IMLebanon

الأميركيون “يستعجلون” الكهرباء… والتنفيذ “بيد” البنك الدولي

 

 

حين استعرض وزير الطاقة وليد فياض الاشكالية التي فرضتها هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل، بعد عرض مسودة الاتفاق المنوي توقيعه مع السلطات الأردنية والسورية لاستجرار الطاقة من الأردن، على السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، أبدت الأخيرة استغرابها بكون السلطات اللبنانية تتصرف على قاعدة أنها «ملكية أكثر من الملك»، ذلك لأنّ هيئة الاستشارات أصرّت على حصول لبنان على تطمينات رسمية من الجانب الأميركي تحول دون تعرّضه للعقوبات جرّاء قانون قيصر». ومع ذلك وعدت السفيرة الأميركية بتأمين رسالة تطمينية شبيهة بتلك التي أرسلت إلى السلطات الأردنية للمضي في الاتفاق الثلاثي.

 

وبالفعل، نقلت السفيرة الاميركية دورثي شيا الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كتاباً رسمياً خطياً من وزارة الخزانة الأميركية، «أجابت خلاله على بعض الهواجس التي كانت لدى السلطات اللبنانية في ما يتعلق باتفاقيات الطاقة الإقليمية، التي ساعدت الولايات المتحدة الأميركية في تسهيلها وتشجيعها بين لبنان والأردن ومصر».

 

بهذا المعنى، يقول الوزير فياض لـ»نداء الوطن» إنّ «العقد كما هو قائم، بأطرافه، وبآليات تمويله، لا يرتب أي تداعيات سلبية بفعل «قانون قيصر». كذلك لا يرى الأميركيون أنّ له تأثيرات سلبية، وهذا ما أكّدوه في الرسالة الخطية التي وضعت بناء على طلب الجانب اللبناني».

 

وتتطابق خطوة السفيرة الأميركية مع الأجواء التي نقلها وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الآتي حديثاً من العاصمة الأميركية حيث التقى عدداً من المسؤولين، عن حماسة الإدارة الأميركية لتسهيل وصول الكهرباء إلى لبنان سواء من خلال الكهرباء الأردنية أو الغاز المصري… فيما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتلقى من المسؤولين المصريين مزيداً من الوعود عن الرغبة في ضخّ الغاز المصري في وقت سريع.

 

نظرياً، اقتربت الأمور من الخواتيم السعيدة، ويفترض أن تبدأ مرحلة التنفيذ التي ستكون ملحة جداً، خصوصاً وأنّ مؤسسة كهرباء لبنان صرفت سلفة المئة مليون دولار التي أقرها مجلس النواب، وستتكل بدءاً من شهر شباط على الفيول العراقي الذي قد لا يكفي لاستقرار الشبكة ما قد يعرضها من جديد للسقوط… وبالتالي العتمة الشاملة.

 

أمّا التنفيذ، فمتوقّف على موافقة البنك الدولي الذي سيتولى التمويل، وهو بدوره يفرض سلسلة شروط، يريد من السلطات اللبنانية أن تضعها موضع التنفيذ قبل أن يعلن موافقته ويصرف الدفعة الأولى من القرض، حيث ستكون المدة الفاصلة بين الدفعة الأولى والدفعة الثانية (ستة أشهر)، بمثابة اختبار للسلطة اللبنانية للتأكد ما اذا كانت ستلتزم بما هو مطلوب منها.

 

في الواقع، فإنّ أبرز تلك الشروط هي: وضع آلية واضحة وشفافة لتسديد مؤسسة كهرباء لبنان مستحقاتها للمتعهدين ومقدمي الخدمات ولتسديد القرض. رفع تعرفة الكهرباء. تأليف الهيئة الناظمة. التدقيق في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان. تخفيض الهدر التقني وغير التقني وبالتالي تحسين الجباية.

 

وفق وزير الطاقة، فإنّ الرسالة الأميركية من شأنها أن تسرّع وتيرة وصول الكهرباء الأردنية من خلال توقيع العقد مع السلطات الأردنية والسورية، مشيراً إلى أنّ الأمر مماثل بالنسبة للغاز المصري حيث يفترض بالسلطات المصرية أن تتولى بعض الاجراءات التفصيلية النهائية مع السلطات الأميركية قبل تحديد موعد لتوقيع اتفاق مبدئي.

 

بالتوازي يؤكد فياض أنّ العمل جار مع البنك الدولي بعد وضع الإجراءات التي يطلبها على سكة التنفيذ، بينها تحديد اوليات الدفع من قبل مؤسسة كهرباء لبنان للمتعهدين والمشغلين والشركات حيث يتمّ العمل مع وزارة المال والمؤسسة ومصرف لبنان لوضع آلية شفافة وواضحة للدفع.

 

أما في ما خصّ التعرفة، فلفت إلى أنّه يتم العمل على وضع برنامج لها يسمح بتأمين خدمة أقل كلفة لكل اللبنانيين، مقارنة بالوضع القائم حيث يتكل المستهلكون على المولدات الخاصة أكثر من مؤسسة كهرباء لبنان، وتكون على أساس الشطور. وفي هذا السياق، تفيد المعلومات أنّ مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان اتخذ قراراً برفع التعرفة، ليكون بمثابة إشارة ايجابية أمام البنك الدولي بانتظار الانتهاء من الدراسة الموضوعة للنقاش، والغطاء السياسي الذي يسمح بفرض التعرفة الجديدة.

 

كما أشار فياض إلى أنّه يتمّ العمل على وضع برنامج لتخفيض الهدر التقني وغير التقني وهو يحتاج إلى مؤازرة القوى السياسية المعنية والأمنية.

 

ومع ذلك، فإنّ تحقيق شروط البنك الدولي دونه عقبات كثيرة لعل أهمها اهمال مطلب إنشاء الهيئة الناظمة كونها مرفوضة من جانب «التيار الوطني الحر»، كما أنّ تخفيض الهدر غير التقني يحتاج إلى غطاء سياسي من مختلف القوى السياسية وهو أمر صعب تحقيقه في هذه الظروف الاقتصادية – المالية الصعبة، فكيف الحال ابان الحملات الانتخابية؟! ما يعني أنّ امكانية تحقيق هذا الشرط شبه مستحيلة، ما قد يؤدي إلى وقف التمويل من البنك الدولي، أقله عند الدفعة الثانية، فتكون الدفعة الأولى بمثابة «مُسكّن» إلى حين حصول الانتخابات، ومن بعدها لكل حادث حديث.