IMLebanon

فرصة لاستعادة الدولة 25 مليون دولار… هل تُهدرها؟

 

ملفّ استئجار البواخر ذاهب إلى اللفلفة:

يبدو التعاطي قضائياً مع ملفّ الفساد والرشاوى في استئجار بواخر شركة “كارادينيز” التركية” حتى الآن، أقرب ما يكون إلى ابتكار ديبلوماسي مراوغ، تمهيداً لترك الموقوفين المتبقين رالف فيصل وفاضل رعد المزمع حصوله في الأيام المقبلة بعد شكليات استماع قاضي التحقيق الى شهادة الإعلامي هادي الامين. أساليب خفية وعلنية يسلكها القلقون من جرجرة “فاتورة الحساب” إلى حدّ كرسي الوزراء السابقين للطاقة، أساليب تنوّعت بين الواضح والغامض، وربما أوضحها هو عدم النظر في صُلب الملفّ!

 

مُلفت كان تحرّك القضاء في هذا الملفّ حدّ الثناء، إلا أنّ ما يتوارد في الكواليس مغاير تماماً. إذ أنه، وبالرغم من ايجابية خبر “إصدار الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو وعضوية المستشارين جوزف بو سليمان وبلال بدر قراراً قضى “بفسخ” قرار قاضي التحقيق في بيروت روني شحادة لناحية ترك أحد الموقوفين الثلاثة في ملفّ إستئجار البواخر التركية، وهو حسن أمهز، بسند إقامة” بل و”إصدار مذكرة توقيف في حقّه في هذه المرحلة من الدعوى”، إلا أنه عاد وقرر شحادة الإفراج عن الموقوف السمسار حسن أمهز بسند اقامة والذي يتوارد أن شخصية حزبية مُمانعة ومرموقة ضغطت بشكل شخصي لإخراجه، وبحسب معلومات لـ”نداء الوطن” يبدو أن “كل الإجراءات التي اتُخذت حتى الساعة، طبيعية وعادية جداً بل شكلية “تتريث” للوقت المناسب الذي ستفرج فيه عن البقية أيضاً، بحيث أنّ “أحداً لن يتعاطى لاحقاً في تفاصيل ومعطيات الملفّ، ولا اذا كانت الدلائل المُرفقة الذكر محقّة أو غير محقّة، كافية كانت أم غير كافية، بخاصة لما يُمكن لمسار التحقيق أن يُظهر تورّطهم واحتمالية أن تطال التشابكات كل من هو أعلى وأقوى ممّن هم في واجهة العقود لتسويات سياسية أكبر”.

 

استرداد أموال منهوبة

 

ويقول مصدر خاص لـ”نداء الوطن” إنّ في هذه القضية فرصة للدولة اللبنانية لاسترجاع 25 مليون دولار أميركي من شركة “كارادينيز” التركية التي تشغل أسطولاً من محطّات توليد الكهرباء العائمة، والتي وقّعت تعهّداً بإمضاء صاحبها “أورهان كارادينيز” يضمن ببند جزائي بالملايين أنّ “الشركة لم تعرض، لا هي ولا أي من مديريها وممثّليها ولا موظّفيها، ولم تعطِ ولم تتعهّد بالدفع للتأثير على أي موظف في الدولة يشارك في صنع القرار من أجل توقيع هذا العقد، وفي حال ثبوت أي خرقٍ لهذا التعهّد، وفي حال ثبوت أيّ سمسرات أو عمولات في هذا الملفّ من قبل مدراء أو موظّفين في الشركة (قبل أو بعد العقد) تدفع الشركة للدولة اللبنانية 25 مليون دولار كضرر عقوبة مُتّفق عليها سابقاً”. وعليه، إن أي تلكؤ كان في الملفّ واضح الوثائق والذي يُثبت سمسرات ودفع رشاوى وقبولها ومخالفات مالية فاضحة، اطلع عليها وحرّكها فوراً النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، لن يكون في مصلحة الوطن الذي أكد وزير طاقته الحالية ريمون غجر أنه قد يستحيل قريباً على مؤسسة كهرباء لبنان الحفاظ على استمرارية المرفق العام لإنتاج ونقل وتوزيع التيار الكهربائي إلى المشتركين. علماً أنّ عقد الدولة اللبنانية مع شركة “كارادينيز” ينتهي في أيلول المقبل، في ظلّ تعثّر الجانب اللبناني في دفع المستحقّات التي تفوق 100 مليون دولار متأخّرات من العام الماضي، والتي كانت الشركة قد طالبت بالحصول عليها بالدولار، وإلا الانسحاب”.

