الشاطئ وابن الجبل.

 

ولقد حضرتني ذكريات زمن الطفولة عندما كنا نمضي أشهر الصيف الثلاثة في مسقط رأس المرحومة الوالدة، فتعرفنا الى واقع جميل جدا ومميز جدا وهو ما يطلقون عليه تسمية «العونة» ويتمثل في تضافر جهود اهل القرية، بجميع القادرين فيها، على المشاركة في صب الاسمنت  لسقف بيت جديد يبنيه أحدهم… فلا تمضي ساعات قليلة الا يكون العمل قد أنجز بسرعة قصوى. وطبعا تلك الجهود تكون من دون أي مقابل. وتنتهي بتبادل المصافحة والشكر والدعوة بالتوفيق.

 

صحيح ان ذلك الزمن قد انقضى الى غير رجعة منذ أمد بعيد جدا. وبالتالي انقضت معه العادات والتقاليد الجميلة، الى الكثير من مكارم الأخلاق والقيم الجليلة… ونحن لا نطالب بعودتها، فالزمن لا يعود الى الوراء، ولكننا لا نرى ضيرا من ان يقتدي بمولد بلدية القريات بعض من الذين يصح فيهم أنهم مافيا المولدات الذين حققوا طوال عقود أرباحا خرافية، ومع ذلك يتصرفون مع المشتركين بقساوة قياسية.

 

ونحن نعرف أن الكثير من المولدات تشرف عليها بلديات بصورة مباشرة او نفوذا (…)، وأن سواها يعود مردود كبير من أرباحه الى قيادات بعينها كما ينشر، على نطاق واسع، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، علما أن بعض مما ينشر يجافي الحقيقة…

 

في اي حال نحن نطلب رفق الناس ببعضها البعض بدلا من ان»يأكلوا» بعضهم بعضا… والأمثلة لا تتوقف عند المولدات انما هي تطاول مختلف نواحي الحياة في هذا المفصل الزمني اللبناني الخانق.