Site icon IMLebanon

كازينو الكهرباء

 

أصبح المسؤولون عن قطاع الكهرباء في لبنان، كالذين يذهبون إلى الكازينو ويمارسون لعب الميسر او “القمار” كما يعرف بالعامية، فيخسرون ما في جيوبهم، ومدخراتهم، ثم يبدأون بيع ممتلكاتهم إلى أن تنتهي بهم الحال مفلسين.

 

هؤلاء لا يرون الحل سوى بانفاق المزيد من الأموال الموجودة في مصرف لبنان، فهم اعتادوا على ذلك ولم يسألوا أنفسهم مرة، ماذا لو نضبت هذه الأموال؟ من أين سنأتي بغيرها؟

 

قد يكون وضع الكهرباء في لبنان فريداً من نوعه في العالم، فتخيلوا أن سلطة رسمية تدير هذا القطاع لا تقوم بأي محاولات جدية لإنقاذه بل تعمل على تنظيم وتعزيز كل ما يساهم في انهياره، فهذه السلطة استمرت بإنتاج الكهرباء بالوقود الأغلى ثمناً رغم أنها كانت تستطيع تشغيل أكبر معملين يعملان على المازوت وهما دير عمار والزهراني على الغاز ولكن ذلك لم يحصل، كما أن معملي صور وبعلبك يعملان على المازوت أيضاً وينتجان الكيلوات بأعلى سعر في العالم، هذا فضلاً عن أن استخدام الفيول أويل في المعامل الأخرى يشكل وصفة لتلوث الهواء.

 

هذه السلطة التي تدير هذا القطاع لم تتمكن من زيادة الانتاج او حتى الحفاظ على القدرة الإنتاجية للمعامل الموجودة لألف سبب وسبب، وأهمها أنها قررت الاستمرار ببيع الكيلووات بخسارة وبقي كلامها عن رفع التعرفة اسير المزايدات من هنا ومن هناك.

 

هذه السلطة لم تتمكّن من وقف الهدر التقني وغير التقني والتعديات وسرقة التيار الكهربائي، ولم تستطع أن تدافع عن جباتها الذين تعرّضوا لشتى أنواع التنكيل وحتى الخطف والقتل. هذه السلطة خضعت لكل ما طلبه أصحاب المولدات واباحت لهم الأرباح الكبيرة، فغدت هي المسؤولة عن تسعيرة كيلووات المولدات التي اكتوى المواطنون بنارها. هذه السلطة تحاول الاختباء وراء معارضة من هنا أو من هناك لصرف الأموال لتبرير عجزها، ولو عادت إلى الأرشيف سنوات إلى الوراء لوجدت كم مرة كان لبنان مهدّداً بالعتمة، وكانت السلفة المالية تتجاوز المليار دولار.

 

عدم توفر الكهرباء واحد من سياسات المتعاقبين على الحكم، وهو واحد من الوسائل كي يجني هؤلاء الأرباح من خلال كل ما له علاقة بتعثر هذا القطاع منذ أوائل التسعينات وحتى اليوم، هو دليل على الفشل الذريع لسياسات إدارة الدولة، فمن لا يستطيع تولي مسؤولية إنارة لمبة لن يستطيع تولي مسؤولية إنارة وإدارة بلد.