لم تكتمل فرحة اللبنانيين بوصول أول شحنة من المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، بموجب اتفاقيّة التبادل مع الدولة العراقية، فتأملوا خيراً بامكانية ابتعاد شبح العتمة الشاملة، حتى سارعت مؤسسة كهرباء لبنان إلى التنبيه من دخولنا مدار الظلام خلال الأيام القليلة المقبلة، كون الكميات المستوردة من الاتفاق مع العراق، لا تكفي لتأمين ثبات واستقرار شبكة الكهرباء… ما قد يعرّضها للسقوط التام!
وقد أعلنت المؤسسة في بيان لها، وكما كل البيانات السابقة من دون العودة إلى مجلس إدارة المؤسسة، أنّ “خزينها المتبقّي من المحروقات الّذي كان مؤمّناً بموجب السلفة المعطاة لها بموجب القانون رقم 215 تاريخ 08/04/2021، لا سيّما لمادّتَي الفيول أويل (Grade A) و(Grade B) منه، قد تدنّى بشكل حادّ جدّاً، بحيث أنّه قد نفد بالكامل في كلّ من معمل الجية الحراري والباخرتين المنتجتَين للطاقة “فاطمة غول” و”أورهان باي”، ممّا أدّى إلى توقّفها قسريّاً عن إنتاج الطاقة، وقد شارف على النفاد من جهة أخرى في كلّ من معمل الذوق الحراري وكليّاً في معملَي المحرّكات العكسيّة في الذوق والجية، إلّا لمحرّك واحد في كلّ منهما؛ الأمر الّذي سيؤدّي أيضاً إلى توقّفها قسريّاً عن إنتاج الطاقة”.
وفق بيان المؤسسة، فإنّ الكمية المستوردة جراء الاتفاق العراقي تساهم في انتاج حوالى 500 ميغاواط كحدّ أقصى، فيما الشبكة تحتاج بالحدّ الأدنى لحوالى 700 إلى 800 ميغاواط من الانتاج لكي تحافظ على ثباتها، ولهذا تعرضت الشبكة الكهربائية خلال الأسبوعين الأخيرين لـ”ما يزيد عن سبعة انقطاعات عامّة على كامل الأراضي اللبنانية”.
وبهذا المعنى تلمّح مؤسسة كهرباء لبنان إلى حاجتها إلى سلفة خزينة كالتي أقرّها مجلس النواب بموجب القانون رقم 215 كي تستطيع تأمين التيار الكهربائي، وإلا فإنّه الظلام، وفق تحذير المؤسسة. وفعلياً، فقد شهد مجلس الإدارة في جلسته الأخيرة نقاشاً حامياً بين أعضائه على خلفية طلب العضوين العونيين سلفة خزينة، وقد سقط الطلب في حينه لعدم توفر أكثرية مؤيدة، كذلك وقف رئيس مجلس الإدارة كمال الحايك على الحياد رافضاً حسم الجدل بين طلب السلفة ورفضها… مع العلم أنّ بعض العاملين في هذا القطاع يؤكدون أنّ المعامل المائية (مصلحة الليطاني، البارد…) قادرة على تأمين حوالى 200 ميغاواط (وفق الموقع الالكتروني للمؤسسة)، ما يعني بالإجمال حوالى 700 ميغاواط وهي كافية بنظر هؤلاء لتأمين استقرار الشبكة. إلّا أنّ ثمة فريقاً سياسياً، وهو “التيار الوطني الحرّ” يسعى ضاغطاً للحصول على هذه السلفة، لأسباب غير مبررة، إلا الحاجة إلى “اطفاء” ملف الكهرباء وتبريده طوال الفترة التي تسبق موعد الانتخابات النيابية… ومن بعدها لكل حادث حديث.
وبالفعل، ها هي المؤسسة من جديد تحذّر من وقوع الشبكة بالكامل، وتطالب من دون أن تقولها، بسلفة خزينة جديدة كي تتمكن من تأمين التيار الكهربائي. ولكن السؤال حول الجهة التي ستتقدم رسمياً بهذا الطلب لا يزال بلا إجابة، ذلك لأنّ “تكتل لبنان القوي” هو من تقدم بطلب السلفة في المرة الأخيرة، فيما يبدو أنّ ملف الكهرباء برمته سيكون على طاولة مجلس الوزراء قريباً.
اذ أنّ العقد الموقع مع شركة “كارباور شيب” التركية ينتهي خلال أيام قليلة، وتحديداً نهاية أيلول الحالي فيما مستحقات الدولة اللبنانية للشركة باتت تتخطى الـ200 مليون دولار فيما يبدو صمت الشركة عن حقوقها المالية مريباً. كما أنّ مغادرة الباخرتين الشواطئ اللبنانية ستزيد من الحمل الملقى على معامل الانتاج. ولهذا ثمة من يهمس في الاجتماعات المغلقة عن حاجة لبنان الماسة للبواخر العائمة خصوصاً اذا وصل الغاز المصري إلى دير عمار عندها يمكن للباخرتين أو احداهما أن تستفيد من هذا الغاز لتوفير استخدام الفيول.
وبهذا المعنى من المتوقع ألا يتأخر مجلس الوزراء في اثارة ملف الكهرباء فيما يتردد أنّ الاتفاق الحكومي الذي جمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لم يوفّر ملف الكهرباء من مضامينه التفاهمية.