لم يخصّص الجانب العراقي حتى الساعة اي حصة من الغاز اويل للبنان عن شهر آب، والكهرباء المقنّنة قسراً تستهلك راهناً من الحصة التي خُصّصت لشهر تموز، والتي لم تتجاوز الـ 28 الف طن متري، وتنتهي في غضون اسبوعين كحدٍ أقصى. وبما انّها مصدر الكهرباء الوحيد للبنان، فهذا يعني انّ العدّ العكسي للعتمة الشاملة بدأ.
ينصّ العقد الموقّع بين كل من لبنان والعراق، على تزويد الجانب العراقي لبنان بمليون طن من الغاز اويل على مدى عام كامل يبدأ في ايلول 2021 وينتهي في ايلول المقبل، الّا انّ الجانب العراقي لم يلتزم تجاه لبنان بالكمية المخصّصة له، إذ لا يزال لدينا في حوزته نحو 185 الف طن متري أتت نتيجة الخفض التدريجي لحصة لبنان الشهرية من قِبل الجانب العراقي.
في هذا الوقت، كانت السلطات اللبنانية تظنّ انّ الدولة لا تزال تمتلك حصة من المليون طن المخصّصة لها تكفيها، مع التدابير الاحترازية القاسية والحازمة التي تتخذها مؤسسة كهرباء، لشهرين ونصف إضافيين، أي بدل ان تنتهي الحصة المتفق عليها في آب، يجب ان تمتد حتى منتصف تشرين الثاني، الّا انّ الجانب العراقي أعلم لبنان عن توقفه عن مدّ لبنان بالغاز اويل، مبرّراً ذلك بارتفاع اسعار النفط عالمياً، لتتخطّى الميزانية التي كانت مخصّصة للبنان، رافضاً استكمال السير بالاتفاقية الموقّعة بين الجانبين.
وفي السياق، تؤكّد مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ الوضع الكهربائي دقيق جداً اكثر من أي وقت مضى. فكمية الغاز اويل المتوفرة بالكاد تكفي حتى 25 الجاري في حال تمّ تشغيل معمل واحد، اما في حال تمّّ تشغيل المعملين، اي الزهراني ودير عمار، فبالكاد تكفي حتى 12 آب، لذا اختارت المؤسسة تشغيل معمل واحد، فأوقفت في 3 آب الماضي قسرياً إنتاج معمل الزهراني وأبقت على انتاج معمل دير عمار إلى حين نفاد مخزونه، والمتوقّع في 12 آب الجاري، على ان يُعاد وضع معمل الزهراني في الخدمة مجدّداً من تاريخ 12 آب، بما سيسمح بالاستمرار في انتاج الطاقة الكهربائية لغاية تاريخ 25/08/2022 حداً أقصى، وبعدها تدخل البلاد العتمة الشاملة، في حال لم يتمّ توريد أي شحنة غاز اويل لمصلحة المؤسسة خلال شهر آب، الامر الذي يبدو غير وارد حتى الساعة.
وكشفت المصادر، انّ وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض، يجري مباحثات مع الجانب العراقي في هذا الخصوص. وتنقل عنه تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق يقضي باستلام لبنان كامل الحصة المتبقية له من اتفاقية التبادل عن شهري آب وايلول، مؤكّدة انّ من غير المرتقب حتى الساعة وصول أي شحنة محروقات مخصصة لمؤسسة كهرباء لبنان خلال شهر آب، بما يعني انّ العتمة الشاملة حتمية.
وأكّدت المصادر، انّه يتمّ حالياً انتاج 170 ميغاوات من اصل 3500 ميغاوات حاجة لبنان الحقيقية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن برنامج تقنين معتمد للمنازل، لأنّ الاولوية معطاة اليوم للمرفأ والمطار ومحطات ضخ المياه، وسجن رومية، والجامعة اللبنانية والمرافق الاساسية في الدولة، على ان يتمّ توزيع ما تبقّى على المناطق. ورأت المصادر، انّ المؤسسة مجبرة على اعتماد هذا التقنين القاسي كي تتمكن من الصمود حتى 25 الجاري، محذّرة من انّه بعد هذا التاريخ ستتوقف كل مرافق الدولة. وأكّدت انّ إدارة مؤسسة كهرباء لبنان سبق وأبلغت في كتاب مجلس الوزراء بهذا الواقع، وإزاء ذلك عاد لبنان ليتواصل مع الجانب العراقي بهدف تأمين باقي حصة لبنان من الفيول.
وعن قدرة المحطات الكهرومائية على تأمين حدّ ادنى من التغذية، قالت المصادر، انّ محطة الليطاني بالكاد تؤمّن نحو 70 ميغاوات، ولا علاقة لمؤسسة كهرباء لبنان بها. شارحة انّ المحطة تخالف القوانين، فبدل ان تشرك انتاجها مع مؤسسة كهرباء لبنان، لتوزعها هذه الاخيرة توزيعاً عادلاً على كل لبنان، تنفرد المصلحة بالاستفادة من الكمية المنتجة وتوزعها على منطقة الليطاني وجوارها لتنعم بالكهرباء 24/24، علماً انّ المؤسسة تدفع لها ثمن كل كيلوات/ ساعة تنتجه، وبالتالي لا يمكن الاتكال عليها لتأمين الكهرباء لمرافق الدولة الأساسية مثل المطار والمرفأ والصرف الصحي….
وأثنت المصادر على الدور الحيوي الذي لعبته مؤسسة كهرباء لبنان خلال الفترة الماضية. فلولا هذا التقنين القاسي التي أُرغمت على اتخاذه لكانت سقطت الدولة بكل اجهزتها منذ زمن، الّا انّها تمكّنت بالكميات المحدودة جداً من الاستمرار بتسيير مرافق الدولة، والّا فإنّ الـ 28 الف طن التي وصلت اخيراً من العراق بالكاد تكفي لتسيير معمل الزهراني بكامل طاقته 14 يوماً.
استجرار الطاقة
من جهة أخرى، وفي موضوع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن، وبعد تضارب المعلومات عمّا اذا كان التأخير الفعلي هو من جانب البنك الدولي او بسبب إحجام لبنان عن تشكيل الهيئة الناظمة، تؤكّد المصادر انّه فعلياً لم يحصل لبنان بعد على ضوء اخضر للسير بهذين المشروعين، بدليل انّ البنك الدولي لا ينفك يضع الشروط، ومنها تشكيل الهيئة الناظمة ضمن أسس ومعايير معينة وكفاءات، ويقابل لبنان هذه المطالب بالتحاصّص الطائفي، فكل طائفة تريد تسمية مرشحها. عدا عن انّ السير بآلية التوظيف التي وضعها البنك الدولي لتعيين الهيئة الناظمة يحتاج إلى وقت. وهنا تتساءل المصادر، لماذا لم يطرح البنك الدولي منذ عام الآلية التي يريدها لتشكيل الهيئة الناظمة، ولماذا وضعها أخيراً مع علمه ان تطبيقها يتطلب وقتاً؟