أثبتت الحكومة أنها ضد الشعب، فمنذ تأليفها وضرائبها تتوالى كالصواعق. هبطت فواتير الاشتراك على الناس، فأقل فاتورة تبلغ مليوناً و350 ألف ليرة لبنانية، فواتير اشبه بحدّ سيف يذبح المواطن “عالسكين”، إذ بات مخيراً بين دفع فاتورة إشتراك، أو ملء خزان سيارته بالوقود، فالمعاش لا يتسع للاثنين معاً. أما الطعام، فالحكومة المصونة فرضت نظاماً غذائياً صارماً عليه، الا هو “ممنوع الاكل”، فهذا النظام الوحيد المطبق بحذافيره في الوطن. والاحزاب مع الاسف، بدلاً من وقوفها قرب المواطن، أمعنت في الصمت، بإستثناء الشجار السياسي “ما في اشطر منن فيه”، أما الظلم اللاحق به من سياسة الحكومة الضرائبية فلم يأت ذكره والاعتراض عليه على لسان احد، حتى المازوت الايراني الذي ظن الناس أنه سيخفف من كاهل الفواتير، اذ به يضاعفها، فأصحاب مولدات الكهرباء الذين استفادوا من المازوت الايراني فرضوا على الـ٣ أمبير مليوناً و350 ألف ليرة أي اكثر من معاش الموظف بحده الادنى، يعني إما يدفع الفاتورة ويبقى بلا طعام وبنزين، أو يقطع الاشتراك ويأتي بالبديل ليتمكن من تأمين الطعام لاولاده. خياران أحلاهما مرّ، وما يحيّر الناس: بماذا خدم المازوت الايراني الشعب؟ ولماذا لم تنخفض فواتير الاشتراكات طالما استفادت من سعره الارخص من سعر الدولة، وأين رقابة الجهة المسؤولة؟
لا يصدق ابو علي ان فاتورة منزله الكهربائية تخطت المليونين، يتحدث مع نفسه وكأن لعنة ما أصابته “من وين بدي جيب حتى أدفع”؟ المزارع الذي يعتمد على ما تجنيه ارضه ليعيش، بات محتماً عليه ان يزرع ليدفع فاتورة الاشتراك فقط، “كيف مناكل وشو مناكل، حدا سأل؟ حدا اهتم؟ شو بدا الدولة بعد؟ تجننا”؟
وإذا كان ابو علي قد جنّنته الفاتورة، فإن عبد شنّ هجوماً لاذعاً على اصحاب الاشتراكات الذين يتلاعبون بالعدّادات لرفع قيمة الفواتير، وعلى بلدية النبطية التي تفرض فواتير مرتفعة رغم استفادتها من المازوت الايراني، وعلى المازوت الايراني نفسه “شو عمل فرق”. وفق عبد “الكل تواطأ ضدنا، فاتورة المحل تخطت الـ3 ملايين ليرة وفاتورة المنزل مليونين ونصف المليون ليرة، والحبل على الجرار، هل تتم معاقبة الناس؟ وزير الطاقة اكثر تواطؤاً ضد الناس، هذه حكومة هتك كرامات الناس لا حكومة انقاذ، يتم تجويعنا، فإما نختار الاشتراك او الطعام، ولا ننسى فواتير الغاز والمازوت والاكل والهاتف ونقل الطلاب الى المدارس و. و… يعني نحن محاصرون فعلياً، بل نحن في جهنم، والاحزاب رمتنا أكثر في الناس، فأين هي مما نعانيه، لا دور لها، وربما تطلق البطاقة التمويلية اليوم كرشوة انتخابية لا اكثر وماذا عنا”؟
شكلت فواتير جهنم الكهربائية صدمة كبرى، وقد تدفع بأصحاب المحال الى رفع الاسعار مضاعفة بحجة ان الاشتراك غال، وهذا ما سيفعله محسن صاحب محل “كريب وكوكتيل” مؤكداً أنه سيضطر على مضض لرفع اسعاره ابتداء من الغد، ففاتورة الاشتراك تخطت الـ9 ملايين ليرة فكيف سيغطي التكلفة، “فإما ارفع الاسعار او اقفل المصلحة”.
كل يغني على ليلاه، والفواتير تغنّي على ليل العتمة المنتظرة، هذه المرة بإرادة الناس أنفسهم، ممن قد يخطون خطوة الانتقال من نظام الاشتراك الى نظام ups الذي كان سائدا قبل عهد الاشتراك، كنوع من ردة فعل على “المجزرة”، ولم يعد أمامهم خيارات سوى القطع فهل يفعلونها لمعاقبة جشع المحتكرين، ام يستمرون في مسلسل ذلّهم؟