 

“بسيطة”

 

“اللي شرب النهر ما بيغصّ بالساقية”، ويبدو بحسب ما يُتداول أنّ الـ 25 مليون دولار تلك، لن تُستردّ كجزء من الأموال المنهوبة، بسبب تشابكات سياسية تربط الموقوفين بسياسيين “إذ أن الإتفاق المشبوه الموقّع بين الطرفين الموقوفين هما ممثّل شركة “كارادينيز” التركية في لبنان رالف فيصل، الرجل الذي ارتبط اسمه بصفقات كهرباء عدة (أهمها: التزام استئجار البواخر، ويمثل مع خاله شركة برايم ساوث التي التزمت عقد صيانة وتشغيل معملي دير عمار والزهراني وعليه يشغل معامل تغطي أكثر من نصف الطاقة المنتجة في لبنان ككل، والتزم مد شبكة لتوزيع الطاقة في الجنوب أو خط 66 وغيرها من التعهدات التي يلتزمها بإسم شركة الديار التي يملكها وخاله) وهو المقرّب من جبران باسيل ومستشاريه ومحسوب على التيار الوطني الحر، كما أنه في نفس الوقت ابن شقيقة نائب رئيس تيار”المستقبل” نقيب المهندسين السابق سمير ضومط. بالإضافة إلى المدعوَيْن فاضل محمد رعد وحسن محمد أمهز الذي تم تركه بضغط حزبي بالرغم من أنه قد تم توقيفه في الأصل بناء على ما ضُبط من تسجيلات وحقائق تشير إليه في التحقيق مع المدعو فاضل رعد ناهيك عن تهديده الإعلاميين قبيسي والأمين، وبالتالي إنّ الاسراع في المضي بالملفّ ليس من باب إثبات التهم واستعادة الملايين على الأقل من قبل الشركة الأمّ، بل “استعجال” بإطلاق سراح المتورطين ولو بشكل مشروط”.

 

ليست المرة الأولى التي تدور حول مؤسسة كهرباء لبنان شبهات فساد وعقود بالتراضي، وبحسب المصدر “هناك تهرب واضح من المسؤوليات بذريعة أنها مؤسسة مستقلة غير خاضعة للرقابة”. ويتساءل “لماذا حتى الساعة يتم تغييب دور مؤسسة كهرباء لبنان غطاءً ومُحاسبة؟ ولماذا لا يتم التحقيق مع إدارتها بدءاً من قصة البواخر التركية (كارادينيز) التي تعود إلى عام 2010، حين اقترح الوزير السابق جبران باسيل استقدامها (بقيمة 392 مليون دولار) بحيث تجاهلت فيها الحكومة ووزارة الطاقة حينها رسالة وجهها القنصل اللبناني في تركيا إلى وزارة الخارجية اللبنانية يشير فيها إلى أنّ “كارادينيز” ملاحقة قضائياً في باكستان وبأنّه قد تبين أنها خالفت العقد الموقّع مع هذه الدولة، وأنها كانت جزءاً من تحقيقات ترتبط بصفقات فساد بينها وبين وزراء الطاقة في باكستان… وحتى تمديد صفقة البواخر أكثر من مرة (وزادت الكلفة لتصل إلى حوالى مليار دولار) بالرغم مما صدر بحقهّا من تقارير رقابية وقضائية من ديوان المحاسبة وهيئة التفتيش المركزي تطالب بتغريمها بسبب المخالفات”.

 

ربع قرن من العجز الكهربائي والمالي في احتمال ما لا “طاقة” للشعب به، فهل فعلاً، سيضاف عبء “لفلفة” قضية على هذا القدر من الإثباتات، على كاهل ما سيحملونه من ضغائن ضدّ أملهم الأخير في المحاسبة؟!