Site icon IMLebanon

الأزمات تكشف هشاشة ممارسات السلطة وأداءها

 

حلول ترقيعية لأزمة الكهرباء وجلسة مجلس الوزراء

 

 

مرة جديدة تُثبت الطبقة السياسية الحاكمة ان انهيار البلد بمؤسساته واقتصاده وناسه «آخر همّها»، فبقيت تتسلّى بتسجيل النقاط على بعضها ومن يلوي ذراع الخصم ويمنعه من تحقيق مطلبه السياسي أو اقتراحه حول موضوع وقضية ما، و«الشاطر بشطارته». لذلك بقي انتخاب رئيس للجمهورية معلقاً على حبائل أهواء السياسيين، وبقيت الحكومة في العناية الفائقة، تحتاج كل مرة الى جرعة حياة قبل أن تنفجر وتموت. وبقي الاقتصاد رهينة مطامع الممسكين به.

جلسة الخميس المقبل لإنتخاب رئيس للجمهورية ما زالت ضمن الحسابات السياسية ذاتها منذ ما قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون وما بعدها، وكل القوى السياسية تقول ان حل الأزمة يبدأ بإنتخاب رئيس لكنها تحجم عن انتخابه لتبقى الأزمة قائمة، ويبقى وضع البلاد في دائرة الخطر الكبير والانهيار المتسارع، بينما تتفرع أزمات صغيرة هنا وهناك، وآخرها أزمة الجسم القضائي المنقسم على ذاته نتيجة الانقسام السياسي الأكبر، فيصبح مثلا توقيف ناشط أهلي مثل وليام نون – بغض النظر عن الموقف من صحة التوقيف – قضية سياسية وطائفية تهتز لها البلاد ويتوتر لأجلها العباد، وتُستعاد لغة التهديد والوعيد لدى الرؤوس الحامية المتعصبة والمتطرفة، وكأنها المدخل للحل أو الطريقة المثلى لتحقيق العدالة لضحايا كارثة انفجار مرفأ بيروت.

آخر بِدع محاولات إحياء عمل الحكومة الترقيعي، الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء لبت موضوع سلفة الـ«فيول اويل» لزوم تشغيل معامل الكهرباء، وموضوع الاتفاقية مع العراق لبيع زيت المحروقات، وكأن الحكومة استفاقت على المشكلة مؤخراً مع ان موضوع بواخر الفيول مُثار من أشهر، والكل كان في جو ان الفيول سينفذ من المعامل وسيدخل لبنان مرة جديدة في العتمة الشاملة نتيجة توقف معامل انتاج الكهرباء، ولم يُحرّك أحد ساكناً لتلافي المشكلة مسبقاً، الى ان «وقع الفاس في الراس» وبات كل طرف يرمي سبب الأزمة على غيره… بينما الناس على العتمة.

هذه أمثلة حيّة يومية على ركاكة وهشاشة وضع البلد بعد انهيار مؤسساته بأيدي المفترض انهم يسهرون على حمايتها وتطويرها وتفعيل عملها الانتاجي لتواكب الأزمات وتجترح الحلول لها. والأنكى ان السلطة التنفيذية غائبة عن المعالجات الجذرية وتكتفي «بترقيع» الثوب البالي الذي يغطي ممارساتها، فتسحب يدها مثلاً من غلاء الأسعار وسرقة قوت الناس وأموالهم ومعالجة مرضاهم وتعليم أبنائهم، وهي قضايا أساسية تحمي المجتمع من التفكك والانهيار.

والآن يجري الحديث عن حل شامل لمسألة دفع ثمن بواخر الفيول يقوم على اعداد وزير الطاقة وليد فياض عدة مراسيم دفعة واحدة تتضمن كل السلف المطلوبة لشراء كامل كمية الفيول، وترسل الى رئاسةالوزراء لتقرير الموقف، لكن فياض لم ينته بعد من اعداد هذه المراسيم وقد ينجزها ويرسلها اليوم، ليقرر رئيس الحكومة الموقف بشأنها وبشأن الدعوة الى عقد جلسة مجلس الوزراء.

ولكن هذا الإجراء يبدو من ضمن حلول الترقيع غير الجذرية، لأن المشكلة ستتكرر الشهر المقبل أو الذي يليه ونقع مجدداً في محظور العتمة، ما لم يتم إيجاد حل شامل متكامل لأزمة الفيول خاصة بعدما بدأت مؤسسة الكهرباء تسجيل الفواتير على السعر الجديد المرتفع الذي يؤمن لها اعتباراً من شهر شباط المقبل مردوداً مالياً كبيراً من شأنه المساهمة الى حد كبير في سداد مترتبات ثمن الفيول تدريجياً، الى حين إيجاد طرق مستدامة لتوفير الفيول بشكل دائم غير منقطع، سواء من العراق أو الكويت أو الجزائر كما وعد وزير الطاقة. ولعل الاتفاق المرتقب على تمرير مراسيم الكهرباء يكون فاتحة تحسين وتطوير أداء الحكومة لوضع خطوات خروج لبنان من العتمة على طريق النور.