Site icon IMLebanon

العتمة تلفّ قرى النبطية… “لاحقينا ع آخر نفس”

 

دخلت العتمة على خط الازمات، معظم إشتراكات الكهرباء في القرى إتخذت قرار التقنين بعد نفاد مادة المازوت من خزاناتها، وصعوبة إيجاده بالسعر الرسمي، وتوفره بكثافة في السوق السوداء، ما يطرح جملة تساؤلات: كيف يتوفر المازوت في السوق السوداء ويختفي من المحطات؟ ومن يتواطأ مع من ولصالح من؟ وفق صاحب احدى المحطات فإن صهريج المازوت حين يبيعه لتاجر سوق سوداء فإنه يبيع معه 15 مليون ليرة، في حين لا يتجاوز ربحه داخل المحطة 600 الف ليرة لبنانية.

 

وفيما يحقّق التجار ارباحاً، “طالعة براس المعتر” الذي يواجه عتمة حتمية فرضت عليه فرضاً، ما إضطرّه للعودة الى نظام الشمعة لعدة ساعات من ليله ونهاره، هذا عدا عن اعلان عدة اشتراكات خروجها من الخدمة، وآخرين يلوحون برفع الاسعار، نظراً الى ارتفاع سعر التنكة داخل السوق السوداء.

 

كل ذلك يحصل ولم يخرج أحد للاعتراض، باستثناء عدد من شبان بلدة زفتا الذين قطعوا الطريق بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على تقنين الاشتراك وتردّي الاوضاع المعيشية. تحرك سرعان ما جرت لملمته لتعود الحياة الى طبيعتها، فيما بقيت العتمة والتقنين سيدا الساحة في مختلف قرى النبطية، من زفتا الى حبوش مروراً بالدوير وتول وباقي القرى. فكيف سيواجه الناس خطر العتمة، وماذا عن اصحاب المصالح التي تحتاج الى برادات وكهرباء؟

 

لا يتردّد أحمد بالقول “لاحقينّا ع آخر نفس”، احمد الذي يملك محل بوظة ومثلجات بات رهينة التقنين، ويوشك عمله أن يلحقه الضرر الكبير نتيجة ازدواجية التقنين القاسية السائدة حالياً. بحسبه، فإن صاحب الاشتراك ابلغهم أنه مضطر لرفع ساعات التقنين لتخفيف الضغط عن المولدات من ناحية، ولترشيد استخدام المازوت الذي بات من الصعب تأمينه، ويرى بالامر “كارثة اقتصادية مضاعفة، اذ لا تكفيهم الفاتورة المرتفعة للاشتراك الا وأضيف اليها تقنين يترتب عليه خسائر وتلف في البضاعة، فمن يعوِّض؟ يسأل احمد وهو منشغل في البحث عن حل اضافي لأزمته، قد يضطر لشراء مولد صغير غير أنه قد يعدل لان السعر بالدولار”.

 

ليست البوظة فقط في خطر، ايضاً الملاحم ومحال بيع الدواجن والاجبان، ما يعني أن التقنين يهدّد الامن الغذائي سيما وأنه يتجاوز الست ساعات يومياً، وهو ما دفع بهادي لاقفال دكانه وتحديد ساعات العمل بتوقيت عودة الاشتراك والتيار الكهربائي. بحسبه فإنه تكبّد خسائر كبيرة نتيجة التقنين، وأدى الى تلف بضاعة تقدر بعشرة ملايين ليرة نتيجة اضطراب التيار الكهربائي، وبأسف يقول: “يحاربوننا اليوم في آخر ورقة بيدنا لقمة عيشنا”.

 

لفت العتمة بالامس تول وحبوش وغيرها، علت صرخات الاهالي “وين الاشتراك، ليش مقطوع”؟، فيما الجواب حاضر “خلص المازوت، اذا تأمن مازوت مندوّر، اذا لا، نعتذر لمزيد من التقنين”. وحده المواطن يلعق سمّ التجاذبات الحاصلة، ووحده السؤال: اين يذهب المازوت؟ يشغل بال الجميع، وفق أحدهم فإن أحد أصحاب الاشتراكات يشتري المازوت مباشرة من مصفاة الزهراني وبحدود الـ4000 ليتر سوق سوداء، في حين حصل على مازوت من البلدية لوقف التقنين، بالرغم من أن المازوت مخصص للآبار، ومع ذلك بقي التقنين شغّالاً بالرغم من أنه رفع من فاتورته الشهرية، والخوف من ارتفاع اضافي يضطر المواطن على مضض لالغاء الاشتراك والعودة الى اللوكس.

 

شحّ في المياه

 

إنقطاع المازوت انعكس على المياه التي شهدت انقطاعاً وازمة حادة في القرى وصلت على اثرها سعر النقلة الى الـ150 الف ليرة في سابقة لم تشهدها القرى، ووجد عدد من الاهالي صعوبة في شرائها فيما واجه أصحاب الصهاريج صعوبة في الحصول على المياه من الآبار، نتيجة التهافت الكبير ووقوفهم بالطابور لملء الصهريح ونقله الى المنازل، ما يعني أننا أمام أزمة مياه قاسية جداً سيحتاج الحصول على المياه ربما أياماً، اذا لم يشهد السوق المحلي انفراجاً في ازمة المازوت وتوقيف السوق السوداء عند حدّه.. والى حينه فالعتمة وشحّ المياه يهدّدان عيشة الناس ممن باتوا في قلب الجحيم الأسود..