IMLebanon

سلفة كهرباء

 

 

بالأمس قيل للبنانيّين إنّه تم التباحث في جلسة مجلس الوزراء الأولى عمليّاً في إمكانيّة الحصول على سلفة 200 مليون دولار لشركة الكهرباء لتأمين الفيول، في وقت أعلن فيه عن وصول الشحنة الثانية من الفيول العراقي مع شحنة أولى وصلت الأسبوع الماضي، ولم يطرأ أيّ تغيير على وضع تزويد اللبنانيّين بالطاقة. ومع هذا تم تحميل المواطن اللبناني زيادة سعر الكهرباء من دون أدنى بحث في تصحيح أجر هذا المواطن!

 

لا يوجد دولة في العالم تأخذ من شعبها ولا تعطيه كلبنان، هذه مأساة متكرّرة، يدفع المواطن في بلاد العالم الضرائب ويأخذ مقابلها تعليماً مجانياً وطبابة مجانيّة وأشياء أخرى كثيرة. في لبنان ندفع ولا نأخذ شيئاً، مشهد سياسي لئيم يكاد يُطابق حالنا في التضجّر حال أبي الطيّب المتنبي في ذمّ واقعٍ حاصر “طموحه” العنجهيّ هو الآخر: “أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ/ فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ/ وأكرَمُهُمْ كَلْبٌ وأبصرُهُمْ عَمٍ/وأسهَدُهُمْ فَهدٌ وأشجَعُهم قِرْدُ”، يعيش وضعاً أكثر ارتباكاً وضياعاً من زمن الحرب الأهليّة، على الأقل خلال سنوات الحرب كنّا نعرف أنّنا في حرب، اليوم نعيش ما هو أسوأ من الحرب بكثير، لقد بلغ مستوى القرف عند اللبنانيين من دولتهم “المنتنة” مبلغاً غير مسبوق لم يبلغوه حتّى في عزّ الحرب الأهليّة، نفد وقت الفرص والتجريب وتوزيع الوهم على الشعب اللبناني، ومع هذا لا يريد أحد أن يتصرّف على قدر هذه المسؤوليّة.. نحن أمام دولة ميتة، جثّة تتحلّق حولها الدّول وتقلّبها لتتأكد علّ هذه الدّولة تحسّ شيئاً وتستيقظ من رقدة العدم، ولكن عبثاً تحاول هذه الدول، والمجنون فيهم من لا يزال يصرّ على المحاولة، من المؤسف أنّه لا بدّ لنا من القول إنّ الذين يديرون أمور اللبنانيين “مافيا” مدرّبة على نهب ثروات الشعب، ولن تغادر هذه الطبقة السياسيّة الحكم إلا بعد إفلاس البلد وانهياره التامّ، والحقّ يقال أنّه لا حلّ ولا أمل للبنان إلا بالإنهيار!

 

نظرة واحدة على طريقة تشكيل فريق يضم مستشارين ليقوم بمهمة مفاوضة صندوق النّقد الدّولي يجعلنا نتساءل: أيّ مجتمع دولي لا يزال عنده قابليّة تصديق المسؤولين اللبنانيين؟ وأي مجتمع دولي لا يزال يعطي كلام المسؤولين اللبنانيّين اعتباراً فيما هم يخدعون أنفسهم أولاً وشعبهم ثانياً ودول العالم ثالثاً، عملياً نحن عاجزون عن إنقاذ أنفسنا، هذه المنظومة لا تجيد إلا فنّ الكذب، والكذب على النّفس شأن شخصي لسياسيّين اعتادوا على خداع أنفسهم ودأبهم عدم الاكتراث أو احترام الشعب اللبناني الذي يأتي في أدنى سلّم اهتماماتهم، وبإصرارهم على الكذب على ما تبقّى من دول صديقة تحاول إنقاذ لبنان وإنقاذ شعبه.. الكهرباء البند الأوّل الذي يطالب العالم الدولة اللبنانيّة بإصلاحه، بعد أول اجتماع عقدته آخر حكومات لبنان أثبتت أنّها حكومة فاشلة وأنّها “ما فرقت” أبداً من حسّان دياب إلى نجيب ميقاتي “يا قلبي لا تحزن”!