Site icon IMLebanon

من التقنين القاسي الى العتمة الشاملة… كهرباء لبنان الى الإنطفاء

 

إنتهت أموال سلفة الـ200 مليون دولار التي سبق وأُعطيت الى مؤسسة كهرباء لبنان، والتي كان من المتوقع ان تنتهي قبل هذا الوقت، لولا اعتماد خطة تقضي بخفض التغذية لتدوم فترة أطول. البواخر التركية تستعد للرحيل، المعامل تُطفأ تباعاً، وحدهما معملا الزهراني ودير عمار في الخدمة، لاعتمادهما على النفط العراقي.

 

حاولت مؤسسة كهرباء لبنان تمديد فترة الاستفادة من السلفة التي أُعطيت لها قدر الإمكان، من خلال خفض ساعات التغذية لزوم استمرارية عمل المؤسسة أطول فترة ممكنة. الّا انّ الأموال انتهت وبدأت المعامل بالإطفاء الواحد تلو الآخر.

 

فاعتباراً من شهر آب الماضي، خفّضت المؤسسة الإنتاج الى 800 ميغاوات ثم الى 700 ميغاوات، وفي الشهر الحالي تراجع الإنتاج الى 600 ميغاوات، وحالياً الى ما بين 540 و 550 ميغاوات، وهي الحدود الدنيا التي يمكن على أساسها تشغيل المعامل، رغم ما يترتب عن ذلك من مخاطر تتمثل بانفصال الكهرباء عن الشبكة والتعتيم الشامل الذي تكرّر مراراً في الفترة الأخيرة.

 

قبل وصول أوضاع الكهرباء الى هذا الدرك، سبق للمؤسسة ان نبّهت منذ اشهر الى خطورة الأوضاع، وحذّرت من تراجع التغذية الى حدودها القصوى، مع ما يعنيه ذلك من توقف المعامل عن العمل والتعتيم الشامل. كما سبق لها ان أرسلت كتباً الى المعنيين، وأصدرت بيانات عدة تشرح خطورة الواقع، الّا انّ أحداً لم يحرّك ساكناً حتى وصلنا الى ما نحن عليه.

 

وتحدثت مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ»الجمهورية»، عن انّها مسألة ساعات وينطفئ معمل الذوق، مع انتهاء الكميات الأخيرة من الفيول المتوفرة، لينضمّ الى معمل الجية القديم المطفأ منذ نحو الأسبوع، ما من شأنه ان يخفّض التغذية الى ما دون 500 ميغاوات. يبقى الاتكال اليوم على معملي دير عمار والزهراني، اللذين يواصلان الإنتاج بسبب تزويدهما بالنفط العراقي الذي حال دون التعتيم الشامل، مع العلم انّ حمولة الباخرة التي أُفرغت في معملي الزهراني ودير عمار لا تشكّل أكثر من 25% من حاجة لبنان للتغذية، الّا انّ التحدّي الأبرز اليوم هو في إبقاء الشبكة مستقرة. فإنتاج 500 ميغاوات يحول دون استدامة انتاج المعامل، وعليه لا يمكن المراهنة على شيء، لأنّ الشبكة معرّضة في أي لحظة لأن تصبح خارج الخدمة، وبالتالي يجب تأمين حاجات لبنان من التغذية من مصادر أخرى.

 

ورأت المصادر، انّ المشكلة تكمن خصوصاً في رفض مصرف لبنان فتح اعتمادات لصالح المؤسسة لشراء الفيول، وتشبثه بموقفه هذا يعني توقف المؤسسة عن العمل.

 

وجزمت المصادر، انّ المؤسسة لا تحتاج الى سلفة ولا تطالب بها، فهي تملك في حساباتها 150 مليار ليرة تكفي لشراء 5 بواخر فيول ومازوت لصالحها، ما من شأنه ان يخلق انفراجاً في ازمة الكهرباء. وكل ما تطالب به ان يحوّل لها مصرف لبنان هذه الأموال الى دولارات وفق سعر الصرف الرسمي، لتتمكن من شراء حاجتها من الفيول. لافتة الى انّ مؤسسة كهرباء لبنان قطاع عام ولا يمكنه ان يشتري الدولارات من السوق كالقطاع الخاص. وتساءلت المصادر، هل يُعقل ان يوافق مصرف لبنان على إعطاء 225 مليون دولار لفتح اعتمادات بواخر للبنزين تدوم 15 يوماً، ويرفض تحويل أموال المؤسسة لشراء فيول وإنارة كل لبنان، ما من شأنه تقليص الطلب على المازوت للمولدات؟ هل يُعقل إعطاء 708 ملايين دولار لزوم شراء البنزين والمازوت للمولّدات لتأمين الإضاءة والاكتفاء فقط بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان 87 مليون دولار، فهل يُعقل فتح اعتمادات للمحروقات لشراء بنزين ومازوت أكثر من حاجة المؤسسة بـ7 مرات ليُصرف بفترة شهر؟

 

ورداً على سؤال، اشارت المصادر الى انّ المقترحات المتداولة لتحسين تغذية الكهرباء، مثل استجرار الغاز من مصر ليس بقريب، ويحتاج الى اشهر ليجهز، وحتى لو بدأ فالأزمة لن تنفرج لأنّ الاستجرار سيكون لمعمل دير عمار فقط لتأمين حوالى 450 ميغاوات، بينما حاجة لبنان هي 3000 ميغاوات، وعليه فإنّ لا حلول مستدامة دون توفير الأموال لتغذية بقية المعامل، حتى يشعر المواطنون بتحسن في التغذية. ودعت المصادر الدولة لأن تحدّد الكمية التي تريد لمؤسسة كهرباء ان تنتجها، على ان يتأمّن لهذا القرار العملات الصعبة المطلوبة للصيانات والمواد الاستهلاكية والكيماوية، الى جانب تأمين الفيول والمازوت والغاز لتشغيل المعامل.